الأربعاء.. مجموعة العشرين أمام اختبار التنمية العالمية

الأربعاء.. مجموعة العشرين أمام اختبار التنمية العالمية

تسعى مجموعة العشرين إلى حلحلة عديد من الملفات التي تتعلق بالقضايا الاقتصادية حول العالم، عندما تجتمع في مدينة كان (جنوب فرنسا) الأربعاء المقبل. ومن المقرر أن تبحث المجموعة عديدًا من القضايا، خصوصا تلك المتعلقة بالتنمية، وتعزيز الاستثمار في البنى التحتية، وقضايا الطاقة، ونظام النقدي الدولي، ومن المتوقع أن تسيطر أزمة الديون السيادية الأوروبية على اجتماعات القمة المقبلة.
ورجــــــــــح لـ «الاقتــــــصاديـــــــــــــة» أمس محللان اقتصاديان أن مجموعة العشرين ستركز في الاجتماع المقبل على إيجاد حلول عاجلة للمخاوف من ركود اقتصادي عالمي جديد، وأضاف المحللان أن السعودية ستستمر في المطالبة بدعم الدول النامية والفقيرة لمواجهة الأزمات الاقتصادية التي أثرت سلبا في دول العالم.
وفي هذا السياق، لفت الدكتور عبد الله باعشن ـــ محلل اقتصادي ـــ إلى أن دول مجموعة العشرين تُعَدُّ أكبر الدول المؤثرة اقتصاديا وسياسيا في العالم؛ لأنها تملك اقتصاديات ضخمة، مما يجعل التطلع إلى هذه المجموعة باعتبار المقومات الاقتصادية الممتازة التي تمتلكها بات مطلبا لحل المشاكل الاقتصادية التي عمت بعض الدول التي تؤثر في معظم دول العالم بالنظر إلى عاملي الترابط والتبادل بين دول العالم.
وقال باعشن "إن استنجاد جمعيات التنمية حول العالم يعني الضغط على الدول الأعضاء في مجموعة العشرين لتحمل المسؤولية تجاه ما يحصل في اقتصاديات الدول التي تأثرت بالأزمة العالمية". ودعت جماعات عالمية للتنمية أمس الأول زعماء مجموعة العشرين إلى تصعيد التزاماتهم لمعالجة الأمن الغذائي العالمي والتوصل لطرق جديدة لتعزيز النمو العالمي وإفادة الفقراء أيضا.
وأضاف باعشن "إن مجموعة الدول العشرين لا تمثل تكتلا سياسيا أو اقتصاديا، بل تمثل دولا لديها المقدرة المالية، ومن ثَمَّ تختلف اتجاهات وأهداف كل وحدة من مفردات ومكونات هذه المجموعة أو على الدول المباشرة لها". وتابع قائلا "التحدي الأساسي أمام هذه الدول في القمة المقبلة مطالبة بعض الدول في المجموعة بإنشاء تكتل اقتصادي وسياسي".
وأشار باعشن إلى أن السعودية ما زالت تنادي بعدم تحمل أخطاء ما يحدث في هذه الدول، وإنما النظر إليها بطريقة "شفافة وموضوعية" لمعالجة سياستها من خلال تداخل السياسات المالية لهذه الاقتصاديات أو التكتلات كما يحدث في الاتحاد الأوروبي.
من جهته، أشار فضل البوعينين ـــ محلل اقتصادي ـــ إلى أن مجموعة العشرين أخذت على عاتقها مسؤولية تعزيز النمو العالمي، ودعم الدول الأكثر فقرا، وتحقيق الأمن الغذائي العالمي، وهي التزامات لم تفِ بها غالبية دول العشرين، الدول الصناعية على وجه الخصوص، لذا فإن المجتمع الدولي، يدفع نحو تفعيل تلك الالتزامات وتحويلها إلى مشروعات تنموية على أرض الواقع.
وقال البوعينين: "إن الجماعات العالمية للتنمية يهمها الجانب التنموي، وهو أمر لن يتحقق مع تتابع الأزمات العالمية، التي أفقدت الدول الصناعية تركيزها وقدرتها على المساعدة، حيث باتت أكثر حاجة إلى التركيز ومساعدة نفسها على الخروج من الأزمات المالية، والمشكلات الاقتصادية".
ورأى المحلل الاقتصادي أن السعودية قامت بدورها الفاعل في دعم التنمية، وتعزيز النمو العالمي من خلال تطبيق سياستها البترولية المتوازنة للمساهمة في استقرار أسواق النفط، ومن ذلك رفعها لطاقتها الإنتاجية، وتجاوبها المستمر مع متغيرات الطلب العالمية، وهو ما أدى إلى ضبط أسعار النفط، وساعد الدول الغنية والفقيرة على حد سواء على مواجهة الأزمات الاقتصادية تحديدا أثرت سلبا في دول العالم.
ولفت البوعينين إلى أن المملكة نفذت التزاماتها التنموية، والمالية التي وعد بها خادم الحرمين الشريفين في قمة العشرين في كندا. وقال "المملكة نجحت في تخفيف الأزمات على الشعوب الفقيرة بمساعداتها التنموية والإنسانية، وفي دعم وتعزيز موارد بنوك التنمية العالمية"، وكان الملك عبد الله أول من طالب بتبني سياسات وبرامج عملية لتنفيذ مبادرة الطاقة من أجل الفقراء؛ وشدد الملك عبد الله على أهمية دعم الدول النامية خاصة الفقيرة المتضررة من الأزمات العالمية.
واعتبر البوعينين أن مجموعة العشرين هي "التكتل الأكبر" الذي يضم في عضويته أعضاء التكتلات الاقتصادية الأخرى، وقال: "تمثل مجموعة العشرين أكبر الاقتصادات المؤثرة في الاقتصاد العالمي، والمتحكمة به من جانبي الإنتاج والاستهلاك، والقدرة المالية".
ورأى أن أكبر التحديات الحالية الذي تواجهه مجموعة العشرين هو معالجة أزمة الديون السيادية في أوروبا، والنظام النقدي، ومنع حدوث أزمة مالية أخرى في الولايات المتحدة الأمريكية، إضافة إلى دعم النمو العالمي، وحماية القطاعات المالية من الأزمات المستقبلية من خلال الأنظمة والقوانين والرقابة.
وقال البوعينين: إن أكثر ما يهم السعودية في الاجتماع المقبل هو تحقيق التعاون بين الدول المنتجة للنفط والمستهلكة لضمان استقرار الأسواق، وأمن الطلب والإمدادات، وهذا يؤدي إلى ضمان تدفق الاستثمارات المالية في الطاقة الإنتاجية، مشيرا إلى أنه لا يمكن ضخ مزيد من الاستثمارات دون تحقق أمن الطلب.
وأضاف "السعودية ترغب في الحصول على ضمانات كافية تحول دون تطبيق أنظمة وقوانين متحيزة ضد النفط وغيره من أنواع الوقود الأحفوري، لأسباب بيئية، أو من أجل دعم برامج الطاقة النظيفة". وزاد "المملكة حريصة على حماية الدول الناشئة من تداعيات أزمة الديون السيادية في منطقة اليورو، وأي أزمة مالية أخرى".
ورأى البوعينين أن المملكة ربما ركزت كثيرا على أهمية التناسق بين الالتزامات المالية التي تضعها مجموعة العشرين على أعضائها مع حجم الناتج الإجمالي، إضافة إلى أهمية تحمل الدول المتسببة في المشكلات العالمية الجزء الأكبر من المسؤولية؛ وتطبيق برامج رقابية صارمة على القطاعات المالية، وبما يضمن عدم حدوث الأزمات المالية مستقبلا. وأكد أن المملكة ستستمر في المطالبة بدعم الدول الأكثر فقرا، وتحقيق الأمن الغذائي وأمن الطاقة لها.
ومن جهة أخرى، وقال صمويل ورثينجتون الذي يرأس جماعة "انتراكشن" وهي تحالف لجماعات التنمية الدولية التي تتخذ من الولايات المتحدة مقرا لها إن"التحدي الذي يواجه مجموعة العشرين هو هل باستطاعتها النظر إلى ما هو بعد من ألازمة الفورية إلى الأمور اللازمة لضمان تحقيق رخاء أوسع".
ودعا الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي إلى تحقيق تقدم لمعالجة ارتفاع أسعار الغذاء وتنمية البنية الأساسية. وطلب من الملياردير بيل جيتس التوصل إلى طرق مبتكرة لزيادة الموارد بالنسبة للدول الفقيرة.
وقال روبرت زوليك رئيس البنك الدولي: إن الاقتصاد العالمي لا يتعثر فقط بسبب العجز الكبير والبنوك المتعثرة، وإنما أيضا بسبب البطالة وبطء التنمية.
وقال "يتعين على كل الدول معا أن تتفق على الأقل على عدم فعل أمور غبية مثل العودة إلى سياسة الحماية أو الحروب التجارية. يتعين على مجموعة العشرين أيضا تعويض الضرر الواقع على الفقراء الذين لا يجلسون على الطاولة".
وأدت أزمة الديون في منطقة اليورو وتخفيضات الميزانية في الولايات المتحدة من أجل معالجة الدين الحكومي المرتفع إلى ضغط المساعدات الخارجية.
واقترح أعضاء جمهوريون في مجلس النواب الأمريكي خفض 8.6 مليار دولار أخرى من ميزانية وزارة الخارجية والمساعدات الخارجية خلال السنة المالية 2012 التي تبدأ في أول تشرين الأول (أكتوبر). وأدت مثل هذه التخفيضات إلى التفكير في موارد جديدة للمساعدات بالنسبة لبرامج التنمية.

الأكثر قراءة