منذ أن تلقيت دعوة إلكترونية عبر ''الفيسبوك'' منذ نحو شهر لحضور ملتقى المثقفين السعوديين وأنا أتساءل عما إذا كانت تلك الدعوة قد وجهت على اعتبار أن المنظمين يصنفوني مثقفا، أم أنها دعوة وجهت لي ولكل من في قائمة صداقة مؤسس المجموعة الإلكترونية التي خرجت إلى النور من أجل الترويج لهذا الحدث وزيادة نسبة الحضور.
لم أفكر في الموضوع طويلا فقد وصلت إلى قناعة سريعة بأن الاحتمال الثاني هو الأقرب، فأنا كما الآلاف من المهتمين بالشأن العام والمتابعين له لسنا في نظر المخططين للجوانب الثقافية في البلاد إلا أرقاما تزين المكان بحضورها الكثيف وسكوتها الواجب، فموضوع الأجندات والتوصيات التي تخرج بها مثل هذه الملتقيات هي حكر على مجموعة معينة من الأسماء تختلف مع الوقت بناء على التيار الذي يسير الأمور، وأنا ومن مثلي من الساعين لخط الوسط ليس لنا مكان في عملية التفاعل التي خصصت لتصفية حسابات المتخاصمين من طرفي النقيض.
خرجت توصيات هذا الملتقي بنقاط عديدة ربما ستحتاج إلى عقود وعقود لتنفيذها منها ما تناول أمورا واضحة بعينها ومنها ما هو هلامي مثلا ''النظر'' في (فكرة إنشاء مجلس أعلى للثقافة تمثل فيه جميع الجهات المعنية بالتراث والثقافة)، ولا أدري كيف يمكن أن تصدر توصية تدعو إلى ''النظر'' في أمر، لأن الهدف من التوصية كما أفهمها هو أن نأتي في الملتقى القادم لنرى ما تحقق في هذه التوصية، فهل نجاح تحقيق التوصية يأتي بأن قامت الجهة المعنية بالنظر للأمر؟
نظرا لضيق مساحة المقال لن أتمكن من سرد التوصيات جميعها والتي يفوق عددها القدرة والمنطق الذي تعودنا عليه من قبل الفعاليات المماثلة والتي تصدر غالبا توصيات معدودة تجنبا للمساءلة في حال عدم التمكن من إنجاز ما أوصت به، ولكن الملاحظ على توصيات ملتقى المثقفين السعوديين أنها صيغت بطريقة وكأنها ''قص ولصق'' للحظة تجلي مثقف وضع فيها أحلامه وآماله وكل العبارات التي يمكن أن تطبق في المجتمعات المتحركة ثقافيا، ولكنها في تقديري تصعب في مجتمع تجلت الممارسة الوحيدة للحراك الثقافي فيه لصراع حول ما دار في بهو فندق الملتقى ما بين ظهور شعر تلك السيدة واتهام ذلك الكاتب والمسرحية الانتقامية التي جرت على الهواء مباشرة بين الطرفين المثقفين جدا.
لن يتذكر أي منا بعد عام أي من التوصيات التي خرج بها هذا المؤتمر وربما أيقنا بأنها توصيات لا نصدقها كأفراد مجتمع مثقفين وغير مثقفين لأنها أحلام لا يمكن الإمساك بأي طرف منها، فهي لا تعدو من أن تكون كلمات هلامية وأفكارا مطاطة وعبارات تسر السامع وتضحك العقل، فكيف لأي منا أن يصدق واقعية الدعوة لإنشاء أكاديمية للفنون ومعاهد فنية لفنون السينما والتصوير الضوئي والنحت مثلا ونحن لا نملك دور سينما ونطبق المنع من التصوير في الأماكن العامة رغم وجود قرار رسمي بالسماح ونعتبر النحت صناعة للأصنام.
لست متشائما ولكني في الوقت ذاته أحزن من المستوى الذي وصلنا إليه من التلاعب في الكلمات في زمن الكلمات والعبارات المختصرة، فإن 140 حرفا كتبها الكاتب صالح الشيحي هي كل ما خرج علينا من هذا المؤتمر الثقافي الذي كشف لنا جميعا أن نسبة كبيرة من المثقفين في المملكة هم صانعو منتج ثقافي، ولكنهم لا يمكن أن يكونوا بأي حال قدوات للمجتمع على اختلاف تياراتهم، فقضية خلافية مثل ''الاختلاط'' كما قال عنها الشيخ الدكتور أحمد بن قاسم الغامدي تحولت إلى قضية رأي عام، في وقت كنا نأمل من مثقفي المجتمع أن يحولوا توصيات ملتقياتهم إلى قضايا للرأي العام لكي تناقش ويتم التفاعل بخصوصها للوصول إلى تكوين رأي عام حقيقي يدفع نحو تحويل تلك التوصيات إلة واقع معاش.
ربما المحصلة الوحيدة للأسف التي خرجت منها من هذا المؤتمر ومن خلال متابعتي له من بعيد على اعتبار أني لم أحضر فعاليته باعتباري لست مثقفا، أن الثقافة والتي تعني ''صقل النفس والمنطق والفطانة'' قد تحولت لدى بعض مثقفي بلادي ممن لم تصقل أنفسهم بالمنطق الفطن أقول تحولت النظرة إلى المرأة من مدرسة للأخلاق وتربية الأجيال وشريك في بناء الوطن إلى عقدة حقيقية وسبب لصراعات فكرية موجودة فقط في عقول من لا يرى العالم إلا من خلال تحديه لنظرة نقيضه الفكري، وأن الثقافة في بلادي تحتاج إلى أكثر من ملتقى لتنهض، فهي تحتاج إلى عقول مثقفة لا إلى وزارات وملتقيات وتوصيات صاغها كاتب متمكن.
- "هيئة السوق" تدرس 12 طلبا للطرح والإدراج في السوق الرئيسة و43 طلبا في "نمو"
- ارتفاع أصول المحافظ الاستثمارية المدارة في السوق السعودية لمستوى قياسي عند 313 مليار ريال بنهاية الربع الرابع 2023
- البنك المركزي التركي يبقى على أسعار الفائدة عند 50% رغم ارتفاع التضخم
- التعدين الركيزة الثالثة للاقتصاد السعودي ضمن "الرؤية" .. إيرادات قياسية بـ 1.5 مليار ريال في 2023
- "هيئة النقل" تلزم السائقين في أنشطة النقل بالحافلات بالزي الموحد
- "أكوا باور" تتخلى عن المرتبة الثانية لمصلحة "الراجحي" كأكبر الشركات قيمة سوقية بعد انخفاض سهمها 7 %
- انخفاض حاد لمؤشرات وول ستريت متأثرة بنتائج فصلية قاتمة وبيانات اقتصادية
- "هيئة السوق" توافق على تخفيض رأسمال "ثمار" إلى 65 مليون ريال
- 197 مؤشرا لـ"رؤية 2030" يحقق مستهدفه السنوي بشكل كامل