سحائب الخير تهطل في المدارس الأهلية

جاء الأمر السامي الكريم بشأن الخطة التفصيلية للحلول العاجلة والمستقبلية لخريجي الجامعات وحاملي الدبلومات الصحية منسجماً مع سلسلة البشائر التي زفها خادم الحرمين الشريفين، وتلمست حاجات المواطنين ومتطلباتهم في شتى المناحي، التي شملت دعم صندوق التنمية العقارية وتثبيت بدل غلاء المعيشة ومنح راتب شهرين للموظفين وإنشاء هيئة مكافحة الفساد ودعم الأجهزة الحكومية المختصة بالتحقيق والادعاء والرقابة والقضاء بمزيد من الموظفين والمختصين والإمكانات وغيرها من البشائر، مما سيلمس أثرها المواطنون في المديين القريب والبعيد.
وبالأمس أثلجت كثير من الصدور بما هطل عليها من سحائب الخير، فمنها سعودة وظائف التعليم الأهلي بوضع حد أدنى لرواتب المعلمين والمعلمات السعوديين، بحيث تبدأ من خمسة آلاف ريال مضافاً إليها بدل النقل ستمائة ريال، لتنهي سنوات مريرة من العمل برواتب شهرية متدنية لا هي التي تفي بمتطلبات الحياة للمعلم والمعلمة من سكن ومعيشة وعلاج وادخار، ولا هي التي تحقق الرضا الوظيفي الذي ينعكس على العطاء والاستقرار. وبذا غدت الفرصة مواتية لمسؤولي المدارس الأهلية وملاكها في ظل تكفل صندوق تنمية الموارد البشرية بالمساهمة بنصف تكاليف رواتب المعلمين والمعلمات لمدة خمس سنوات لاستقطاب المميزين من المعلمين والمعلمات وضمان استقرارهم، مما سينعكس إيجاباً على مخرجات المدرسة وسمعتها، دون أن يلقي تبعات مالية كبيرة على عواتقهم، ويزيل حجر عثرة طالما شكا منه ملاك المدارس الأهلية وهو ضعف استقرار المعلمين والمعلمات السعوديين، إذ يعمل المعلم في المدرسة الأهلية باعتبارها محطة مؤقتة لحين إيجاد الفرصة البديلة، كما أن المعلمة حتى على الرغم من قلة الفرص البديلة لديها إلا أنها قد تؤثر الانقطاع عن العمل لأسباب بسيطة نتيجة ضعف العائد المادي الذي تتحصل عليه من المدرسة الأهلية.
جانب آخر لم تغفله الخطة التفصيلية التي أقرها الأمر السامي الكريم هو إعداد نموذج عقد موحد من قبل وزارة التربية والتعليم بالتنسيق مع وزارة العمل سيؤدي إلى توظيف ما يزيد على اثنين وعشرين ألف معلم ومعلمة مدرجين ضمن أعداد المتقدمين للوظائف التعليمية لدى وزارة الخدمة المدنية، إضافة إلى ما ستدفع بهم الجامعات خلال السنة الحالية والسنوات المقبلة، وهذا يكرس استقرار المعلم والمعلمة السعوديين، إذ يضمن إنصاف طرفي العقد، فلا ينقطع المعلم أو المعلمة عن العمل قبل انتهاء العام الدراسي مما يلحق الضرر بالمدرسة وطلابها، وفي ذات الوقت يمنع مالك المدرسة من فرض شروط غير منصفة تؤدي إلى تسرب المعلم أو المعلمة عندما تلوح لهما أي فرصة مواتية.
ومما تضمنته الخطة التفصيلية التي جاء بها الأمر السامي الكريم وأناط مسؤولية تنفيذها بوزارة التربية والتعليم، الإسراع في تأسيس هيئة وطنية لتقويم التعليم العام وتنظيم التعليم الأهلي، مما سينتج عنه وضع معايير وضوابط دقيقة لتصنيف المدارس الأهلية، ليكون ولي الأمر على بينة بمستوى المدرسة قبل إلحاق ابنه بها ومدى جدوى الرسوم الدراسية التي سيدفعها للمدرسة خصوصاً في ظل توافر التعليم الحكومي المجاني. كما سينجم عن عمل هيئة تقويم التعليم وتصنيف المدارس الأهلية، الارتقاء بمستويات المدارس الأهلية وتجهيزاتها ومعلميها وبرامجها وطرق التدريس فيها والأنشطة التعليمية المطبقة فيها، إذ ستتبارى المدارس الأهلية في الحصول على تقويم أعلى مما سيعني في نهاية المطاف تعليما أهليا أفضل. إننا بهذا الأمر السامي الكريم أمام نقلة نوعية في التعليم الأهلي سنلمس أثرها حالما يبدأ تطبيق هذا الأمر، إذ إن القطاع الخاص قادر على تقديم الأفضل وما يليق بهذا الوطن الشامخ طالما وجد التنظيم الدقيق والمتابعة المستمرة، وهو ما يستطيعه القائمون على التعليم الأهلي بكل اقتدار بعون الله.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي