أهمية التوزيع العادل للمشروعات والخدمات العامة في المناطق والمحافظات «محافظة ثادق كمثال»

الحمد لله الذي أمر بالعدل والمساواة، والصلاة والسلام على الرسول النبي الذي حكم بالعدل والمساواة، وبعد، لقد لفت نظري ما يبدى من ملحوظات مفادها أن هناك تباينا واختلافا في توزيع المشروعات والخدمات العامة بين المناطق، وكذلك في المحافظات في المنطقة الواحدة؛ مما جعل بعض المواطنين يبدون امتعاضهم من ذلك، سواء في المجالس الخاصة يذكرون أمثلة لذلك التباين والاختلاف، أو يكتب عن حالات محدودة في الصحف المحلية، مبدين النقص الذي تعانيه المحافظة أو المركز الذي يسكن فيه الكاتب، والحكومة الراشدة بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز - حفظه الله - تحث - بشكل مستمر - على أهمية وضرورة التوزيع العادل والمساواة في توزيع المشروعات التنموية، والخدمات العامة لكل المناطق، والمحافظات والمراكز دون استثناء تنفيذا لأوامر، وأنظمة واستراتيجيات وتعليمات صدرت تباعا، بل وفي الخطط الخمسية للتنمية؛ إذ كلها تؤكد ما ذُكِر، وقد سبق أن كتبت مقالا في هذه الصحيفة بتاريخ 9/2/1425هـ الموافق 30/3/2004 بعنوان (ضرورة تنفيذ الاستراتيجية العمرانية الوطنية) التي وافق عليها مجلس الوزراء الموقر بقراره رقم (127) بتاريخ 28/5/1421هـ، ومؤكدا في البند (ثانيا) بأن (على وزارة التخطيط ''وزارة الاقتصاد والتخطيط حاليا'' مراعاة هذه الاستراتيجية عند إعداد خطة التنمية)؛ وذلك لأنها تركز على التوزيع السكاني بشكل متوازن لمنع الهجرة إلى المدن الكبيرة، وهذا بطبيعة الحال يستلزم الاهتمام بتوسيع التركيز على تطوير وتنمية المدن المتوسطة والصغيرة عن طريق فتح فروع للوزارات والجهات الحكومية والجامعات، وتوفير كل الخدمات العامة حتى يقتنع المواطن بالبقاء والسكن في هذه المدن متى توافرت الحوافز المشجعة لاستمرار السكان، ومنع الهجرة إلى المدن الكبيرة، ولا يكفي إيجاد الفروع دون تخصيص مشروعات تنموية، ومرافق عامة تقدم الخدمات للسكان، فهذه من الأساسيات لتحقيق الأهداف المشار إليها بشكل عادل، وقول هذا بشكل عام من أجل كل المناطق والمحافظات والمراكز، ووفق ما يقضي به نظام المناطق الصادر بالأمر الملكي الكريم رقم (أ/92 ) وتاريخ 27/8/1412هـ، وحسب الصيغة المعدلة بالأمر الملكي الكريم (أ/21) وتاريخ 30/3/1414هـ، والذي نصت المادة الأولى منه على أنه (يهدف هذا النظام إلى رفع مستوى العمل الإداري والتنمية في مناطق المملكة، كما يهدف إلى المحافظة على الأمن والنظام، وكفالة حقوق المواطنين وحرياتهم، في إطار الشريعة الإسلامية)، ومقاصد هذا النص تؤكد رفع مستوى العمل الإداري والتنمية الشاملة، من خلال التوزيع العادل للمشروعات التنموية لكل المناطق، وهذا يستتبع شمول هذا المبدأ لكل المحافظات، والمراكز في كل منطقة، ويجب على كل مواطن أن يحترم ما تقضي به الأنظمة، ومنها نظام المناطق، ثم إن كل مواطن مخلص من حقه أن يساعد الجهات الرقابية في كل ما يكفل حسن تطبيق الأنظمة والإصلاح، وتوصيل أية معلومات عن القصور والتقصير والأخطاء إلى ولي الأمر خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز - حفظه الله - بأي وسيلة يراها، ومن ذلك الكتابة في الصحافة المحلية باعتبارها السلطة الرابعة، وهذا ما هدفت إليه من كتابة هذا المقال، وبعض المواطنين يهتم كل واحد منهم بمسقط رأسه، سواء كانت محافظة أو مركزا، ويتمني ألا يعاني السكان فيها أي نقص في الخدمات العامة، وخاصة الضرورية، من هذا المنطلق، فإني أتكلم بشكل عام؛ لأني أعرف أن ما تعانيه ''محافظة ثادق'' والمراكز المرتبطة بها، وقد تعانيه محافظات ومراكز غيرها، وكلٌ يسعى لطلب سد النقص بالوسيلة التي يراها، ولما أعرفه عن محافظة ثادق (مسقط رأسي) جعلني أوردها كمثال لاستعراض نقص بعض المشروعات، والخدمات العامة، أو حتى البطء الشديد في تنفيذ المشروعات المعتمدة، وأذكر ما تسعفني به الذاكرة باختصار؛ حتى لا يكون ما أقوله غير معزز بدليل، وذلك فيما يلي:
أولا: كتب الأخ عبد العزيز عبد الله العيسى في صحيفة ''الجزيرة'' بتاريخ 17/7 /1432هـ، مبديا ملاحظات عن عدم توفير شبكة المياه في محافظة ثادق لكل المساكن، وأن الشبكة القديمة جدا يستفيد منها عدد محدود جدا... إلخ، وقد تجاوب مدير عام المياه في منطقة الرياض المكلف بالصحيفة نفسها بتاريخ 11/8/1432هـ، مبديا أن خزان المياه الأرضي تحت التنفيذ، وأن الخزان العلوي وشبكة المياه ومحطة ضخ قد طرحت في منافسة، وفتحت مظاريفها، وهذا تجاوب طيب، والمهم أن نرى الإنجاز السريع ليكون العمل مصداقا للقول، وأقول ذلك لأن هذا ذكرني بما سبق أن كتبته شخصيا لوزير المياه والكهرباء بخطابي رقم (2/2/6) في 11/7/1429هـ، عن نقص توافر مياه الشرب لعدم توافر شبكة المياه الشاملة؛ مما يضطر بعض المواطنين إلى توفير المياه عن طريق الصهاريج (الوايتات) غير الكافية، وأشرت إلى الروتين والبيروقراطية المعطلة أو المتسببة في هذا النقص، وقد مضى ثلاث سنوات تقريبا لم يتم أي شيء للشبكة، بل ركز في الكتابة التي اطلعت عليها على جزئية هامشية حول قلة الصهاريج (الوايتات) دون أصل الموضوع المقصود من الكتابة؛ ولذا أكرر رجائي بأن يصدق القول العمل والتنفيذ السريع، ولا تكون مجرد وعود لا ترى النور.
ثانيا: بلدية محافظة ثادق لديها مشروعات متأخرة في التنفيذ، وملاحظ أن سفلتة طريق الملك عبد العزيز تسير ببطء شديد جدا، وجسر مدخل المحافظة القديم متوقف ولم ينفذ منذ ما يقارب عشر سنوات، وتوزيع مخطط الأراضي الجديد لم يتم توزيعه على المواطنين المستحقين مما تسبب في ارتفاع قيمة الأراضي، وسوق المواشي محدد موقعها، ولم يتم تجهيزها ليباشر فيها العمل بدلا من البيع في السوق القديمة، وقد قيل لي إن هناك مشروعات أخرى معتمدة لم يتم تنفيذها، ولا يعلم عن الأسباب الحقيقية وراء هذا التأخير هل هو من البلدية نفسها؟، أو من المرجع الأساسي في الرياض المرتبطة به البلدية؟ إن خدمات البلدية ضرورية ومهمة للتنمية والتطوير الحقيقي، ويجب ألا يتأخر التنفيذ بأسباب روتينية. وبيروقراطية إدارية مثل المركزية وغيرها.
ثالثا: كلية العلوم والدراسات الإنسانية في محافظة ثادق والمحمل لم تستقبل الدارسين إلا متأخرا بعد إعلان إنشائها، فالطالبات لم يبدأ استقبالهن للدراسة إلا في العام الدراسي 31 - 1432هـ، والطلاب وعد باستقبالهم للدراسة في العام الدراسي 32 - 1433هـ، والسبب قد يكون في عدم إقامة المقر المناسب رغم تسليم موقع الأرض، وقد تم اللجوء إلى استئجار مقرين قد لا يكونان مناسبين من الناحية الفنية للدراسة؛ ولذا يرجى من وزارة التعليم العالي المبادرة بإقامة المقر المناسب ضمن ما يتم للكليات الأخرى المرتبطة بجامعة شقراء.
رابعا: وعن القطاع الخاص باعتباره مشاركا في التنمية والتطوير حسب اختصاصه، فالخدمات المصرفية (البنكية) مهمة لكل فرد من المواطنين والمقيمين، ولا يوجد في المحافظة إلا فرع لمصرف ألراجحي، وقد قال لي أكثر من واحد أن هذا الفرع لا يقوم بعملية التحويلات المالية للعمالة الوافدة؛ مما يضطرهم إلى السفر إلى المحافظات المجاورة مما يؤثر عليهم عمليا وماليا ونفسيا بسبب نقص هذه الخدمة، وقال لي من أثق في قوله إن مدير الفرع يعزو نقص هذه الخدمة إلى عدم وجود موظف، فإن صح هذا، فإني أنقل هذه الملاحظة إلى مدير عام مصرف الراجحي، عبد الله بن سليمان الراجحي، وفي الوقت نفسه أوجّه رجائي إلى مدير عام البنك العربي الوطني بافتتاح فرع للبنك في المحافظة ليكون هناك تنافس نزيه في تقديم الخدمات المصرفية (البنكية)، مع رجائي لمحافظ مؤسسة النقد العربي السعودي بأن يساعد على تلافي الملاحظة التي أبديت، وفي الوقت نفسه حث البنك العربي الوطني على فتح فرع له في محافظة ثادق؛ لما للمؤسسة من دور رقابي شاكرا ومقدرا - سلفا - التجاوب مع هذه الرغبة في توفير الخدمات المصرفية لكل فرد.
ما تقدم ذكره خواطر وأحاسيس ومشاعر مواطن يتفاعل مع أحاسيس ومشاعر المواطنين والوافدين، ويتأثر بما يعانونه من نقص متطلبات التنمية والتطوير من مشروعات تنموية، وخدمات عامة ضرورية في بلادنا العزيزة، وما ذكرته مجرد مثال عن محافظة ثادق، وما تعانيه من نقص بسبب قصور أو تقصير أو خطأ، وأرجو ألا يفهم بأنني متعصب لمسقط رأسي، بل إنني تكلمت بشكل عام، وذكري عن ما تعانيه محافظة ثادق - كمثال - لما أعرفه عنها، مع إدراكي أن غيرها من المحافظات والمراكز قد تعاني مثلها أو أقل أو أكثر منها، وهناك من كتب عن ذلك، فمنهم من يكتب بشكل عام، ومنهم من يكتب بشكل خاص عن مسقط رأسه أو مكان سكناه، وأرجو من الله أن يحقق ما أهدف إليه من هذا الطرح المتواضع؛ إنه سميع مجيب، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي