التعاون الصحي السعودي الكندي.. نريد الخروج بما يُقنع (1 من 3)

لقد مسح خادم الحرمين الشريفين ـــ يحفظه الله ــــ جل هموم العاملين الصحيين في القطاع الصحي بقسميه العسكري والمدني ودعمهما من خلال دعم أنظمة القوى العاملة ماليا وإداريا. وقبل ذلك ضخ المزيد من المعونات المادية لتشييد المدن الطبية والاهتمام بتطوير تقديم الخدمات الطبية على مستوى المملكة. الآن المسؤولية ألقيت على عاتق المسؤولين والقائمين على العمل مما يتطلب شمولية تفكير وحضورا فعليا دائما لهم في كل مرفق لئلا تفقد أي حلقة في طريق التطوير. الموافقة على المبادرات كالتعاون البيني والشراكات يمكن أن تضع المملكة في صفوف متقدمة ومنافسة جدا في الطب والعلوم الطبية المختلفة. هذا يعني أن ما تعكف عليه وزارة الصحة حاليا في الاستفادة من التعاون مع الجانب الكندي لتعزيز النظام الصحي السعودي والارتقاء بخدماته، سيكون منظوراً، وسيكون مقدم الخدمة قبل المستفيد والمريض معنيا بأن تتحقق الأهداف ولتبقى في تطوير مستديم على أسس متينة وفاعلة لعقود طويلة قادمة ـــ بإذن الله.
من الجانب الكندي فقد حققت كندا في العام الماضي منجزات تجعلها هدفا تتطلع له كل دولة طموحة لتحقيق الازدهار. فقد دخلت في تصنيف ميرسر Mercer العام الماضي (2010) خمس مدن منها قائمة أفضل 50 مدينة في العالم في جودة الحياة فيها Quality of Living. كما تصدرت مدينة كالجري Calgary قائمة أفضل 50 مدينة في بيئتها والحفاظ عليها، وتلتها بمراتب مختلفة أربع مدن أخرى في التصنيف ذاته. هذا يعني أن سكان هذه المدن على سبيل المثال يعيشون في وضع صحي ملائم، ويتعلمون ويعملون في بيئات مشجعة وآمنة، ودخولهم تتناسب واحتياجاتهم وتغطي تكاليف المعيشة. هنا يمكن تذكر التعاون السعودي الأمريكي الممثل في المجلس الاستشاري الصحي الذي هدف لوضع الخطط السليمة وتسريع إجراءات التصحيح على المستوى المهني والفني والإداري أيضا. قد لا يظهر جليا الآن فائدة مثل هذا التعاون، ولكن قد يعوض الجانب الكندي ما لم يتحقق خلال الفترة السابقة.
في الواقع إذا ما أريد أن تكون لهذه الجهود قيمة مضافة، فإن شمولية العمل بين المنظرين والمنفذين وبين الوزارة وباقي الجهات التي تتلاقى مهامها مع الصحة، هي ما نبحث عنه ليكون المنتج أكثر نفعا وجدوى للفرد مواطنا ومقيما ـــ بإذن الله ــــ. نحن بحاجة الآن إلى وضع تصور يشارك فيه العامة والمثقفون والمتخصصون بجانب المسؤولين للمساندة في رفع مستوى النظام الصحي المحلي، ومن ثم بدء برامج هذا التعاون للارتقاء بالخدمة حتى لا نستمر في توقيع الاتفاقيات المستفيد منها جانب واحد فقط. للمساهمة في تفعيل وتنشيط أي تعاون صحي هناك محاور تحتاج إلى مراقبة وتقييم ومن ثم وضع آليات تنفيذ ما يجب اتخاذه بصورة عاجلة حتى يتم رفع مستوى الخدمات لمرحلة تمكن من تدخل الكنديين بفاعلية ويكون الناتج ''استفادة مشتركة'' خلال السنوات الثلاث أو الأربع المقبلة. في البداية لا بد من:
(1) الاعتراف بأن التحديات Health Challenges موجودة وستستمر إلى ما شاء الله ولا يختلف قطاع عن آخر في الحاجة إلى رسم خطة طريق نصل بها لتحقيق الأهداف بأمانة وحرص شديدين. إن الرغبة في تحسين صورة النظام الصحي غير كافية ففي الطريق عقبات تولدها البيئة المحيطة ولا بد من العمل على ذلك من عدة نواح (مهنيا، وماليا، وبشريا، وتنظيميا إداريا). هذا يعني أن يكون التوجه معتمدا لا يغيره تغير مسؤول، وإذا ما تم تبنيه فلا بد أن يتم التأكيد على أن الحلول اللحظية أو المرحلية أو الحقبية لم يعد لها مجال بيننا.
(2) الاعتراف بأن الاقتصاد مرتكز تعتمد عليه الصناعة بأكملها Health Industry، ولا بد أن يتبناه كل مقدم للخدمة في كل إجراء وعمل يقوم به يوميا قبل المسؤول والمخطط والمشرع. هذا يعني أن المشتريات والتشغيل والصرف والتخطيط المستقبلي... إلخ؛ عبارة عن دورة تترابط حلقاتها مع بعضها بعضا وعلى كل ممارس صحي أولا ثم من بعد ذلك كل إداري ومشغل فني أو مهني أن يفكر وهو يعمل في جميع الجوانب المتعلقة بهذا الموضوع لتكون المخرجات عبارة عن منتجات تتحقق بها مكاسب عدة. التعاون هنا سيكون إضافة حقيقية إذا ما تبنى الطبيب كونه في مصنع يقوم بصناعة معينة لها منتجات يسوقها ويكسب منها والإجادة في إنتاجها يعني زيادة أرباحه في حين الإهمال في مراقبة المصروفات والتكاليف واحتساب ذلك في قيمة المنتج يعني خسارة قد يتحملها لوحده وبالتالي تهوي أسهمه في السوق وتتجه الشركات للتعاقد مع الأفضل.
من بعد ذلك لا بد من التركيز على المحاور كالتالي: (1) الإحصاء Health Statistics: هذا هو السبيل لجودة الفحص والعلاج والتقييم والتقويم ورصد الإنجازات والدراسة والتخطيط والتطوير المستقبلي. إن عدم تبنيه فكرا واستخدامه رياضيا والاعتماد عليه عمليا يعني سقوطا مروعا للخدمات الصحية لا يمكن أن يقنع أي جهة متعاونة لأن تنهض بمستوى الآخر إلا باهتمامه بدقة ما يتحدث عنه والتوافق بين الورق وما يدور بكل مرفق، ومن ثم يبني خططه وينفق موارده على التصحيح والإصلاح. لن تتحقق الكفاءة إلا بنقل الصورة كما هي ليكون العمل ناجحا وناجعا فتعكس المخرجات حسن تنظيم المدخلات وقوة الإجراءات وفاعلية العمليات. وللحديث بقية.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي