سلمان المهام الصعبة .. مجموعة إنسان ومركز تنموي

مناسبة وطنية عزيزة مقرونة بالثقة والتفاؤل والطموح لصدور أمر خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز - يحفظه الله - بتعيين الأمير سلمان بن عبد العزيز وزيراً للدفاع. مناسبة وطنية عزيزة تدعونا إلى مدارسة مجموعة من دروس المهام الصعبة في مسيرة الأمير سلمان في خدمة دينه ومليكه ووطنه من خلال ما جسده - يحفظه الله - خلال نصف عقد من الزمن من دور تاريخي رائد في مسيرة تنمية منطقة الرياض وتطورها بكل مقوماتها التعليمية، الصحية، الاقتصادية، الاجتماعية، والأمنية.
كانت الحركة التجارية في مدينة الرياض تنحصر في ساحة الصفاة لما تمثله من مركز المدينة وملاصقتها لجامع الإمام تركي بن عبد الله وقصر الحكم. مثلت ساحة الصفاة نقطة التقاء لمجموعة من الأسواق التجارية. السوق المسقوف، سوق الهدم، سوق الخرازين، سوق النساء، سوق الجزارين، مجلب الغنم، سوق العلف، دخنة، والحراج. جميعها أسواق تجارية تباينت أنواعها بتباين منتجاتها التجارية المتداولة. ارتكزت هذه الأسواق في تعاملاتها المالية إلى الخدمات المقدمة من شارع الصرافين ذي دكاكين الصرافة القليلة المصطفة جنوب الجامع الكبير. أسهمت هذه الأسواق في تلبية احتياجات سكان الرياض، وما جاورها من المنتجات والخدمات المختلفة. واعتمدت هذه الأسواق في تلبية الاحتياجات على نشاط مينائها البري في ذلك الوقت، المقيبرة، وما شكلتها المقيبرة من نقطة وصول الجمالين من الطرق التجارية الأربعة الرئيسة: الهند عبر الأحساء، الكويت عبر الزلفي، الشام عبر الرس، والحجاز عبر القويعية.
اعتمدت الحركة التجارية في مدينة الرياض على ثلاثة مقومات رئيسة. الأول، الأمن وما وفره الحامي، والحفور، والسور من حماية لمدينة الرياض، وعلاقتها بأحباس التقاضي حول ساحة الصفاة. والثاني، العلم وما وفرته حلقات المساجد، وحلقات البيوت، وحجر الأطفال من نظام تعليمي، وعلاقتها بآليات التعليم المختلفة كالدخالة، والكسوة. والثالث، الصحة وما وفرته دكاكين بن مهيني، وأبو عون وبن دكان من خدمات صحية مختلفة، وعلاقتها بأعشاب التطبيب البرية المنتشرة في البراري المجاورة.
حظيت منطقة الرياض في العاشر من رمضان من عام 1382هـ بتعيين الأمير سلمان أميراً لها بعد فترة الإمارة الأولى خلال 1374 - 1380 هـ. سلّط الأمير سلمان بعد تعيينه أميراً لمنطقة الرياض الضوء على رؤيته لمستقبل عاصمة سياسية ناشئة تتطلع إلى أن تأخذ مكانها الطبيعي ضمن العواصم العالمية بما يتناسب ومكانتها السياسية والثقافية كعاصمة للسعودية. حيث قال: ''إنني أرحب بكل اقتراح من المواطنين هدفه تجميل مدينة الرياض''، ''نجاح أو فكرة المجلس البلدي مسألة تتعلق بالمواطنين ومدى إدراكهم لمهمته''، ''رائدنا الابتعاد عن الروتين وسرعة إنهاء قضايا المواطنين''، ''إنني في سبيل دراسة عدد من المقترحات الرامية إلى إيجاد عدد من وسائل الترفيه البري في الرياض''، ''سيتم إنشاء سدود حول الأودية التي تحيط بالرياض قريبا''، و''هناك الكثير الذي يمكن قوله عن مشاريع المياه وأعمالها، ولكننا نفضل أن يتحدث العمل عن نفسه''. (جريدة الجزيرة، العدد الأول، ص 1، تاريخ 30/6/1964م).
من أوائل أعماله عند توليه الإمارة أن وضع مخططاً استراتيجيا بعيد المدى لمدة 50 عاماً لما ستكون عليه الرياض في 2000 - بعون الله تعالى وتوفيقه. يقول أمين مدينة الرياض خلال الفترة (1966 - 1976م) الأمير عبد العزيز بن سلمان بن ثنيان - يرحمه الله - واصفاً الهدف من مخطط الرياض الاستراتيجي، ''الهدف الذي من أجله وضع المخطط هو أن يقوم العمران والنمو في المدينة على أساس سليم وضمن خطة معينة تهدف إلى أن تكون الرياض مدينة حديثة جميلة وتنمو نمواَ ضمن أحدث الأسس العلمية في الحسبان بأن تنمو المدينة إلى عام 2000م،'' (جريدة الجزيرة، عدد 656، تاريخ 21/7/1973م).
يتميز اقتصاد الرياض اليوم بإقامته على قاعدة عريضة من قطاعات إنتاجية مختلفة أسهمت في وصول الرياض إلى الوضع الذي نشاهده الآن. من أهم هذه القطاعات الإنتاجية قطاعات: الكهرباء، المياه، الخدمات المالية، الصناعات التحويلية، التطوير العقاري، الزراعة، التجارة، التشييد والبناء، السياحة والآثار، والخدمات التعليمية. يشير تقرير ''المناخ الاستثماري في مدينة الرياض 1430هـ'' الصادر من الهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض، إلى سمات القطاعات الإنتاجية في مدينة الرياض؛ مالياً، بوجود معظم المقار الرئيسة للمصارف التجارية، والشركات الاستثمارية، وشركات التأمين، ومؤسسة النقد العربي السعودي، وهيئة السوق المالية، وصناديق الإقراض الحكومي، ومؤسسات مالية دولية مختلفة، وأخيراً مركز الملك عبد الله المالي. وصناعياً، تحتضن مدينة الرياض مدينتين صناعيتين، وقرابة 23 في المائة من إجمالي قيمة قروض صندوق التنمية الصناعية. وعقارياً، تحظى الرياض بوجود قرابة 31 في المائة من الأراضي غير مخططة وقابلة للتطوير، وقرابة 28 في المائة من إجمالي رخص البناء الصادرة في المملكة. وزراعياً، ينتج القطاع الزراعي في مدينة الرياض قرابة 35 في المائة من إجمالي الإنتاج الزراعي في المملكة. وسياسياً، باحتضانها المقار الرئيسة للوزارات والهيئات الحكومية، والسفارات الأجنبية، والمؤسسات والهيئات الدولية الموجودة في المنطقة. وتجارياً، بوجود قرابة 15 في المائة من المؤسسات والشركات القائمة السعودية. وسياحياً، بوجود مجموعة من مقومات السياحة: التاريخية، الثقافية، الترفيهية، العلاجية، وسياحة المؤتمرات. وتعليمياً، بوجود قرابة 20 في المائة من إجمالي الطلاب المنتظمين في مؤسسات التعليم العالي والتقني، موزعين على قرابة 20 مؤسسة تعليمية.
مناسبة وطنية عزيزة مقرونة بالثقة والتفاؤل والطموح لصدور أمر خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز - يحفظه الله - بتعيين الأمير سلمان بن عبد العزيز وزيراً للدفاع. إذ إن صدور قرار خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز، يحفظ الله، قرار مقرون بالثقة بإمكانات الأمير سلمان في ترجمة مستهدفات أمننا الوطني الطموحة إلى واقع ملموس، وبالتفاؤل بتحقيق مستهدفات السياسات الأمنية والدفاعية السعودية، وبالطموح بمواكبة تطلعات خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز - يحفظه الله - وحكومتنا الرشيدة في الوصول إلى المزيد من التميز النوعي لمسيرة أمننا الوطني - بعون الله تعالى وتوفيقه.
أسأل الله - تعالى - أن يوفق الأمير سلمان ويعينه على أداء الأمانة، وتبعات الثقة، وأن يمده بالتوفيق والتسديد، والعون والتأييد، عضداً وسنداً لخادم الحرمين الشريفين، وولي عهده الأمين، وحكومته الرشيدة وأن يحفظ عقيدتنا، وقيادتنا، وأمننا، وإيماننا، واستقرارنا، إنه ولي ذلك والقادر عليه.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي