الملك.. وتأمين مستقبل الشباب

إن أبرز الاهتمامات التي احتلت جوهر عناية خادم الحرمين يتمثل في التنمية البشرية، خصوصاً في التعليم والعمل.. فقد كان حجم الإنفاق على الخدمات التعليمية متصاعداً على مدى السنوات الماضية بشكل لافت، واحتل في الميزانيات العامة نسبة عالية من الإنفاق، وكان في الصدارة برنامج خادم الحرمين الشريفين للابتعاث للخارج الذي استفاد منه ما يتجاوز 100 ألف طالب وطالبة، وكذلك برنامجه لتطوير التعليم العالي الذي رُصدت له المليارات والمواكبة له بالتوسع في صروح التعليم الجامعية، حيث أصبحت أعداد الجامعات السعودية اليوم تناهز 32 جامعة بما فيها الجامعة الرائدة التي تحمل اسم جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية، وجامعة الأميرة نورة بنت عبد الرحمن، وجامعات المناطق وفروعها الأخرى.
هذا التكريس لنهضة تعليمية تستثمر إمكانات الاقتصاد السعودي في أوج ازدهاره لتكوين الرأسمال البشري الوطني وإكسابه مزيداً من الرعاية والدعم بهدف ضمان استمرارية تدفق القوى الوطنية المؤهلة بالمهارات والمعارف والمحاطة بتخطيط عملي يؤمّن لها حين التخرج مواقع العمل التي تليق بها، وتمثل للوطن الاستغلال الأمثل لهذه الطاقات الشابة بما تمتلئ به من الحماس لرد الجميل للوطن وقيادته إنتاجا وخدمة مشرفة.
كانت حزمة القرارات التي صدرت قبل ثلاثة أشهر مشفوعة بتشديد خادم الحرمين في توجيهه الكريم لوزارة العمل والوزارات الأخرى ذات العلاقة بالقوى البشرية، بدراسة كل ما يحيط بسوق العمل وإعداده لاستيعاب الباحثين عن عمل في الوقت الراهن أو في المستقبل، وحفز رجال الأعمال وغرف التجارة والعمل على توسيع الطاقة الاستيعابية للقطاع الخاص للحد من البطالة وإحلال القوى الوطنية محل الوافدة.
ذاك تكليف وضع خادم الحرمين أمانة السعي إلى تحقيقه بصدق ومسؤولية على كواهل القطاعين الحكومي والخاص لتوفير أكبر قدر من الإنجاز، وقد قرأنا خلال الأيام القليلة الماضية أن وزارة العمل وغيرها تعمل على تأمين وظائف لطلابنا المبتعثين.
صدور الأمر الملكي أمس الأول حول الخطة والجدول الزمني من أجل معالجة تزايد خريجي الجامعات وحاملي الدبلومات وفق جملة من الحلول والمقترحات العاجلة التي على الجهات المعنية العمل عليها هو أيضا مسعى إجرائي جديد في رعاية خادم الحرمين تنميتنا البشرية، فحين يتم خفض نسبة القبول في الجامعات السعودية إلى 70 في المائة بدلا من 92 في المائة، فذاك تأكيد على استهداف النوعية، أما زيادة رواتب المعلمين والمعلمات العاملين في المدارس الأهلية بحد أدنى هو خمسة آلاف ريال، فذاك يصب في مسعى الارتقاء بمستوى دخل الفرد، فيما تمثل دراسة وضع المعاهد الصحية ومعالجة أوضاع خريجيها والترتيبات النظامية التي تسمح بتعيين معلمتين على وظيفة واحدة، وكذلك دراسة التقاعد (زائد 5)، هذه كلها تمثل تصحيح الوضع النظامي في بيئة العمل، بينما يعد تطبيق قرار تأنيث محال الملابس النسائية، وتأمين وسعودة وظائف مصانع الأدوية وتوفير 52 ألف وظيفة لوزارة التربية والتعليم للتشكيلات المدرسية ورياض الأطفال توسعا عمليا في فرص العمل للسعوديين، يؤكده العمل على وضع الإجراءات اللازمة لزيادة تكلفة العمالة الوافدة، ما يعني تعزيزا للسعودة أيضا.
إن ما أصدره خادم الحرمين الشريفين من أوامر وتوجيهات وقرارات تتصل بالتنمية البشرية والسبل الكفيلة بتأمين فرص التعليم والعمل والمستوى اللائق من الدخل، فضلاً عن الإنفاق على التعليم فنيا وإنشائيا وتطوير العملية التربوية والتعليمية... ذلكم كله منظور شامل يتعزز لاحقه بسابقه وفقاً لرؤية استراتيجية، ولا يمكن قراءة الأمر الملكي الأخير إلا باعتباره تعميقاً لمسارات هذه الرؤية الاستراتيجية للتنمية البشرية وحرصاً على كفاءة أدائها وعلى جودة مخرجاتها، وعلى أن ينال شباب هذا الوطن وشاباته ما يكفل لهم الاطمئنان إلى مستقبل مصون بتعليم نوعي حيثما كانوا وبغرض العمل الجاد المنتج المفتوح على إمكانات تحقيق الطموح والتطلعات للجميع كما للوطن، ولما فيه الخير والتقدم والاستقرار.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي