FINANCIAL TIMES

تغير المزاج يضر بأسهم البنوك العالمية

تغير المزاج يضر بأسهم البنوك العالمية

حين تم تأسيس برنامج إنقاذ الأصول المتعثرة عام 2008 اعتقد بعضهم أن الافتراض الأساسي الذي تتضمنه خطة الإنقاذ كان ساذجاً للغاية. وكانت واشنطن تعتقد أن المؤسسات المالية الرئيسية في الولايات المتحدة ستقوم، بمبادرة منها، بإعادة تدوير أموال برنامج إنقاذ الأصول المتعثرة الخاصة بها في الاقتصاد الأمريكي من خلال عمليات الإقراض التقليدية وتشكيل رأس المال. وافترضت واشنطن أنه مقابل حماية المؤسسات المالية الرئيسية من الكارثة، فإنها ستتصرف بدورها بما فيه المصلحة الفضلى للاقتصاد الأمريكي. لكن بدلاً من تقديم القروض إلى الشركات الصغيرة والمساهمين والشركات المحلية وجهت المؤسسات المالية العالمية الأمريكية أموال برنامج إنقاذ الأصول المتعثرة - وتمويلها متدني التكلفة المتاح من جانب الحكومة في ذلك الوقت - إلى أقسامها المصرفية الاستثمارية والتجارية الأكثر ربحية. ويمكن للمرء أن يفترض أن أموال الإنقاذ خفضت على الأرجح تكلفة رأس المال خارج الولايات المتحدة وليس داخلها. وبدا أخيرا أن واشنطن واجهت لحظة "تفكير" مهمة. قال تيم جايتنر، وزير الخزانة الأمريكي، في مقابلة تلفزيونية إنه كان يعتقد أن مصالح البنوك العالمية الأمريكية ومصالح الاقتصاد الأمريكي لا تتماشى دائماً مع بعضها بعضا. وهذه، في اعتقادي، المرة الأولى في حقبة ما بعد فولكر التي تدرك فيها واشنطن أن المصرفية العالمية والمواطنة ليستا كلمتين مترادفتين. وعلى أي حال، يبدو أن النقاش المتعلق باستحقاقات اختلاف مصالح البنوك عن مصالح البلاد برمتها يخطئ الهدف تماماً. وبغض النظر عن استراتيجيات قطاع العمل العالمي للبنوك، يجب أن تركز سياسات واشنطن فقط على تخفيض تكلفة رأس المال داخل الولايات المتحدة وعلى تحفيز الاقتصاد المحلي. ويجب على صانعي السياسة ثانياً أن يأخذوا في الاعتبار فقط ما إذا كان التنظيم يعزز، أو ينتقص من امتيازات البنوك الأمريكية في الخارج. إن التنافسية العالمية أمر مهم. ولدى كثير من الشركات الأمريكية عمليات خارجية، وهي تستثمر وتقدم على المخاطر خارج الولايات المتحدة من أجل التنافس. لكن المؤسسات المالية الكبيرة تختلف، لأن لديها الاحتياطي الفيدرالي مصدرا للأموال رخيصة التكلفة، ودافع الضرائب الأمريكي للاستناد إليه حينما تتعثر. وتستخدم الشركات غير المالية أسواق رأس المال للحصول على تمويلها، وتعلن حالة الإفلاس إذا أقدمت على مخاطر لا تتسم بالحصافة. (كان إنقاذ واشنطن لشركات صناعة السيارات استثناء صارخاً). وبالنظر إلى أسباب الانكماش وصدمات ما بعد السياسة المالية والنقدية، يبدو الأمر الآن كما لو أن الولايات المتحدة على حافة التضحية بتصنيف ديونها السيادية. والسبب إلى حد كبير هو الإقدام على المخاطر من جانب القطاع المالي دون قيود، ودون حكمة في نهاية المطاف. لذلك من غير المحتمل بدرجة عالية أن تكون لدى دافعي الضرائب الأمريكيين (أي الناخبين) الرغبة في ضمان الميزانيات العمومية للقطاع المالي مجدداً، خصوصاً لأن أصول ومطلوبات تلك الميزانيات العمومية أجنبية بشكل متزايد. وكان إنقاذ القطاع المالي الأمريكي لإقدامه على مخاطر لا تتسم بالمسؤولية في الولايات المتحدة مهمة قابلة للنقاش. ويبدو أن إنقاذ القطاع المالي الأمريكي لإقدامه على المخاطر على نحو سيئ خارج الولايات المتحدة فكرة غير ناجحة دون أدنى شك، وأتوقع شخصياً تشكيل القيود التنظيمية ذات العلاقة. ربما تكون لهذه الخلفية تداعيات مهمة بالنسبة إلى المستثمرين في أسهم البنوك العالمية الأمريكية. وإذا لم يكتسب الاقتصاد الأمريكي زخماً كبيراً سريعاً، فعلى الأرجح أن تلح واشنطن على المؤسسات المالية العالمية الأمريكية كي تعود إلى جذور تشكيل رأس مالها محلياً. وبشكل عام، شركات الإقراض المحلية التقليدية أبطأ نمواً من التداول العالمي عالي الاستدانة، أو تقديم المشورة بشأن الاندماجات والاستحواذات. وتشير أبحاثنا إلى أن توقعات العوائد من جانب المحللين بالنسبة إلى المؤسسات المالية الأمريكية الرئيسية يمكن أن تكون متفائلة للغاية، إذا كنا على صواب في التفكير بأن واشنطن تزيد حذرها تجاه الإقدام على المخاطر العالمية. وتبلغ نسبة التوقع من جانب الإجماع العادي المتعلق بنمو العوائد لأجل طويل بالنسبة إلى الشركات المالية العالمية الأمريكية نحو 10 في المائة. ولدينا شعور باحتمال أن يكون النمو طويل الأجل الأكثر واقعية بين 6 - 8 في المائة سنوياً. إنه أمر مهم بالنسبة إلى التقييم، ويشير إلى ضرورة إعادة تقييم أسهم البنوك هبوطا بواقع 10 - 15 في المائة. ومن الصعب أن نتصور تفوق أداء الأسهم المالية الرئيسية لأي فترة من الوقت في حين ما زال ينبغي تعديل توقعات النمو المادية بالكامل وفق واقع ما بعد فقاعة الائتمان. ويبدو أن المستثمرين ضيقو الأفق فيما يتعلق بالتغيير المهم الذي يجري على الأرجح في سياسات القطاع المالي. وإذا بدأت واشنطن فعلياً إدراك أن الودائع الأمريكية والرساميل تستخدم لدعم النمو غير الأمريكي على حساب النمو الأمريكي، عندئذ ستبدو الآفاق كئيبة في أفضل الأحوال بالنسبة إلى أسهم المؤسسات المالية العالمية الأمريكية. ويظهر التاريخ أن قادة سوق الأسهم خلال أي فقاعة يعانون لاحقاً من فترة مذلة من تدني الأداء. وكانت الأسهم المالية هي القائدة خلال فقاعة الائتمان، وهي الأسوأ أداءً حتى الآن هذا العام. وتشير البيئة المالية التي نتوقعها إلى أنه يجب أن يتوقع المستثمرون استمرار تدني الأداء خلال عدة سنوات مقبلة. الكاتب الرئيس التنفيذي لشركة ريتشارد بيرنشتاين آدفايسرز
إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES