Author

عضوية المرأة في مجلس الشورى والدور المأمول

|
جاء أمر خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز - حفظه الله - بالسماح للمرأة السعودية بأن تكون عضوا في مجلس الشورى اعتبارا من الدورة القادمة، والسماح لها أيضاً بخوض انتخابات المجالس البلدية وترشيح نفسها لعضويتها؛ ليعزز من مكانتها في المجتمع السعودي ومن مساهمتها في التنمية الاقتصادية والاجتماعية التي تعيشها المملكة. المأمول من المرأة في مجلس الشورى أن تكون على قدر كبير من المسؤولية للتعامل مع هذا التشريف والتكليف العظيم بقيامها بالمسؤوليات والأعباء المترتبة عنه على الوجه المطلوب، الذي يخدم مصالح المرأة السعودية الاجتماعية والاقتصادية، وخلاف ذلك، وبما يعزز مكانتها المرموقة، التي حظيت بها في المجتمع السعودي نتيجة الإنجازات المشرفة التي حققتها في مختلف المجالات العلمية والعملية على المستويين المحلي والدولي. يتوقع من خلال عضوية المرأة في مجلس الشورى أن تتمكن من خلال ممارستها الصلاحيات الممنوحة لها أن تباشر عددا من القضايا والملفات العالقة التي لها علاقة ومساس مباشرة بشأن المرأة السعودية وإيجاد الحلول المناسبة لها، التي من بينها على سبيل المثال على المستوى الاقتصادي مشكلة البطالة التي بدأت تتفشي بشكل لافت للنظر بين الإناث في السعودية، حيث تشير الإحصائيات إلى أن معدل البطالة بين الإناث في المملكة بلغ نحو 28.4 في المائة في نهاية العام الماضي، وبلغ بين النساء السعوديات في الفئة العمرية بين 25 و29 سنة الحد الأعلى من حيث عدد العاطلات بنسبة بلغت نحو 45.9 في المائة من جملة العاطلات السعوديات، كما أظهرت بيانات منظمة العمل الدولية أن المملكة تحتل المرتبة الثانية في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بعد العراق؛ ما يتطلب من العضوات الجدد في المجلس تركيز جل اهتمامهن على حل مشكلة البطالة بين الإناث ووضع هذا الموضوع على رأس قائمة الأولويات. ومن بين الحلول التي يتطلب اتباعها لحل مشكلة البطالة بين السعوديات فتح آفاق ومجالات عمل جديدة للمرأة مثل العمل في مجال القانون والهندسة والمحاسبة واللغات الأجنبية والاستشارات المهنية المتخصصة، حيث لا يزال تركيز عمل المرأة في السعودية في قطاع التعليم؛ إذ يستحوذ هذا القطاع على نحو 84 في المائة من القوى النسائية السعودية العاملة. وعلى المستوى التجاري والاستثماري فالأمر يتطلب من العضوات الجدد في المجلس بذل قصارى الجهود للتعرف على أسباب تدني مساهمة المرأة السعودية ومشاركتها في القطاع الخاص، علاوة على ضعف مساهمتها في إجمالي حجم الاستثمارات المباشرة وغير المباشرة؛ إذ تشير الإحصائيات إلى أن السجلات التجارية النسائية السعودية لا تزال تمثل نسبة ضعيفة ومحدودة جدا من إجمالي السجلات التجارية الصادرة في السعودية، حيث لا تتجاوز تلك النسبة 7.3 في المائة، كما أن مساهمة المرأة في الاستثمارات الرأسمالية المحلية (المباشرة وغير المباشرة) لا تزال محدودة للغاية، التي لا تتعدى في أحسن حالتها نسبة 3 في المائة من إجمالي حجم الاستثمارات، علاوة على أن هناك تركيزا عاليا جدا لهذه الاستثمارات في مجالات وأنشطة استثمارية محددة مثل مجال التجارة والخدمات مع شبه غياب وجود استثمارات مثلا في المجال العقاري أو في المجال الصناعي أو في مجالات وأنشطة اقتصادية أخرى تحقق قيمة مضافة للاقتصاد السعودي وتعزز مشاركة المرأة في الاستثمار المحلي كما ونوعا وتنويعا. وعلى المستوي الاجتماعي فإن الأمر يتطلب من العضوات الجدد في مجلس الشورى معالجة العديد من القضايا الحياتية والمعيشية التي تنغص حياة العديد من نساء المجتمع السعودي وتحد من مساهمتهن الفاعلة في التنمية الاقتصادية والاجتماعية التي تعيشها المملكة، التي من بينها على سبيل المثال الحصر قضايا العضل ونسب الطلاق المرتفعة في المجتمع وما يترتب عنها من مشكلات تتعلق بحقوق الحضانة والنفقة، وإلى غير ذلك من الأمور ذات العلاقة. من بين القضايا أيضا التي يتحتم على العضوات الجدد في المجلس معالجتها وإيجاد الحلول المناسبة لها زواج القاصرات والمساعدة على إيجاد حل لمشكلات حوادث السير المتكررة التي يتعرض لها المعلمات وتتسبب في إزهاق أرواحهن البريئة، وذلك من خلال المطالبة بسن قانون أو تشريع يكفل للمعلمات حقوقهن في توفير وسائل نقل آمنة تحد من حدوث تلك الحوادث القاتلة ومن تكرار حدوثها. خلاصة القول: إن هذه العناية وهذا الاهتمام الكبير الذي يوليه خادم الحرمين الشريفين غير المسبوق للمرأة السعودية بإتاحة الفرصة لها للمشاركة جنبا إلى جنب أخيها الرجل في بناء الوطن يتطلب من المرأة السعودية أن تكون على قدر كبير من المسؤولية في تحمل الأعباء الناجمة عن هذا التشريف ببذل قصارى الجهود في مباشرة القضايا التي لها علاقة مباشرة بشأن المرأة السعودية بما يحقق لها الحياة الكريمة ويمكنها من المساهمة الفاعلة في التنمية الاقتصادية والاجتماعية التي تعيشها المملكة. أتطلع من العضوات الجدد في مجلس الشورى خلال الدورة القادمة إلى أن يتمكن من المساهمة الفاعلة في سن القوانين ووضع التنظيمات والتشريعات التي تسهم بجدية في التغلب على عدد لا بأس به من المشكلات والصعوبات والمعوقات التي تعترض مسيرة المرأة السعودية التنموية وتحد من قدرتها على إحداث التغيير المطلوب في حياة المرأة وفق ما تقره مبادئ الشريعة الإسلامية السمحة، كما أتطلع من العضوات الجدد إلى أن يبعدن ويتجنبن الخوض في مسائل وقضايا قد تتعارض مع موروثنا الثقافي والاجتماعي وتسبب في حدوث انقسامات في رأي وتوجهات المجتمع مثل المطالبة على سبيل المثال بالسماح للمرأة بقيادة السيارة لعدم توافر القناعة المجتمعية التامة بهذا المطلب في الوقت الراهن، إضافة إلى عدم توافر البيئة المناسبة والمواتية لتنفيذ مثل هذا المطلب التي من بينها توافر بيئة مرورية قادرة على التعامل مع هذا الحدث ومع هذه النقلة المرورية النوعية. والله من وراء القصد.
إنشرها