صندوق النقد الدولي: المخاطر المحيطة بالنظام المالي العالمي في تصاعد

صندوق النقد الدولي: المخاطر المحيطة بالنظام المالي العالمي في تصاعد

صندوق النقد الدولي: المخاطر المحيطة بالنظام المالي العالمي في تصاعد

ارتفعت المخاطر المحيطة بالاستقرار المالي ارتفاعا حادا في الأشهر الأخيرة من عام 2011، حيث تأثر النظام المالي العالمي سلبا ببطء النمو الاقتصادي واضطرابات الأسواق المالية في أوروبا وتخفيض التصنيف الائتماني للولايات المتحدة. ووفقا لتحليل صادر عن صندوق النقد الدولي، في أحدث إصداراته من تقرير الاستقرار المالي العالمي أن الأسواق المالية بدأت تتشكك في قدرة صناع السياسات على الحصول على الدعم السياسي الكبير لاتخاذ الإجراءات اللازمة على صعيد السياسات. وقال هوزيه فينالز، المستشار المالي ومدير إدارة الأسواق النقدية والرأسمالية في صندوق النقد الدولي، وهي الإدارة التي أصدرت التقرير، “إننا في خضم أزمة ثقة تلقي بأعبائها على الاقتصاد والنظام المالي”، مشيرا إلى أن التحسن في الاستقرار المالي على مدار السنوات الثلاث الماضية قد انعكس مساره إلى حد ما. وأفاد التقرير بأن تراكم الديون أو الأصول التي فقدت قيمتها فرض ضغوطا على الميزانيات العمومية ــــ وهي بمثابة صورة لحظية للأصول والخصوم لدى أي حكومة أو مؤسسة مالية أو أسرة معيشية. وقد صدر تقرير الاستقرار المالي العالمي في اليوم التالي لصدور توقعات الصندوق بشأن النمو العالمي والدين والعجز الحكومي، والتي تظهر تعافيا ضعيفا ومضطربا من الأزمة. #2# التحديات العالمية أدى عدم إحراز تقدم في مجال إصلاح الميزانيات العمومية إلى تصاعد المخاوف بشأن الصحة المالية للحكومات في الاقتصادات المتقدمة، والبنوك في أوروبا، وقطاع الأسر في الولايات المتحدة. وفي أوروبا، امتدت المخاوف بشأن مستويات الدين الحكومي إلى النظام المصرفي في المنطقة، مما أدى إلى زيادة تكلفة القروض التي تتحملها بنوك كثيرة وانخفاض قيمتها السوقية. وتشير تقديرات صندوق النقد الدولي إلى أن مخاطر الائتمان السيادي التي تعرضت لها البنوك في عدد من البلدان الأوروبية قد ارتفعت منذ بداية عام 2010 بنحو 200 مليار يورو. ولا يمثل هذا الرقم مقياسا لاحتياجات البنوك من رأس المال، بل هي تقريب لزيادة مخاطر الائتمان السيادي التي تعرضت لها البنوك على مدار العامين الماضيين. وفي الولايات المتحدة، زادت المخاوف بشأن قدرة الحكومة الأمريكية على مواصلة تحمل الدين في الأجل الأطول، وما لم يتم التصدي لهذه المخاوف، فمن الممكن أن تثير المخاطر السيادية مرة أخرى مع ما يصاحبها من عواقب عالمية وخيمة. وفي الوقت نفسه، لا تزال الأسر الأمريكية تواصل العمل على إصلاح الخلل في ميزانياتها العمومية وهي عملية أثرت سلبا في النمو الاقتصادي وأسعار المساكن وفي البنوك الأمريكية. أسعار الفائدة المنخفضة قال صندوق النقد الدولي إن انخفاض أسعار الفائدة، رغم ضرورته لمساعدة الاقتصادات المتقدمة على دعم النمو، قد يؤدي إلى تهديدات أطول أجلا يتعرض لها الاستقرار المالي. فالسعي إلى تحقيق عائدات أكبر على الاستثمار يدفع بعض القطاعات في الاقتصادات المتقدمة، كتجار المناقلة وصناديق التحوط، إلى اقتراض مزيد من الأموال لاستثمارها، مما يهدد بزيادة التدهور في جودة الأصول إذا ما حدثت صدمات مالية أو اقتصادية جديدة. وفي الوقت نفسه، تشهد أسواق ناشئة عديدة نموا سريعا في القروض وتقترض مزيدا من الأموال لتمويل استثماراتها، وقد يتسبب ذلك في نشأة ضغوط النشاط الاقتصادي المحموم، وحدوث تراكم تدريجي في الاختلالات المالية، وتدهور في جودة الائتمان. وإذا ما اشتدت المخاطر المحيطة بالاستقرار العالمي، فقد تتعرض الأسواق الصاعدة إلى مخاطر الخروج المفاجئ للتدفقات الرأسمالية والتوترات المالية. حان وقت العمل للتصدي للأزمة الحالية، يقول صندوق النقد الدولي إنه يتعين على صناع السياسات التحرك بسرعة وحزم بشأن مجموعة من السياسات، منها تعزيز الميزانيات العمومية الحكومية في الولايات المتحدة وأوروبا واليابان من خلال استراتيجيات موثوقة لتخفيض الدين والعجز الحكومي خلال الأعوام القليلة المقبلة، كما يتعين على البنوك في الاتحاد الأوروبي مواصلة بناء رؤوس أموالها الوقائية الكافية لمساعدتها على التواؤم مع انتقال الآثار الانتشارية من الحكومات الأكثر تعرضا للمخاطر، وعليها أيضا تعزيز ميزانياتها العمومية لدعم التعافي الاقتصادي. وقد يتطلب الأمر زيادة رأس المال في بعض البنوك شديدة الاعتماد على التمويل بالجملة والمعرضة لديون عامة أخطر، وبالنسبة للبنوك الأضعف فينبغي إما إعادة هيكلتها أو تصفيتها. وأضاف الصندوق أنه ينبغي العمل خلال عام 2012 على تحسين الميزانيات العمومية للأسر الأمريكية المثقلة بالدين من خلال اعتماد برنامج طموح لتعديل الرهن العقاري ينطوي على تخفيض أصل الدين، كما ينبغي أن تحد الأسواق الصاعدة من تراكم الاختلالات المالية حتى تظل قادرة على تحمل صدمات مالية في المستقبل، وأن تواصل بناء نظم مالية قوية تساعدها على تطوير اقتصاداتها، واتباع سياسات احترازية كلية أن يساعد على احتواء المخاطر على مستوى النظام في القطاع المالي. ودعا صندوق النقد إلى سرعة الانتهاء من إصلاحات التنظيم المالي العالمي وتنفيذها على نحو متسق في مختلف البلدان، حيث يشمل ذلك معالجة المؤسسات المالية المؤثرة في النظام وتقوية البنية التحتية للأسواق، ومواجهة التحديات التي يفرضها قطاع الظل المصرفي. وأضاف «إن الوضع الحالي ناجم عن عدم اتخاذ إجراءات حاسمة على صعيد السياسات لمعالجة أسباب الأزمة المالية التي بدأت في عام 2008 وما خلفته من تركة». وقال الصندوق إن المسار المؤدي إلى التعافي المستمر أصبح ضيقا لكنه لم ينقطع.
إنشرها

أضف تعليق