رئاسة إدارات الأندية.. هل تعتمد على المال أم الفن أم العلم؟ (3 من 3)

كرة القدم هي عشق وأسلوب حياة، والحديث عن الكرة لا ينتهي أبداً وهو ليس حكراً على أحد، فالجميع يسهم في رسم ذلك العالم حسب التخطيط والتنظيم الذي يضعه قائد السفينة وربانها ولذلك عليه أن يحتوي الجميع ويوفق بين الآراء والأفكار المتباينة لأن كل شخص يرى كرة القدم من منظور مختلف.. فالجميع له دائماً دور مهم في صياغة اللعبة وليس اللاعبون وحدهم فربما يكون دور أعضاء الشرف ورئيس النادي وأعضاء إدارته والموظفين أكبر وأعظم من دور اللاعبين الذي يختمون كل الجهود المبذولة بتحقيق الانتصارات داخل المستطيل الأخضر.
وما دمنا تحدثنا في المقالين السابقين عن عناصر النجاح في إدارات الأندية، فيجب الإشارة إلى أنه على رئيس النادي أن يعتمد في سياسته في إدارة النادي على التخطيط في النشاط الإداري لأن للتخطيط فوائد كثيرة ومنها أنه يزيد من قدرة أي عمل على التأقلم والتكيف لاحتمالات المستقبل وأحداثه ويساعد على بلورة الأهداف التي هي أول خطواته التي تحدد مساره ومن ثم يساعد على الاستخدام الأمثل لموارد العمل المادية والبشرية، ومن الفوائد أيضاً انه يساعد على تشخيص مشكلات المستقبل واتخاذ الإجراءات الكفيلة بمواجهتها.
حيث يعد التخطيط الوظيفة الأولى للقيام بأي نشاط وهو تحليل ودراسة والاستفادة من البيانات عن الماضي واتخاذ قرارات الجريئة والواقعية في الحاضر ولبناء مستقبل عامر بالبرامج والمناهج التطويرية معتمدين في ذلك على رؤية ثاقبة ونظرة شاملة بعيدة مع التنبؤ بما قد يحدث خلال تنفيذ الخطة المستقبلية. وهو أيضا اختيار بين بدائل متعلقة بأهداف والسياسات والخطط والبرامج لتحقيق هذه الأهداف بمعنى أنه ينطوي على صنع قرار مرتبط بشيء غير محدد المعالم وهو عملية يقصد بها التنبؤ العلمي لتوقع ما سيكون عليه المستقبل في ظل البيانات المتوافرة في الحاضر، وهذا يتطلب التفكير المسبق لاتخاذ قرارات تنفذ كليا أو مرحليا، حاليا أو مستقبليا بطرق ما لتحقيق أهداف محددة وهنالك بعض الخطوات التي تساعد في إعداد تخطيط على أسس واضحة ومفيدة ومنها:
1ـ تحديد الأهداف المراد تحقيقها.
2 ـ تحديد الواجبات المنبثقة عن الأهداف المطلوب تحقيقها وتحديد أسبقية كل منها.
3 ـ تحديد مختلف الطرق والنظريات والوسائل التي تؤدي إلى تحقيق أهم الواجبات.
4 ـ تحديد التوقيت الزمني للمراحل المختلفة.
5 ـ تحديد أنسب أنواع التنظيم.
6 ـ تحديد الميزانيات اللازمة.
7 ـ تحديد العوامل المساعدة والمعوقة.
8 ـ اختيار التصرف المناسب.
ويرتبط التخطيط بما هو متاح من زمن، ويرى البعض أنه عبارة عن عملية التفكير التي تسبق اتخاذ القرار ويمكن الاسترشاد بهذه النقاط المهمة:
1ـ الالتزام: بمعنى أن تنفيذ أي خطة يستوجب التزام النادي باتباع إجراءات واضحة ومحددة في مدة زمنية لها بداية ونهاية.
2ـ المرونة: وهي الخاصية الأساسية للتخطيط بالمستقبل الذي يتعذر الإلمام بكل احتمالاته وملابساته.
3ـ الشمول والتدرج في الخطط.
وهناك عناصر أيضاً تعد مهمة لمميزات التخطيط في النشاط الرياضي وهي:
1ـ إمكانية التنبؤ بالمشكلات المستقبلية التي تعترض التنفيذ ووضع الحلول المناسبة لها.
2ـ إمكانية تحديد الأهداف وصياغتها إجرائيا وتحديد المهام والوظائف اللازمة وأسلوب أدائها.
3ـ يساعد في تحديد واجبات كل فرد وكل إدارة أو قسم من أقسام التنظيم تحديدا دقيقا.
4ـ يساعد في تحديد مصادر التمويل الخاصة بالمشروع.
5ـ يؤدي التخطيط إلى وضوح العلاقة بين العاملين مرؤوسين ورؤساء.
وعلى رئيس النادي أن يراعي أهم مبادئ التخطيط وهي:
1ـ المرونة.
2ـ صحة الإحصاءات والبيانات المعتمدة.
3ـ المشاركة الجماعية في عملية التخطيط.
4ـ الاستغلال الأمثل للإمكانات المتوافرة.
5ـ يجب أن يكون التخطيط شاملا وليس مقتصرا على جانب واحد وذلك لمراعاة التوازن لمصالح الجميع وفقاً لمراحل تبدأ بمرحلة الإعداد وهي تقوم بدورها بإعداد مقترحاتها والمدى الزمني لتنفيذ المشروع في حدود الإمكانات المادية والبشرية المتوافرة وفي ضوء البيانات والإحصاءات المتوافرة، ثم تليها مرحلة الإقرار وهي تقوم بعد مرحلة الإعداد ودراسة كل ما يتعلق بالخطة الموضوعة يتم إقرارا لخطة للعمل بها ثم بعد ذلك مرحلة التنفيذ وهي المرحلة التي تتم بعد اعتماد الخطة وإقرارها وتتخذ الإجراءات لوضعها موضع التنفيذ وبالتعاون مع جهات التخطيط والجهات المسؤولة على التنفيذ، وفي ختام هذه المراحل تأتي مرحلة متابعة وتقييم عملية التنفيذ ومن خلالها تتم المتابعة وتقييم الخطة ومراحل العمل فيها وهي من أهم المراحل لأنها تعطي المؤشرات دقة وصحة سير عملية التخطيط، ومن ثم يمكن تلافي الأخطاء والأشياء غير المتوقع حدوثها بل تتعامل مع الظروف القاهرة إن حدثت أثناء التنفيذ.
وعليه تعتبر الخطة ناجحة ومعقولة إذا اتصفت بالآتي:
1ـ أن تكون هناك حاجة ملموسة للخطة فالحاجة تمثل دافعا قويا لنجاحها.
2ـ أن تعتمد الخطة على أهداف وأبعاد واضحة فعدم وضوح الهدف يجعل عملية التخطيط في تخبط ويضيع الكثير من الجهد والوقت والمال.
4ـ إن تبني الخطة على أسس مدروسة وعلى بيانات ومعلومات سليمة وليس على أساس التخمين والافتراض وأن تتميز الخطة بالمرونة.
5ـ أن تبين الخطة مستويات العمل بوضوح ويعرف كل مشترك دوره بالتنفيذ وواجباته في كل مستويات العمل، وأن تكون العلاقة بين هذه المستويات واضحة وتلتقي في اتجاه تحقيق الهدف بتناسق وتكامل.
6ـ أن تحقق الخطة دقة التوقع للمستقبل.
ونختم هذا المقال بأهمية الأسس التي يجب أن يتم بها اختيار رئيس النادي، وحتى نمارس حقوقنا المشروعة في اختيار إدارات الأندية وبالتحديد رئيس النادي لأنه يأتي بمجلس إدارته من الأشخاص الذين يتوافقون معه في الرأي والفكر، وهذه الأسس تعتمد على وضع سياسة عامة للنادي واضحة المعالم وأهمها:
1- إشراك الجمهور الرياضي في اختيار رئيس النادي، فكيف يستقيم عقلاً أن نجد أحد الأندية في عالمنا العربي لديه ملايين من المشجعين والمحبين والمريدين وجمعيته العمومية لا تتعدى 100 شخص.
2- يجب إشراك الأكاديميين والخبراء في عملية الاختيار لرجاحة كفة فكرهم العلمي الذي يميز الأمور بصورة بعدية عن العواطف.
3- إنهاء حالة التكتلات والعلاقات الشخصية من أجل بناء نادٍ تقوم أساساته على بناء متين من الإخلاص والتفاني والتضحية من أجله بعيداً عن المصالح الذاتية وعالمنا العربي اليوم ذاخر بمثل هذه الممارسات، بل نستطيع أن نقول في أن بعض البلدان العربية أصبحت هذه الفئة بمثابة مافيا الرياضة (لي عودة حول مافيا الرياضة) فهي تهيمن على مقاعدها في الاتحادات والأندية وتستغل كل ذلك من أجل مصلحتها، وفي سبيل ذلك تمارس كل أنواع الظلم الاجتماعي وتبتكر في برامج وخطط الانتخابات والإطاحة بالمنافسين.
4- اختيار رئيس النادي يجب أن يكون حسب كفاءته العلمية ومقدرته القيادية وشخصيته القوية المحبوبة لدى الجميع لأن هذه الصفات توفر شخصاً يستطيع أن يوفر الإمكانات البشرية والمادية ويستطيع استغلال ذلك من أجل تحقيق المصلحة العامة للنادي.
- يجب إسقاط كل المفاهيم التي كانت تسود حول أن رئيس النادي يجب أن يكون من أصحاب المال، فكما ذكرنا بالتخطيط نستطيع توفير المال اللازم لإدارة النادي، لأن الاعتماد على رئيس لأنه يدفع المال فسيتوقف هذا الدعم فوراً في حال ابتعاد أو وفاة هذا الشخص، ونحن ننادي بأن تكون للنادي موارد دخل ثابتة لا تتأثر بمجيء أو ذهاب أي شخص كان، وبالتخطيط والعلم نستطيع أن نبني صروحاً رياضية تعتمد على نفسها ومداخيلها الذاتية في تسيير أمورها وما أسهل ذلك في عالم الاحتراف والرعاية الخرافية من القنوات الفضائية والشركات المتخصصة في الرعاية الرياضية.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي