انسحاب بن همام سقطة

هل يقتنع العالم بالتبريرات التي صاغها محمد بن همام رئيس الاتحاد الآسيوي لكرة القدم، بسبب انسحابه من سباق رئاسة الاتحاد الدولي لكرة القدم ''فيفا''، وهل اختار الوقت المناسب للإعلان عن هذا الانسحاب؟ لماذا في هذا الوقت بالذات أي قبل يومين من بداية العملية الانتخابات.
بن همام الذي أقعد الدنيا وأقامها بترشيحه وشق الصفوف وتمسك منذ البداية بمنافسة بلاتر ورفع شعارات وطرح أطروحات تنازل عنها في ساعات بقرار منه. بن همام انسحابه في هذا الوقت بالذات يثير تساؤلات مهما كانت قوة المبررات والأسباب. في الوقت الأخير صنع لنفسه صحوة وحظوة إعلامية لم ينلها من قبل، ولكن ردة فعله عنيفة فإذا جاز القول والتعليق أنها سقطة كبيرة في تاريخه. وستتبعها سلبيات.
بن همام الذي لا توجد مطبوعة أو محطة تلفزيونية وإذاعية إلا وتحدثت على قدومه بقوة من أجل التنافس على كرسي رئاسة فيفا، بن همام الذي قام برحلات ماكوكية إلى بلاد الكاريبي وأقصى دول الشرق الأقصى، وطالب الإنجليز بعدم الامتناع عن التصويب في انتخابات ''فيفا'' وفتح ملفات كبيرة لم تفتح من قبل داخل أروقة ''فيفا''، أعلن بليل عن خبر انسحابه وأنه سيقف أمام لجنة القيم ليدافع عن نفسه ضد الاتهامات التي وجهها إليه بلاتر بتهمة خرق قواعد الانتخابات في ''فيفا''. كل هذه الأحداث سجلت في تأريخ وملف بن همام الرياضي.
أعتقد أن بن همام يعلم أن خوض انتخابات على مستوى الاتحاد الدولي ليس مثل خوض أي انتخابات على مستوى اتحاد محلي ووطنى أو قاري، ولعله لا ينسى قضية ترشيحه لرئاسة الاتحاد العربي التي كانت مثار جدل وتساؤل ما زالت تضع ألف سؤال وعلامات تعجب ثم جاء أخيرا وانسحب .. يا ترى ما الغرض والهدف من هذه المواقف التي تأتي بغرائب الأشياء، ولدى الرجل أشياء صعب سردها في هذا المقال المحدد المساحة ولكن منها تصويتهم إلى جانب ألمانيا ضد جنوب إفريقيا في استضافة مونديال 2006 وتصويتهم ضد مصر في استضافة مونديال 2010. بن همام لم يحسب أمر رئاسة ''فيفا'' بعقلانية ويعلم تماما أن المنصب يكن وراءه تكتلات وتجمعات ومصالح كبيرة تجمع دول وأفراد وشخصيات كبيرة، أعتقد أنه لم يعد العدة لذلك ولكن كان عليه أن ينسحب بشرف ويخوض الانتخابات التي لم تفصله عنها إلا أقل من 72 ساعة فينهزم أفضل من أن ينسحب.
أعتقد أنه انسحاب يترتب عليه أمور كثيرة ليس في شخص بن همام بل من الجهة التي قدم، منها يحتاج العالم الثالث إلى 20 سنة بعد هذه الحادثة أن يقدم شخصا للمنافسة على هذا المنصب، وأعتقد أن وضع بن همام الرياضي خاصة على مستوى ''فيفا'' لن يكون مثل السابق، حيث تبدلت الأمور وتمحورت المواقف، وظهر الأعداء بوضوح وخرجت أصوات تطلق عليه عبارات ليست جميلة مثل التي قالها خوليو رئيس الاتحاد الأرجنتيني الذي يدعم تكتل بلاتر.
على أي حال سينزف دم الفساد من ''فيفا'' بشريان قوي وعنيف حتى لو قال بن همام إنه انسحب لأنه لا يريد أن يلطخ سمعته أكثر من ذلك. لقد انقشع القناع وانكشفت الأدوار، فالكل ينظر اليوم إلى هذه المؤسسة الرياضية التي ظلت تلعب دورا مهما في حياة الناس والمجتمعات منذ نحو 107 أعوام، بأنها تحتضن بؤرة من الفساد والمفسدين مهما كثرت التبريرات وتعلل أعضاؤها بأسباب موضوعية، فأكبر منظومة رياضية كروية في العالم تحتاج خلال المرحلة المقبلة إلى حركة تصحيحية وتغييرات جذرية. انظر كم عضو في اللجنة التنفيذية له تم استبعادهم وستطول القائمة.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي