هل تسببنا في غلاء الأسعار؟

يمتعض الناس عادة من ارتفاع الأسعار لأي بضاعة كانت، ويكون الامتعاض أكثر حين تكون تلك السلع أو الخدمات الاستهلاكية من ضروريات الحياة. ومع النمو المتزايد في الاقتصاد والذي عادة ما يصاحبه تضخم يشهد الاقتصاد السعودي كغيره ارتفاعاً في مستوى الأسعار إجمالاً. وهذا شأن اقتصادي نظري لا مناص منه، غير أن المهم أن يكون الارتفاع أو الزيادة في حدود معقولة، حيث يسعى صانع القرار الاقتصادي دوماً إلى ضبطه وكبح جماحه.
وقرأت ذات مرة عن حادثة اقتصادية حصلت في بريطانيا في الستينيات من القرن الماضي وذلك عن الطماطم، حيث ارتفعت الأسعار لهذا المكوّن المهم في المطبخ البريطاني، وبدأت الشكوى من المواطنين، وتزايدات المطالبة للدولة بأن تتدخل في ذلك الوقت، بيد أن الرد من المسؤولين الحكوميين هو أن الاقتصاد البريطاني اقتصاد حُر ولا تتدخل فيه الدولة بشكل مباشر، خصوصاً في الأسعار، بل تُترك لقوى العرض والطلب.
ولكن وزير المالية أو الاقتصاد آنذاك خرج للمواطنين بالقول إن مَن يتحكم في أسعار الطماطم يجب أن يكون ربات البيوت.
ووجدت هذا المقولة صدى عملياً، حيث قاطعن الطماطم حتى إنه خلال أسبوع فقط بدأت أكوام الطماطم ترى في الشوارع؛ لتعذر تخزينها وعدم وجود آلية عملية لحفظها في ذلك الوقت، ما تسبّب في إنزال السعر لدرجات متدنية ومقبولة لدى المستهلك البريطاني.
والمقصد هنا أننا في أغلب الأحيان حتى وإن تدخلت الدولة في الحد من جشع بعض التجار، يجب أن يكون لدى المستهلك وعي كاف لقبول مستويات فعلية معينة لبعض السلع أو الخدمات التي ارتفعت أسعارها بشكل غير معقول.
ولذا فالواجب أن نثمّن كل بضاعة بمستواها السعري المعقول وعدم الإصرار على استهلاكها بأي سعر، خصوصاً أن البعض، بل إن كثيراً منها لا يرقى إلى مستوى الضرورة، بل إن خيارات أخرى وبدائل ربما تقوم عوضاً عنها.
إن الذي يحدّد السعر يجب أن يكون المستهلك بالدرجة الأولى، بل هو العامل الرئيس في التحديد، وبالطبع لا يقلل من أهمية التنظيم وفرض القانون في إطار مكمل للضبط، ويجب أن يكون لدى العامة قناعات بقبول الأسعار من واقع قوى الطلب، وعليه فلا يجب أن يُلزم المُشرّع بتحديد سعر معين، خصوصاً أننا نعيش في اقتصاد ناشئ ينقصه بعض الجوانب التنظيمية الملزمة للبائع.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي