صناديق الحكومة في سوق الأسهم ومنافسة غير عادلة

من المعلوم أن سوق الأسهم يوجد عادة لأهداف تخدم الاقتصاد بشكل كلي، حيث يخدم ما يسمى بمبدأ السيولة وكذلك حشد المدخرات وإيجاد قنوات استثمارية صالحة لأكبر عدد ممكن من المستثمرين وتلبية رغباتهم بشكل أكثر تنوعاً من منظور المحددات المعلومة للاستثمار وهو المخاطرة والعائد. كما يجب أن يلعب سوق الأسهم دوراً بارزاً في تحقيق أهداف أخرى عنوانها الرئيس التنمية الاقتصادية الكلية. وفي تجربتنا المحلية بدأت تجربة التخصيص كواحدة من السياسات الاقتصادية الإيجابية لكثير من الأنشطة الاقتصادية والصناعات المختلفة سواءً كان تخصيصاً كلياً أو جزئياً وذلك بهدف تعضيد هذه التنمية المؤملة وإعطاء القطاع الخاص دورا أكبر في الناتج المحلي، حيث تعتبر بعض الشركات وخصوصاً الرئيسة منها أحد أهم مكونات سوق الأسهم السعودي. ولعله تاريخيّاً كانت الدولة تمتلك هذه الشركات بالكامل ومن ثم تدرجت في بيع نسب منها أو مساهمة الدولة في أولى مراحل تأسيس هذه الشركات بنسب كبيرة. وهذا مثلما هو معروف إما عن طريق صناديقها السيادية كصندوق الاستثمارات العامة أو الصناديق الأخرى مثل التأمينات والتقاعد وغيرهما.
وقد مر سوق الأسهم بتجارب إيجابية وسلبية وتأثرت هذه الصناديق بالإيجاب أو السلب بحسب معطيات السوق لكون هذه الصناديق تعتبر مستثمرا شأنه شأن من يتعامل فيه. ولن ندخل في إبراز دور هذه الصناديق لكون الموضوع محصوراً على جزئية من سياسة التخصيص وهو ما تقوم به عن طريق الشراء المباشر لأسهم بعض الشركات المدرجة. إن لمساهمة هذه الصناديق بلا شك أثرا ملموسا في سوق الأسهم ولكن الأمر يجب ألا يتعارض مع سياسة التخصيص الإجمالية. فإذا تملكت الدولة أو صناديقها الجزء الأكبر من هذه الشركات فهذا يتعارض مع السياسة الاقتصادية الطامحة إلى تفعيل سياسة التخصيص حتى وإن كانت الشركات تلك تدار بفكر القطاع الخاص من تعظيم للربحية وزيادة الكفاءة التشغيلية. ليس هذا فحسب بل إن الصناديق الحكومية أو شبه الحكومية في الغالب أكبر ملاءة من المستثمر العادي أو حتى المؤسساتي ولذا فهي ستكون أكثر قدرة على تحمل الخسائر، علاوة على ميزها التنافسية الأخرى التي بالتالي ستمكنها من الاستحواذ على أجود الفرص في السوق ويترك لبقية المتعاملين فيه الشركات أو الأسهم التي يغلب عليها تدني مستوى الأداء. وبهذا سيؤدي ذلك إلى تزايد حموة المضاربة وهذا ما لا يُطمح إليه، إذ إن السوق يجب أن يكون سوقا استثماريا وليس مضاربة. نعم هو حق مشروع لهذه الصناديق وغيرها في الاستفادة من سوق الأسهم ولكن محدودية القنوات الاستثمارية في السوق بالأصل تجعله لا يتوازى وحجم قوة الراغبين في الدخول فيه. ولذا فمثل هذه الصناديق يجب أن تفكر في قنوات استثمارية أخرى من مشاريع تنموية اقتصادية مختلفة حتى وإن كانت أكثر مخاطرة من سوق الأسهم لكي تعطي سياسة التخصيص فرصة النجاح بشكل أكبر، حيث إن المردود في النهاية لمصلحة الاقتصاد الإجمالي وزيادة ناتجه الكلي.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي