خادم الحرمين والحث على الإسراع في تنفيذ المشروعات

إن كل مواطن نزيه وغيور على المصلحة العامة يستغرب التأخر في تنفيذ المشروعات الحكومية بشكل لافت للنظر في المدن والمحافظات والمراكز والهجر، وهذا التأخير يترتب عليه أضرار كثيرة لا حصر لها منها عدم الاستفادة من المشروع الذي اعتمد ورصدت له مبالغ في ميزانية الدولة لأهميته في التطوير والتنمية. وفي الوقت نفسه، فإن التأخير يتضرر منه كل القريبين من موقع تنفيذ المشروع، أو الذين يمرون من حوله إذا كان المشروع ينفذ لمرافق المياه والصرف الصحي والكهرباء والهاتف وغيرها من الخدمات التي يستلزم توفيرها تمديدات تحتاج إلى حفر الشوارع والطرق، وأعتقد أن ما نشاهده في العاصمة (الرياض) دليل واضح على التأخير لبقاء الحفريات والتحويلات مدداً طويلة تعوق الحركة المرورية، ناهيك عن المعوقات الأخرى، والمضار الاقتصادية، والإنسان المحايد النزيه لا يقبل بهذه التأخيرات لأنها تُُعد خيانة للأمانة وفسادا من المتعمدين والمقصرين، والكل يدرك أهمية الإسراع في تنفيذ المشروعات بإتقان بما يتفق مع الشروط والمواصفات، وما يقضي به العقد في نصوصه العامة والخاصة، لكن بكل أسف يلاحظ كثرة التأخير في تنفيذ المشروعات، دون خوف من الله أولاً، أو العقوبات الدنيوية المنصوص عليها في العقد من غرامات مالية، وسحب العمل من المقاول، والتنفيذ على حسابه، ويذكر لي بعض من تناقشت معهم بشأن هذه التأخيرات أن المقاول لا يخشى من توقيع الغرامة المالية، لأنه قد أخذها في الحسبان عند إعداد عرضه في المنافسة، فتكون مشمولة في قيمة العقد، وهذا يجعله يتأخر في تنفيذ المشروع دون خوف، وإنسان بهذه الذمة الخائنة للأمانة بتبييت النية مسبقاً بتأخير التنفيذ لا يستبعد أن يتمادى في خيانة الأمانة في عملية التنفيذ بمواصفات مخالفة للمواصفات المتفق عليها، فيكون التنفيذ غير متقن ودون خوف من الله، لأن الطمع والجشع هو المسيطر على فكره ونفسيته، فالمادة قد أعمت بصره وبصيرته، ناهيك عن المتواطئين معه، والمتغاضين عنه من المسؤولين على اختلاف مستوياتهم وارتباطهم بالمشروع المنفذ، إن هذا من الفساد الخطر المحذر عنه، وقد كُشف بعض منه بالرقابة وهي قليلة، وكُشف بعض بحصول كوارث، كما حصل في مدينة جدة، والقيادة الرشيدة المخلصة بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود ـ حفظه الله ـ حريصة على الإصلاح، ومكافحة الفساد والانحراف عن جادة الصواب في كل ما أصدرته من أوامر ملكية وأنظمة وتنظيمات ولوائح تنفيذية وتعليمات، والمهم هو تنفيذ ما تنص عليه في كل هذه المجموعة التنظيمية بإخلاص وصدق وأمانة، ودون تراخ أو تهاون، ومن الحرص الشديد لخادم الحرمين الملك عبدالله ـ أمد الله في عمره ـ أنه أصدر عدداً من الأوامر الملكية التي تعالج كثيرا من الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية والمالية بما يخدم مصالح الوطن والمواطن، ومن أجل زيادة الجهات الرقابية أصدر أمره الملكي الكريم بإنشاء الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد، وأقر تنظيم الهيئة التي في بداية أعمالها بالتشكيل والتهيؤ لمزاولة عملها بعد توافر كوادرها البشرية المؤهلة، بل إن خادم الحرمين في كل مناسبة يحث على العمل الجاد الصادق في كل المجالات دون تقصير أو قصور أو تهاون من كل المسؤولين على اختلاف مستوياتهم، ولعل آخر ما سمعناه في خطابه أمام مجلس الشورى يوم الأحد 27/10/1432هـ الموافق 25/9/2011م قوله الصريح الشفاف الصادق (.. ومن هذا المنبر أقول لكل الوزراء ومسؤولي الجهات الحكومية كافة، لقد اعتمدت الدولة مشاريعها الجبارة، ولم تتوان في رصد المليارات لتحقيق رفاهية المواطن، والآن يحتم عليكم دوركم من المسؤولية والأمانة تجاه دينكم وإخوتكم شعب هذا الوطن الأبي ألا يتخاذل أحدكم عن الإسراع في تحقيق ما اعتمد، ولن نقبل إطلاقا أن يكون هناك تهاون من أحدكم بأي حال من الأحوال، ولن نقبل الأعذار مهما كانت..) (نص خطاب الملك منشور في ص''8'' من صحيفة ''الاقتصادية'' الصادرة يوم الإثنين 28/10/1432هـ الموافق 26/9/2011).
ومن أهداف الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد (التحري عن أوجه الفساد المالي والإداري في عقود الأشغال العامة وعقود التشغيل والصيانة وغيرها من العقود المتعلقة بالشأن العام ومصالح المواطنين في الجهات المشمولة باختصاصات الهيئة، واتخاذ الإجراءات النظامية اللازمة في شأن أي عقد يتبين أنه ينطوي على فساد أو أنه أبرم أو يجري تنفيذه بالمخالفة لأحكام الأنظمة واللوائح النافذة).
كل ما تقدم ذكره يتبين الحرص من القيادة العليا بسرعة تنفيذ المشروعات الحكومية بصدق وأمانة بعيداً عن أية أسباب يكمن وراءها الانحراف والفساد، وأن على الجهات الرقابية ـ كل في مجال اختصاصه ـ أن تتابع تنفيذ المشروعات، وتناقش أسباب التأخير في التنفيذ، وأي مخالفات أخرى تظهر أثناء المراقبة والمتابعة، ولقد قرأت في الصحف المحلية أن الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد قد أصدرت تعميماً يدعو الجهات الحكومية إلى أن تقوم بوضع لوحة كبيرة على كل مشروع تحت التنفيذ تبين فيها معلومات عن المشروع من خلالها يمكن مراقبة كل مشروع، وأعتقد أن المعلومات عديدة يطول سردها، وفي الحقيقة أنني لم أشاهد أي لوحة في المشروعات القريبة من سكني، أو التي أمُرّ حولها بشكل مستمر، فهل تنفيذ هذا التعميم لا يطبق إلا على المشروعات التي توقع عقودها بعد تاريخ التعميم؟! مع أن عمل اللوحة لا يكلف مبلغاً كبيراً.
هذه خواطر مواطن حريص على أن يطرح ما يدور في فكره، معبراً عن تأثره باعتباره مواطنا يهمه مصالح الوطن والمواطن، وألا يرى تقصيراً أو قصوراً أو مخالفات تلحق الضرر بالمصالح المنوه عنها، والله الموفق، والهادي إلى الطريق المستقيم، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي