استقطاع جزء من الأرض كرسوم عند الاحتكار أفضل الحلول للأزمة الإسكانية

كثر الحديث وتعددت المقترحات المطالبة بحل مشكلة احتكار الأراضي وبضرورة وضع حد لارتفاع أسعار الأراضي غير المبرر، وتركزت الحلول على اتجاهين، الأول الزكاة على الأرض ووضع تنظيمات لها وجبايتها. والاتجاه الثاني فرض الرسوم على امتلاك الأراضي، والمقصود منه دفع رسوم على تملك الأرض واحتكارها والعامل المشترك بين المطلبين (الحلين) دفع مبالغ نقدية مقابل الاحتكار. سنحاول هنا عرض مقترح آخر أسهل تنفيذا، وقد يخدم ويناسب الغرض أكثر، كما سيظهر عند مقارنته بمقترح فرض الرسوم والزكاة (لا نطالب بإلغاء هذين الحلين، بل نطالب بها أو بحل بديل عنها، كما سيتضح). ونضع هذا المقترح بين يدي الأمير الدكتور منصور بن متعب بن عبد العزيز، وزير الشؤون البلدية والقروية، حيث إن هذا الحل المقترح يندرج بالكامل ضمن تنظيمات الوزارة أولا، وثانيا؛ لثقتنا الكبيرة في حرصه على حل هذه الأزمة أزمة الإسكان وفك احتكار الأراضي. فقد دخلنا في أزمة إسكانية وصلت لمراحل متقدمة من التعقيد، فالاستثمار في العقار فقد معناه وتحول إلى احتكار ومضاربة وفوضى سوقية (كما حدث في سوق الأسهم فتغيرت المسرحية وخشبة المسرح وبقي الممثلون ليلعبوا أدوار البطولة بالمشاركة مع من سبقهم في مسرحية سوق العقار وبخبرات جديدة من سوق الأسهم)، وانعكست نتائج الاستثمار سلبا فأصبح نقمة يجذب مواطنا من تحته إلى خط الفقر ويدفع بالآخر من فوقه بعيدا تحت خط الفقر وانتقلت مصاريف ضروريات الطبقة المتوسطة إلى أرباح في أيدي المحتكر تحت مسمى أرباح سوق العقار. والسؤال الكبير: إلى متى ستقف الدولة تراقب ولا تتدخل وكأن الأمر لا يعنيها؟ والجواب الطبيعي المتوقع أنها ستتدخل قريبا وخلال أشهر قلائل لتضع حدا لما يحدث، فلم يعد الأمر تجارة أو سلعة أو استثمارا، بل صار الأمن والأمان في السكن والإسكان. وليس منا ببعيد ما حدث في سنوات سابقة عندما اتخذت الدولة قرارا شجاعا بإلغاء حرية تأجير العقار حلا لأزمة السكن، وأصدرت وقتها وللمصلحة العامة أنظمة خاصة تناسب تلك الظروف. ومن الأسهل عليها اتخاذ قرار مناسب مشابه على الأراضي واحتكارها عندما ترى ذلك ضروريا، ولا تخفى ضرورة اتخاذ ذلك القرار الآن.

الزكاة ورسوم أو ضريبة الأرض
فيما يلي نعرض ما يمكن أن يواجه مقترح الزكاة ومقترح فرض الرسوم من تلاعب يفقدهما الهدف من تطبيقهما ومن صعوبات قد تقف عائقا لتطبيقهما وتأخر تنفيذهما، ويتضح لاحقا من هذا العرض أن الحل المقترح يتفادى هذه النقاط. فمجتمع سوق العقار الرافض تماما لفكرة دفع أي مبالغ مالية مقابل ملكية الأرض يقف بكل ما يملكه من تأثير كبير على اتخاذ القرار في وجه أي مقترح في هذا المنحى، بل وحتى الزكاة فيها أكثر من رأي عندهم مع أن البعض يدفع الزكاة بطريقته الخاصة والبعض الآخر يجد المخرج المناسب للتهرب من الدفع بالتدوير قبل الحول وأساليب أخرى لا علم لنا بها. ويعتقد الكثير أن فرض رسوم على امتلاك الأراضي وجباية الزكاة بصفة رسمية ومتابعة ذلك من جهة معينة يعد مؤثرا مهما لحل مشكلة احتكار الأراضي، ولكن تطبيق نظام فرض الرسوم أو جباية الزكاة على الأراضي يحتاج إلى وضع نظام شامل متكامل؛ حتى يتحقق الغرض منه وقد يحتاج إلى سنوات في ظل البيروقراطية وتداخل الصلاحيات بين الوزارات وتعارض القرار مع مصلحة أصحاب الرأي والمستشارين. إضافة إلى ذلك هناك العديد من الصعوبات المباشرة مثل غياب الأدوات والآلية التي يتم بناءً عليها احتساب المبالغ المطلوب دفعها. والمهم من هذا كله الأمور الشرعية والنظامية والتي قد تكون أكبر عائق يقف في وجه تنفيذ تنظيمات بخصوص الزكاة والرسوم على تجارة الأراضي.
وهناك العديد من الأمور الأخرى المتعلقة بصعوبة التنفيذ، ونورد أهمها مدمجة هنا:
تحديد مقدار الرسوم أو الزكاة هل تحسب بناءً على سعر الأرض الحالي أو سعر الشراء أو مقدار الزيادة في السعر أو تقديرات واعتبارات أخرى.. وهل هذا السعر ثابت أم متغير، وفي أي شهر يتم التقدير وغيرها وغيرها، ومع أن جزءا من هذه أمور شرعية (الزكاة) تحددها جهات الاختصاص، إلا أننا أوردناها هنا لنبين صعوبة تحديد مبلغ الزكاة أو الرسوم وهل للمساحة أي اعتبارات أخرى.

وقت الدفع سنوي أم فصلي وكيفية احتساب المدة وتنظيم عملية الدفع
لا توجد طريقة سهلة لمعرفة من يملك الأرض إن كانت مسجلة في السجل العقاري، ومن الصعب التعرف على المالك الحالي للأرض ومدة امتلاكه للأرض وكيفية الوصول إليه.
هناك صكوك مخبأة وغير مسجلة ولا يعلم بها إلا عدد محدود من الأشخاص تنتظر مشروع طريق أو مشروع حكومي إسكان أو توزيع منح لترى عندها هذه الصكوك النور وتظهر عندها للاستفادة من اقتراب الخدمات أو المشاريع إليها، أو لتكون ورقة مفاوضة رابحة وإلا فإنها حجر عثرة في سبيل إيقاف وتعثر المشاريع، ومشاريع السيول والطرق خير دليل على ذلك. ومثل هذه الحالات وهي الأكبر مساحة لن تتأثر بالزكاة أو فرض الرسوم؛ لأنها في عالم المجهول ولا يمكن اعتبارها عامل ضغط على سوق العقار لإعادة الأسعار إلى وضعها الطبيعي.
حالات التهرب أو رفض الدفع أو عدم القدرة على الدفع وكيفية التعامل معها.
إضافة إلى الطرق التي يتم اكتشافها مستقبلا للتلاعب والتحايل المتوقع.

الحل المقترح
يندرج هذا الحل بالكامل ضمن تنظيمات وزارة الشؤون البلدية، حيث إن الوزارة ممثلة في الأمانات والبلديات تفرض شروطا تنظيمية للمخططات عبارة عن مساحات تخصص منها نسبة الشوارع والارتدادات والمواقف والأسواق التجارية ومساحات أخرى أساسية للمساجد والمدارس والحدائق وتحديد مواقعها داخل حدود الأرض (المخططات). كما أن هناك اختزال مساحة من قطع الأرض الركنية (الصغيرة جدا) لصالح الطريق أو مساحات لجهات معينة أخرى، محطات الكهرباء لشركة الكهرباء مثلا، وكل هذه المساحات تنظيمية دون أي تعويضات. وهذا هو مفتاح الحل المقترح، وهو:
تخصيص مساحة تنظيمية لصالح وزارة الشؤون البلدية وتقدر بنسبة 1 في المائة شهريا من مساحة الأرض كمساحة تنظيمية (1 في المائة لكل شهر احتكار)، وذلك إذا كانت مساحة الأرض أكبر من عشرة آلاف متر مربع. ومساحة تنظيمية أخرى 1 في المائة لأي عملية بيع تتم.
الأرض الكبيرة التي تزيد مساحتها على 50 ألف متر مربع (يخصص 10 في المائة كمساحة تنظيمية مع بداية تطبيق النظام، إضافة إلى الواحد بالمائة 1 في المائة شهريا، و1 في المائة مقابل كل عملية بيع).

تفاصيل الحل المقترح كيفية التطبيق
يطبق هذا التنظيم بتحديد مساحة من الأرض، وهذه المساحة ستكون في مجملها قطع أراض تمثل احتياطيا كبيرا ومهما جدا، ملكا للدولة ممثلة في وزارة الشؤون البلدية توفر لخدمة مشاريع الإسكان أو أي مشاريع أخرى.
لأول وهلة تبدو عملية التطبيق على أرض الواقع صعبة أو مستحلية، ولكنها أسهل مما نعتقد؛ وذلك لأن التنفيذ لا يتطلب البحث عن أصحاب الأراضي ومالكيها لمطالبتهم بدفع ما عليهم من مستحقات، وإنما تتم هذه العملية فقط عند نقل ملكية الأرض عند المبايعة في كتابة العدل، وذلك بكتابة المساحة المخصصة لوزارة الشؤون البلدية للإسكان الجديدة للأرض عند المبايعة وإصدار الصك الجديد باسم آخر مالك للأرض وبالمساحة الجديدة بعد تحديد المساحة التنظيمية الخاصة بالإسكان (مساحة فقط دون تحديد للموقع على الطبيعة) وتزويد الأمانة بصورة من الصك الجديد. وسيتم تسجيل الأرض في سجل الأمانة إذا لم تكن مسجلة أصلا، أو التنويه بالمساحة التنظيمية إذا كانت الأرض مسجلة، وحتى إذا لم تتم هذه العملية فإنها لا تؤثر على الحل كما سيتضح. وتبدأ وزارة الشؤون البلدية والقروية بناء قاعدة بيانات بسيطة وسريعة (بالأراضي المسجلة) وتحتوي على جميع البيانات عن هذه الأراضي التنظيمية موقعا ومساحة وتحديد المناسبة منها لمشاريع الإسكان. وبناءً على التنظيمات تستطيع الوزارة معرفة جميع الأراضي المخصصة لها موقعا ومساحة، وهي قابلة للزيادة شهريا بمساحة تساوي 12 في المائة سنويا من مساحة الأرض المذكورة في الصك طبقا لهذا التنظيم.

نورد الحالات التالية للتوضيح
الحالة الأولى: مساحة الأرض أقل من أو تساوي 50 ألف متر مربع، وعلى فرض أن المساحة 50 ألف متر مربع، وتمت عملية البيع (1 في المائة مساحة تنظيمية نتيجة البيع) بعد تسعة أشهر من تطبيق النظام (9 في المائة مساحة تنظيمية) واستفاد المالك الجديد من الأرض وأقام عليها مشروعا، فإن المساحة التنظيمية خمسة آلاف متر مربع، والمساحة للمالك الجديد لإقامة مشروع 45 ألف متر مربع. وإذا لم يستفد المالك الجديد من الأرض ولم يستغلها لمشروع، بمعنى إذا احتكرها للاستثمار، فإنه ينطبق عليه التنظيمات السابقة، وبالطبع هناك مساحة تنظيمية أخرى 1 في المائة شهريا مدة الاحتفاظ بالأرض، إضافة إلى 1 في المائة عند البيع وهكذا.
الحالة الثانية: لو فرضنا أرضا مساحتها مليون متر (10 في المائة تنظيمية نظير المساحة) وبيعت (1 في المائة نظير عملية البيع) بعد أربعة أشهر (4 في المائة نظير مدة الاحتكار) من صدور النظام فستكون المساحة المتاحة للمالك الجديد هي 850 ألف متر مربع، حيث تم تخصيص المساحة التنظيمية (15 في المائة) والبالغة 150 ألف متر مربع) لمشاريع الدولة ومنها الإسكان.
مثال آخر أرض 90 ألف متر مربع وبيعت بعد شهرين تنقل ملكيتها للمالك الأخير بعد تخصيص واختزال مساحة 11.700 متر مربع تنظيمية للإسكان ما يساوي 13 في المائة من مساحة الأرض في هذه الحالة.

تفاصيل عن التنظيم المقترح
تحديد موقع المساحة التنظيمية الخاصة بالإسكان ومقدارها عند تقديم صك الأرض للحصول على رخصة مشروع أو استخراج كروكي يصدر حسب التنظيم الجديد.
يطلب تسجيل الصكوك غير المسجلة، مع أن غالبية الصكوك مسجلة في السجل العقاري بناء قاعدة بيانات مبنية من معلومات السجلات بالأمانات والبلديات عن الأراضي التي ينطبق عليها التنظيم.
لا ينطبق التنظيم على أراضي المشاريع الحاصلة على تصاريح حاليا إلا في حالة البيع أو طلب التجديد قبل البدء في التنفيذ أو إلغاء المشروع.
كيف تحصل الوزارة على المساحات التنظيمية من الأراضي إن لم تتم عملية بيع أو طلب تصريح؟ في هذه الحالة وعند الحاجة إلى الأراضي تقوم الوزارة (بالرجوع إلى قاعدة البيانات) بالمطالبة بهذه المساحات التنظيمية وتحديد مواقعها داخل الأراضي ويتم احتساب مساحتها بناءً على مدة الاحتكار وفقا للتنظيم، وهناك مساحات مستقبلية سيتم احتسابها إذا بقيت الأرض محتكرة وغير مستفاد، ومنها مدد أخرى.

التحايل على هذا المقترح
السؤال الذي يطرحه نفسه هل بالإمكان التحايل والتلاعب والتهرب بسهولة من تطبيق هذا الحل، وبالتالي ينتج عدم جدوى تنفيذه لمعرفة ذلك نورد بعض أمثلة لتوضيح أن التلاعب (على الأقل مع هذه الحالات) لا يفيد مع هذا الحل:
الاحتفاظ بالأرض لعدة سنوات ثم بيعها يعتبر وسيلة غير مجدية، فعلى فرض أنه احتفظ بالأرض لمدة سنتين بعد صدور التنظيم وتطبيقه فمعنى ذلك أن 35 في المائة (إذا كانت المساحة أكبر من 50 ألف متر مربع) أو 25 في المائة من مساحة الأرض أصبحت من الأراضي التنظيمية المخصصة للإسكان (أو أملاك دولة) لتنفيذ المشاريع عليها أو ما يساوي 350 ألف متر مربع إذا كانت مساحة الأرض مليون متر مربع.
تقديم طلبات على مشروعات قد تكون وهمية مدارس، معاهد، مستشفيات، هذه لن تفيد؛ لأن هذه المشروعات تحتاج إلى تصاريح خاصة بشروط ومدة محددة للتنفيذ، ومن السهولة اكتشاف التحايل عند إصدار تصاريح البناء، وعند بيع الأرض ولم ينفذ المشروع ستعامل وفقا للتنظيم الجديد.
تقديم طلب لتطوير الأرض وبيعها مخططا يدخل هذا ضمن التنظيم 10 في المائة للإسكان، إضافة إلى مساحة تنظيمية أخرى نتيجة التأخير، إن حصل تأخير، عن المدة المحددة لمشروع تطوير الأرض. إضافة إلى اشتراط على المطور عدم بيع أكثر من قطعة واحدة للشخص الواحد، وعرض، بلا استثناء، جميع القطع للبيع.

بعض إيجابيات هذا الحل المقترح
لا نحتاج إلى معرفة سعر الأرض أو تقدير سعر المتر (لا نحتاج إلى نظام للتثمين)، بمعنى سهولة التطبيق مقارنة بفرض الرسوم أو جمع أو جباية الزكاة لا يتطلب هذا المقترح دفع أي مبالغ مالية وبالتالي لا يوجد أي فرصة للتبرير والاحتجاج أو التعذر بعدم توافر السيولة لدفع مبالغ الرسوم أو الزكاة.
أي عملية بيع ينتج منها مساحة تنظيمية 1 في المائة للإسكان ستوقف عملية التدوير (أو على الأقل تساعد على جعلها محدودة) وإعادة البيع لرفع الأسعار وإيهام السوق بحجم حركة البيع ورفع السعر. يساعد على وقف عملية المضاربة ولو أنها محدودة في هذا المستوى فهذا التنظيم للمساحات الكبيرة.
توفير مساحات كبيرة من الأراضي وفي جميع أرجاء المملكة بلا استثناء وتعد مواقع مناسبة للمباني الحكومية ومشاريع الخدمات والمرافق.
لا يتأثر المواطن سلبا بهذه التنظيمات؛ فهي لا تشمل الأراضي الصغيرة والتي عادة يمتلكها المواطن العادي، بصرف النظر عن تجار الأراضي ممن يمتلك أعدادا كبيرة من الأراضي صغيرة المساحة (مستقبلا يمكن تنظيم ذلك).

نتائج ومخرجات
لو فرضنا أن هناك أراضي محتكرة غير مستفاد منها بمساحات مختلفة ومواقع متفرقة في 100 مدينة، ولو فرضنا أن متوسط هذه المساحات 25 كيلو مترا مربعا فقط (ما يساوي أرضا مربعة طولها خمسة كيلو مترات) في عدد 100 مدينة من مدن المملكة البالغة أكثر من 200 مدينة، فإن إجمالي هذه المساحات يبلغ على الأقل 2500 كيلو متر مربع. وهذه المساحة توفر للإسكان، حسب التنظيم مساحة أكبر من 300 كيلو متر مربع سنويا ما يكفي لبناء مليون ونصف وحدة سكنية موزعة على المدن وما جاورها (وتمت عملية الاستنتاج وفقا لمعايير وزارة الإسكان خمسة آلاف وحدة سكنية لكل كيلو متر مربع واحد)، ولو نفترض أن هذه التنظيمات سيتم تطبيقها بنجاح لسنة واحدة فقط أو أقل بقليل فإنها تتوافر للإسكان مساحات تكفي لبناء أكثر من 150 ألف وحدة سكنية سنويا ولمدة عشرة سنوات لتكمل الاستراتيجية العامة للإسكان.

تحليل الفرضيات والنتائج والمخرجات
دراسة الحل مبني على فرضية وجود ما مجموعه 2500 كيلو متر مربع من أراضٍ محتكرة موزعة على مساحة المملكة والتي بها أكثر من 200 مدينة، وهذه الفرضية متواضعة بكل المقاييس، كما أن هناك تناسبا طرديا بين كبر المساحة التي يمكن توافرها في مدينة معينة وعدد الوحدات السكنية المطلوبة لتلك المدينة. في الوقت نفسه نجد أن هذه التجربة أو هذا الحل المقترح يكفي لنجاحه (بحول الله) الحصول على 30 كيلو مترا مربعا ما يساوي 10 في المائة فقط من إجمالي المساحة التنظيمية التي تتوافر سنويا والبالغة 300 كيلو متر والمستنتجة من الفرضية السابقة 2500 كيلومتر، علما بأن وحدها العاصمة الرياض يوجد بها أراضٍ بيضاء داخل النطاق العمراني أكبر من هذه الفرضية، وهذه مؤشرات نجاح (للحل) عالية جدا بكل المعايير.

نظرة مثيرة للجدل
يعتقد البعض أن فرض الرسوم أو الضرائب أو الزكاة لن تؤدي إلى خفض الأسعار، بل ستزيد من سعر متر الأرض ويتحملها المواطن المستفيد الأخير (ووجهة نظر أخرى تفترض أن الزكاة يدفعها الملاك وبالتالي جبايتها من جهة رسمية لن تؤثر في خفض الأسعار)، وإننا مع من الرأي الذي يؤيد الرسوم والزكاة وأن هذه المبالغ المدفوعة ليس لها تأثير على زيادة الأسعار، بل ستؤدي إلى خفض الأسعار، (وممن ناقش هذه النقطة منطقيا وبعمق معرفي عصام الزامل واستنتج أن فرض الزكاة أو الرسوم لن يؤدي إلى زيادة الأسعار)، والحل المقترح هنا بتخصيص نسبة من المساحة الكلية للأرض سينهي هذا الجدل (ظاهريا على الأقل)، فالسعر الإجمالي للأرض لن تطرأ عليه أي زيادة وليست هناك أي مبالغ مدفوعة تستخدم كمبرر وعذر واهٍ لمصاريف وتكلفة إضافية لرفع السعر مع أن المساحة اختزلت (بصرف النظر عن مناقشة ما قد يطرأ على الأسعار من زيادة أو نقصان لأسباب أخرى). ولو حافظت الأرض على سعرها الافتراضي (سعر العرض) لترتب عليه طلب زيادة في سعر المتر نتيجة لنقص مساحة الأرض، ويقابل ذلك تردد الراغب في الشراء، هل يدفع المبلغ المطلوب والمحدد من المالك (سابقا) ثمنا للأرض وكمية أمتار أقل؟.. طبعا لا، ويبدو هذا السيناريو وينعكس على صورة انخفاض في الأسعار. وكيف يتعامل من أراد الشراء مع هذا الوضع وهو يعلم أنه إذا اشترى الأرض فإنها تنطبق عليها التنظيمات الجديدة وكل شهر يحتفظ بها ستكون هناك مساحات تنظيمية 1 في المائة مستقطعة للإسكان. وهكذا تنتهي عملية الشراء لمجرد امتلاك الأرض وكذلك الشراء لاحتكار الأرض أو الاحتفاظ بها لعدة سنوات والمساهمة بطريقة مباشرة أو غير مباشرة في رفع أسعار العقار.

الخلاصة
يركز الحل المقترح على كيفية توفير أراضٍ لحل مشكلة احتكار الأراضي، ونظريا هذا هو المطلوب.
التنظيم لا يشمل الأرضي الصغيرة التي يملكها المواطن العادي لغرض البناء والسكن أو استثمارا بسيطا وحدات سكنية تأجيرا أو بيعا.
يساعد هذا الحل على فك احتكار الأراضي الذي يعانيه المواطن؛ فالمساحة التنظيمية التي ستخصص للدولة تجعل الاحتفاظ بالأرض غير مربح وكلما طالت مدة الاحتكار كبرت المساحة التنظيمية وتتحول عملية الاحتكار إلى منافسة بين تجار العقار، والخاسر هو من يحتفظ بالأرض أو يشتريها بغرض تحقيق أرباح مقابل الاحتفاظ بها (احتكارها) مدة معينة دون أي مجهود.
الحد من ارتفاع أسعار الأراضي، فعلى الرغم من أن سوق العقار تعاني حاليا ركودا في حركة البيع وثباتا، بل انخفاضا لا يعترف به تجار العقار، إلا أن هذا الحل سيضع حدا لزيادة الأسعار، بل سيعيد الأسعار إلى وضعها الطبيعي كما سبقت المناقشة.
هل ستتجه السيولة إلى قطع الأراضي الصغيرة؛ مما يؤدي إلى ارتفاع الأسعار؟ الجواب لا، ويمكن مناقشة ذلك مستقبلا بالتفصيل. المكسب الحقيقي هو توفير أراضٍ للدولة وبمساحات متنوعة صغيرة جدا مئات الأمتار المربعة، وكبيرة جدا تصل إلى مئات الآلاف من الأمتار وفي مواقع عديدة وبصفة دورية تتزايد مساحة وعددا سنويا بل شهريا مما يفتح المجال أمام مشاريع متنوعة يطول الكلام في ايجابياتها.
النسبة المقترحة للتنظيم 1 في المائة شهريا تعتبر نسبة معقولة جدا، خاصة أنها تركز على المساحات الكبيرة، ومن الأفضل زيادة هذه النسبة.
يغلب على هذا الحل سهولة وبساطة التطبيق ومرونة التنفيذ، في الوقت نفسه لا يطالب ملاك الأراضي بدفع أي مبالغ نقدية، هذا ما يجعله مناسبا للوضع الراهن للعقار.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي