تحليل.. قوة مجموعة بريكس تتجلى في الفيتو المزدوج بشأن سوريا

تحليل.. قوة مجموعة بريكس تتجلى في الفيتو المزدوج بشأن سوريا

يسلط الاستخدام المزدوح لحق النقض -الفيتو- من جانب روسيا والصين ضد قرار من الامم المتحدة يدين سوريا الضوء على نفوذ ناد صغير من الدول الصاعدة ومدى الانقسام الذي مازال حادثا بسبب ليبيا في مجلس الامن الدولي.

لكن بالنسبة لكيان تابع للامم المتحدة كان في اغلب الاحيان منقسما وغير قادر على اتخاذ قرار على مدى تاريخه الذي يرجع الى ستة عقود يقول بعض الدبلوماسيين ان التصويت على مشروع القرار الخاص بسوريا لم يتضمن جديدا حيث تحاول روسيا والصين وحلفاؤهما في المجلس كبح حماس الولايات المتحدة ودول اوروبية لبعض انتفاضات الربيع العربي المؤيدة للديمقراطية في الشرق الاوسط وشمال افريقيا.

واستخدمت روسيا والصين وهما من الاعضاء الدائمين في مجلس الامن حق النقض يوم الثلاثاء لتعطيل قرار صاغه الاوروبيون يدعو الى انهاء الحملة العسكرية السورية المستمرة منذ ستة أشهر ضد الاحتجاجات المؤيدة للديمقراطية ويلمح الى فرض عقوبات اذا استمرت دمشق في حملتها. وامتنعت البرازيل والهند وجنوب افريقيا عن التصويت.
وعبر دبلوماسيون غربيون أيدوا القرار السوري عن خيبة أملهم تجاه دول مجموعة -بريكس- التي يقولون انها أصبحت بدرجة متزايدة قوة معرقلة.
وقال مبعوث انه بامتناعها عن التصويت على القرار الخاص بسوريا كشفت البرازيل والهند وجنوب افريقيا عن مواقفها بوضوح شديد.

واتفق مع هذا الرأي فيليب بولوبيون المسؤول في منظمة حقوق الانسان هيومان رايتس ووتش في نيويورك الذي قال ان الدول النامية القوية الثلاث قدمت لروسيا والصين الغطاء الذي تحتاجه الدولتان لاستخدام حق النقض ضد القرار دون تداعيات كثيرة.
وقال "ثمن النقض كان سيصبح أعلى لو لم تمتنع هذه الدول الثلاث عن التصويت."
واختلف مع ذلك دبلوماسيون في مجموعة بريكس.

وقال دبلوماسي من بريكس لرويترز "الاوروبيون والامريكيون لا تروق لهم حقيقة أننا باستمرار نطرح مخاوف مشروعة بشأن احتمال أننا بذلك ربما نفتح الباب مجددا أمام تغيير النظام."
وسعت فرنسا بالتعاون مع بريطانيا والمانيا والبرتغال باجتهاد للحصول على تأييد دول مجموعة بريكس. وقامت عدة مرات بتعديل نص مسودة القرار بشأن سوريا وخففته كثيرا حتى ان كلمة "عقوبات" اختفت. لكن هذا لم يكن كافيا.
وأوضح السفير الروسي لدى الامم المتحدة فيتالي تشوركين في كلمته امام مجلس الامن المكون من 15 عضوا انه استخدم حق النقض ليس بسبب الصياغة وانما بسبب "تضارب المواقف السياسية" بين روسيا والدول الاوروبية الاعضاء في المجلس.

وأشار مرارا الى التدخل العسكري لحلف شمال الاطلسي في ليبيا الذي أدى الى الاطاحة بمعمر القذافي وهي عملية انتقدتها بشدة روسيا والدول الاخرى الاعضاء في بريكس ووصفتها بأنها تجاوز لتفويض مجلس الامن لحماية المدنيين في ليبيا.
وقال تشوركين ان موسكو تعارض العقوبات وتشعر بالقلق من ان صدور القرار الاوروبي ضد سوريا كان يمكن ان يفتح الباب أمام تدخل عسكري هناك على غرار ما حدث في ليبيا.
وكررت نفس اراء تشوركين الدول الاخرى اعضاء بريكس التي يقول مبعوثون انها كانت كتلة قوية في المجلس هذا العام.

وقال ديفيد بوسكو الاستاذ بالجامعة الامريكية في واشنطن ان حق النقض يعكس جزئيا "مشاعر الاحباط من جانب بريكس بشأن الطريقة التي سارت بها عملية ليبيا".
وقال ايضا انها كانت "نتاج خلافات قائمة منذ فترة طويلة بشأن حقوق الانسان والسيادة الوطنية".
وروسيا والصين اللتان انتقدت الحكومات الغربية مرارا سجلهما في حقوق الانسان تبديان بشكل تقليدي قدرا أكبر من التسامح تجاه حكومات اخرى تتهم بانتهاك الحقوق.
وتعارض الدولتان دائما التدخل في كوريا الشمالية والسودان وميانمار وايران وهي دول لها علاقات وثيقة مع روسيا أو الصين أو معهما وهي في الغالب أيضا هدف لانتقادات الحكومات الغربية ومنظمات حقوق الانسان.

ويقول مبعوثون ان المعارضة للتدخل الخارجي ولفكرة أن على الدول "مسؤولية لحماية" المدنيين في انحاء العالم أصبحت عبارات متكررة لمجموعة بريكس.
لكن عام 2011 لم يبدأ على هذا النحو. ففي مطلع العام وافق المجلس على عدة قرارات منحت تفويضات كاسحة غير معتادة باستخدام "كل الاجراءات اللازمة" -- وهو مصطلح
دبلوماسي لاستخدام القوة -- في ليبيا وساحل العاج.
وفي الحالتين تمت الاطاحة بزعيم تولى السلطة لفترة طويلة.

ورغم ان مجموعة بريكس لم تعارض بشكل فعال التدخل في ليبيا وساحل العاج الا انها انتقدت العمليات العسكرية في البلدين. وبدأت دول المجموعة في عرقلة محاولات تخفيف العقوبات على ليبيا لمساعدة المعارضين المناهضين للقذافي وقاومتا مسعى غربيا للتنديد بحكومتي سوريا واليمن.
والفيتو المزدوج من جانب روسيا والصين ليس بالامر الشائع. وكانت المرة الاخيرة التي انضمت فيها روسيا والصين معا لاستخدام حق النقض ضد قرار لمجلس الامن في عام 2008 عندما اجتمعت الدولتان مع جنوب افريقيا واستخدمتا حق النقض ضد قرار كان سيفرض عقوبات على زيمبابوي.

ويقول محللون ان روسيا التي ذكر دبلوماسيون في الامم المتحدة انها كانت أشد المعارضين للقرار المناهض لسوريا أرسلت تحذيرا بأن موسكو لن تلزم الصمت عندما ترى مصالحها مهددة من جانب الولايات المتحدة واوروبا.
ولروسيا علاقات تجارية وعسكرية قوية مع سوريا قال دبلوماسيون انها ستكون غير مستعدة للتخلي عنها. ويقولون ان هذا من الاسباب الرئيسية التي تعارض موسكو من اجلها فكرة الاطاحة بالرئيس السوري بشار الاسد بنفس طريقة الاطاحة بالقذافي.

وقلل بعض الدبلوماسيين الغربيين من شأن التصويت على القرار السوري وأشاروا الى ان الانقسامات أمر شائع في مجلس الامن الذي أمض معظم تاريخه الذي يرجع الى 66 عاما في حالة شلل تام بسبب الحرب الباردة والصعوبات في التعاون بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي.
ورجح دبلوماسيون غربيون صدور قرار صاغه الغرب يؤيد المبادرة الخليجية لحل الازمة في اليمن حيث يرفض الرئيس علي عبد الله صالح التنحي.

الأكثر قراءة