17 ساعة من الترقب أطفأتها شفافية البيان الملكي وتماسك الأسرة

17 ساعة من الترقب أطفأتها شفافية البيان الملكي وتماسك الأسرة

كان بإمكان أم بندر القادمة من الشمال السعودي للعلاج من مرض الكلى مواصلة علاجها في مدينة الملك عبد العزيز الطبية التابعة للحرس الوطني أمس، حتى وملك البلاد الكبير منوم في أحد أقسام المستشفى العملاق الذي يعالج عشرات الآلاف من المواطنين من مختلف أنحاء البلاد.
قلق أم بندر حول صحة الملك أكبر من كل المخاوف، وأكبر من قضية تأجيل مواعيدها المتوقعة وتعطل سفرها، لكن شفافية بيان الديوان الملكي كانت كفيلة بطمأنة الشعب السعودي كاملا على صحة "حبيب الشعب"، وهو يعلن بكل إيمان وثقة وصول الملك إلى المستشفى في الساعة 11.4 دقيقة مساء، استعدادا للعملية الجراحية في الظهر. معلومات استقتها "الاقتصادية" من مصادر في المستشفى الذي هو جزء من مدينة طبية عملاقة تتوسطها جامعة تحت الإنشاء تقول: إن هناك توجيهات صريحة بعدم التأثير في مواعيد المرضى أو جدول زيارات الزوار لذويهم.
أمس، لم تكن شفافية البيان فقط هي مصدر طمأنة السعوديين، بل إن الالتفاف الكبير من الأسرة الحاكمة حول الملك عبد الله والمتمثل في حضور جميع أركانها لدى وصوله إلى المستشفى في مشهد بليغ، كان رسالة ثقة لا تحتاج إلى تعليق.
كانت الصور التي بثها التلفزيون السعودي في أخبار الثانية عشرة ليلا (البارحة الأولى) حديث المجتمع، وظهر فيها الأمراء الكبار في استقبال أخيهم معبرا في طريقته، وإنسانيته وتراتبيته، بل إن ذلك لم يكن مصدر استغراب لأن تآلف وتكاتف الأسرة المالكة السعودية تقليد راسخ يضرب به المثل ويردد في كل بيت سعودي.
أمس لم تبد الأسواق العالمية سواء في البورصات أو النفط أيضا أي حركة غير اعتيادية، حتى والحديث عن السعودية وملكها ونفطها يتصدر نشرات الأخبار ووكالات الأنباء. وهنا يقول لـ "الاقتصادية" مستثمر في الأسواق المالية، إن الأسواق كانت تتلقف أي إشاعات – سلبية - عن الوضع في المملكة العربية السعودية، قياسا بثقلها الاقتصادي وتأثيرها السياسي، لاستثمارها في المضاربات، لكن شفافية بيانات الديوان الملكي السعودي منذ تولي الملك عبد الله بن عبد العزيز الحكم والمستمدة من إصلاحاته السياسية لم تعط لأي جهة فرصة استغلال وضع صحي طارئ أو حدث عابر. الإصلاح هنا لم يكن في الشفافية التي درج عليها البيان الملكي السعودي، بل من عمل سياسي داخلي محنك تمثل في إرساء العمل بهيئة البيعة التي نظمت انتقال الحكم في البلاد، ولامست بشفافية متناهية أدق التفاصيل في أحلك الظروف.
صحيح أن السعوديين قد عاشوا أمس، أوقاتا صعبة انتهت في الرابعة عصرا، عند الإعلان عن نجاح العملية الجراحية للاطمئنان على القائد الذي كان في كل يوم قريبا من شعبه، لكنهم أيضا أصبحوا أكثر ثقة بأن بلادهم قادرة على أي مواجهة أي تطورات بثقة متناهية.
أم بندر غادرت عصر أمس المستشفى إلى قريتها الشمالية، محملة بالأدوية والعلاجات، وورقة موعد جديد، لم تؤثر فيه اعتبارات أمنية أو قامات سياسية مطمئنة أن ملكيها بصحة طيبة وبلادها في أياد أمينة.

الأكثر قراءة