نصف الإنتاج المحلي من النفط مهدد بالهدر إذا لم نستثمر في الطاقة المتجددة

نصف الإنتاج المحلي من النفط مهدد بالهدر إذا لم نستثمر في الطاقة المتجددة

نصف الإنتاج المحلي من النفط مهدد بالهدر إذا لم نستثمر في الطاقة المتجددة

حبا الله المملكة العديد من الثروات الطبيعية، التي لم تستثمر حتى الآن بالصورة التي تجعل منها مصدرا من مصادر الدخل، خصوصا في وقت تسعى فيه البلاد إلى تنويع تلك المصادر للاقتصاد الوطني، من تلك الثروات الشمس التي تعد مصدرا من مصادر الطاقة يتسابق العالم على الاستفادة منها بالطرق كافة. وإيمانا بأهمية هذه الصناعة للاقتصاد الوطني أجرينا هذه الندوة المتخصصة عن مستقبل هذه الصناعة في المملكة، التي استضافتها ''الاقتصادية'' بحضور نخبة من المتخصصين في هذه الصناعة، وهم: عبد الله طيبة، الرئيس التنفيذي لشركة قدرة العربية، الدكتور عبد الرحمن العضيبي، أستاذ هندسة الطاقة المساعد في مركز بحوث الطاقة في مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية، الدكتور ماهر العدوان، أستاذ الهندسة الكيمائية في جامعة الملك سعود، المهندس عبد الهادي المريح، المدير العام لشركة أنظمة الطاقة الشمسية الوطنية، والمهندس صالح العقيلي، مدير تطوير صناعة الطاقة الشمسية في البرنامج الوطني لتطوير التجمعات الصناعية. وقد أجمع المشاركون في الندوة على أن الطاقة الشمسية ليست بديلة للنفط، لكن مكملة له، وأن المملكة في حاجة إلى هذه الصناعة أكثر من أي وقت مضى؛ وذلك للمضي قدما في توجهها القوي لإيجاد الطاقة البديلة، وبخاصة الطاقة الشمسية؛ نظرا لامتلاكها مقومات هذه الصناعة كافة كتوافر النفط وكميات هائلة من أشعة الشمس. وأكد المشاركون في الندوة ضرورة تقديم حوافز للمستثمرين ليس لإنتاج الكهرباء فقط، وإنما لتصنيع القيمة المضافة كتصنيع الخلايا الشمسية والتوظيف، مع مراعاة تحقيق التوازن بين الجانب التكنولوجي والجانب الاقتصادي. إلى التفاصيل: #2# ما صناعة الطاقة الشمسية؟ بداية، يقول الدكتور ماهر العودان: إذا أردنا التحدث عن كلمة صناعة الطاقة الشمسية فهي لا تشمل محطات إنتاج الطاقة الشمسية فقط، بل تشمل سلسلة كثيرة من الصناعات، هذا أولا، وثانيا الطاقة الشمسية تنقسم إلى قسمين رئيسين، هما الخلايا الكهروضوئية والطاقة الشمسية الحرارية. فالخلايا الكهروضوئية يتم تصنيعها في مصانع وتجميعها ووضع أجهزة التحكم والمحولات التي تقوم بتحويل التيار من تيار مستمر إلى تيار متردد، إضافة إلى التشغيل والطاقة البشرية وإنتاج التقنية، وبالتالي فإن الصناعة تشمل كل تلك المجالات، ويضيف العودان أن وجود هذه الصناعة في المملكة أصبح ضروريا جدا، وذلك لأبعاد استراتيجية كثيرة واقتصادية، مع الأخذ في الاعتبار اننا متأخرون في هذه الصناعة، إلا أن توجهنا حاليا هو التوجه الصحيح لجعل إنتاج الطاقة الشمسية صناعة بشكل أشمل، وفي الوقت نفسه تقليل الاعتماد على النفط في توليد الكهرباء. وفي هذا الجانب، قال المهندس صالح العقيلي: إن مفهوم الصناعة يتكون من قسمين، قسم يختص بتصنيع أجهزة ومعدات الطاقة الشمسية، والقسم الآخر يعنى بإنتاج الطاقة الشمسية. فمن حيث التصنيع كتصنيع الأجهزة والمعدات الطاقة الشمسية، نستطيع أن نقول إن صناعة الطاقة الحرارية والتي تعتبر أحد أقسام الطاقة الشمسية، مكوناتها بسيطة وموجودة في المملكة، وممكن لا تكون بالمواصفات المطلوبة حاليا، لكنها موجودة ويمكن تطويرها بسرعة مثل الصناعات المنتجة من صناعات الزجاج أو الصناعات المعدنية وليس هناك صعوبة في تطويرها وبسرعة، وبالتالي نستطيع أن نقول إن ما بين 70 – 80 في المائة من مكونات صناعة الطاقة الحرارية متوافرة في المملكة. ولكن إلى الآن لم نبدأ في تطويرها، والسبب في ذلك أن المستثمرين الصناعيين يريدون أن يعرفوا حجم الطلب قبل الاستثمار في هذه الصناعة، وهذا من وجهة نظري أمر طبيعي لأي مستثمر بشكل عام. وبالنسبة للطاقة الكهروضوئية وهي القسم أو النوع الثاني من هذه الصناعة فهي تقريبا أكثر صعوبة من صناعة الطاقة الحرارية، ومكوناتها متوافرة في المملكة بنسبة تراوح بين 20 و30 في المائة، وهي ليست بالمواصفات المطلوبة نفسها، لكنها موجودة ويمكن تطويرها خلال فترة بسيطة لتلبية احتياجات مصنعي الطاقة الشمسية الكهروضوئية. وقد بدأنا في المملكة بالصناعات المتعلقة بالطاقة الكهروضوئية، التي تعتمد بشكل كبير على المميزات التنافسية الموجودة في المملكة كأسعار الطاقة، ومن تلك الصناعات على سبيل المثال صناعة البولي سيلكون ويوجد منها ثلاثة مشاريع، وهناك مشروع رابع آخر كلها تحت التطوير، وأحدهما سيبدأ قريبا. أما إذا تحدثنا عن إنتاج الطاقة الشمسية، فالسوق المحلية ما زالت تحتاج إلى سياسات مناسبة تدعم ذلك الإنتاج، وهو ما يعمل عليه حاليا في مدينة الملك عبد الله للطاقة الذرية والمتجددة، ويتوقع ظهورها قريبا. أسباب التوجه للطاقة الشمسية عن أسباب توجه المملكة لصناعة الطاقة الشمسية، قال المهندس عبد الله طيبة: هناك عاملان مهمان لذلك التوجه، الأول هو العامل البيئي والعامل الثاني سعر التكلفة. فمثلا نحن في وقت سابق كان سعر البترول عندنا منخفضا نسبيا، وبالتالي لم يكن هناك جدوى اقتصادية من إيجاد طاقة بديلة أغلى، وخصوصا إذا ما علمنا أن الفرق بين إنتاج الاثنين شاسع جدا، إضافة إلى أن سعر البترول مدعوم محليا، وليس بسعر البيع في السوق العالمية. وهذا هو الذي كان حاصلا سابقا، أما اليوم فالوضع مختلف؛ فعندما بدأ سعر البترول يرتفع سواء محليا آو حتى عالميا، إضافة إلى ما يقال عن اقتراب نضوب النفط سواء استمر 200 أو 300 سنة فهو في الأخير مادة أو مصدر قابل للنضوب، إضافة إلى العوامل البيئية من حيث التلوث، أصبح هناك توجه في المملكة نحو الطاقة البديلة أو الطاقة الشمسية تحديدا، خصوصا أن المملكة قد حباها الله بالنفط، وكذلك بكم هائل من الشمس والأشعة، وهذا غير موجود في العديد من الدول. التأخر في دخول صناعة الطاقة الشمسية وعن مدى التأخر في الدخول لتلك الصناعة، قال المهندس طيبة: إننا قد تأخرنا كثيرا في الدخول لهذه الصناعة، وأسباب التأخر من وجهة نظري، والحديث هنا لطيبة، هو وجود البترول بسعر منخفض، وهذا أسهم في عدم البحث عن الطاقة المتجددة، وبخاصة الطاقة الشمسية. وأضاف: نحن في هذا الجانب تعلمنا درسا واكتسبنا تجربة من صناعة المياه المحلاة في السعودية، فنحن أكبر دولة منتجة للمياه المحلاة في العالم، ومع ذلك لا يوجد لدينا تكنولوجيا للمياه فكلها مستوردة من الخارج، مثل التناطح العكسي وغيرها، فمنذ 20 إلى 25 سنة من الإنتاج لم نوجد تلك التكنولوجيا في المملكة حتى الآن؛ لذلك ومن هذا المنطلق أصبح هناك حاجة فعلية إلى قيام مثل هذه الصناعة، وتم التوجه لذلك من خلال حراك داخل الجامعات المحلية سواء جامعة الملك عبد الله أو جامعة الملك فهد البترول والمعان وغيرها من الجامعات الأخرى حول تلك الصناعة. وبالفعل هناك توجه فعلي لتكوين تكنولوجيا منشأها من المملكة وتطبيقاتها في المملكة، إضافة إلى أنها وبعد فترة يمكن أن تصدر لبقية دول العالم. في هذا الجانب، قال المهندس العقيلي: أعتقد أن سبب التأخر في الدخول لهذه الصناعة، هو أنه كان ينظر للطاقة الشمسية أو أي طاقة أخرى على أنها منافسة للبترول، وبما أن المملكة منتجة للنفط وبناءً على تلك النظرة، فمن البديهي ألا يكون هناك توطين لصناعة الطاقة الشمسية أو أي طاقة بديلة تنافس الميزة التي تتميز بها المملكة عن العالم، لكن ومع ارتفاع أسعار البترول إلى 70 و80 دولارا للبرميل، وما يتم تداوله بأن البترول ليس هو مصدر الطاقة النهائي للبشر، وتغير القناعات السابقة والمتمثلة في أن الطاقة الشمسية لن تكون منافسة للبترول، بل ستكون مكملة له، أصبح هناك توجه جاد للدخول لتلك الصناعة وتوطينها، وهذا ما يؤكده إنشاء مدينة الملك عبد الله للطاقة الذرية والمتجددة. ولكن المهندس عبد الهادي المريح يخالف ما تم طرحه من حيث التأخير، إذ قال: أختلف مع ما طرح حول تأخر المملكة في الدخول إلى هذه الصناعة، بل على العكس تماما، المملكة من أوائل الدول التي لديها توجه لصناعة الطاقة الشمسية، ودعونا نستعرض نشأة هذه الصناعة عالميا للتأكيد على أننا لم نتأخر في ذلك، بدأت هذه الصناعة في السبعينيات والثمانييات، وكانت المملكة في ذلك الوقت من أوائل من دخل لعالم هذه الصناعة من خلال المشاريع المشتركة بين المملكة ممثلة بمدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية والحكومة الأمريكية، وكذلك الحكومة الألمانية، هذا في السبعينيات، فبالتالي نحن دخلنا تلك الصناعة من ذلك الوقت بمعني أننا من الأوائل ممن دخلوا تلك الصناعة، إضافة إلى أن الاهتمام العالمي بتلك الصناعة لم يكن إلا في التسعينيات، ومن ألمانيا تحديدا،، ومن ثم زاد الاهتمام بالأبحاث والتطوير المتعلقة بهذه الصناعة، وأصبح هناك دعم من الدول الغربية لهذه الأبحاث لإيجاد مصادر طاقة بديلة للبترول بعدما تردد الحديث عن نضوبه. وبالتالي فنحن بدأنا مع البدايات الفعلية لهذه الصناعة، لكن للأسف لم يظهر الاهتمام بها عالميا إلا في التسعينيات، إذا أخذنا ألمانيا كحالة منفردة فقط، وبشكل عام لم تبدأ هذه الصناعة فعليا وبشكل تجاري كبير إلا في السنوات الخمس الأخيرة، وهذا يعني أن المملكة لم تتأخر في الدخول لهذه الصناعة. وعقّب عبد الله طيبة على النقطة نفسها حول هل نحن متأخرون أم هذا هو الوقت المناسب لدخول إلى هذه الصناعة؟.. بقوله: أعتقد أن أي تكنولوجيا في العالم إذا لم يستثمر في تطويرها منذ البداية فلن تتطور ولن تكون منافسة، فالعالم كله أهمل الاستثمار في الطاقة الشمسية بمختلف أقسامها، أو أنواعها الكهروضوئية، أو الحرارية، أو حتى التبريد، إلا أن ظهرت مشاكل بيئية في الغرب دفعتهم للاستثمار وبشكل كبير في تكنولوجيا الطاقة الشمسية، وفي المملكة لم يكن لدينا مشكلة بيئية فلم نشعر بخطورة الموضوع وبدأنا نشعر بالخطورة عندما وجدنا أننا في عام 2025 م سنحرق وقودا لإنتاج طاقة داخل المملكة بما يوازي خمسة أو ستة ملايين برميل يوميا، وقد تصل إلى ثمانية ملايين برميل يوميا، ومعنى ذلك أن كل البترول الذي سننتجه سيحرق، ولن نبيعه وهنا يكمن الخلل. نحن تأخرنا كثيرا، وكان من المفترض أننا استثمرنا في هذه الصناعة حتى ولو في شركات في الخارج مثلما فعلت دولتا الكويت والإمارات. وكما نشاهد اليوم لا يوجد ولا شركة من الشركات الرائدة في مجال الطاقة الشمسية مملوكة لمستثمر سعودي أو صندوق سعودي. حجم الاستثمار عالميا في هذه الصناعة في هذا الجانب، قال الدكتور العودان: إن حجم المال المستثمر في هذه الصناعة يجب أن ينظر إليه من خلال ثلاثة أشياء: التصنيع، وكمية الاستثمار لإنتاج الكهرباء بالطاقة الشمسية، ونسبة الطاقة الشمسية من نسبة الطاقة المنتجة في البلد. فمن حيث التصنيع تعتبر اليابان والصين وألمانيا هم الرواد في ذلك، أما من حيث حجم الاستثمار في الكهرباء المنتجة من الطاقة المتجددة إجمالا فقد كان في عام 2006م، 2007م على التوالي 73 مليار دولار، 104 مليارات دولار، وفي عام 2008 م وصل إلى 220 مليار دولار، وحاليا يقدر حجم الاستثمار بـ 300 مليار دولار، وكما هو ملاحظ فحجم النمو كبير جدا، وأسباب ذلك هو ارتفاع سعر البترول المستخدم في إنتاج الطاقة الكهربائية، والتلوث البيئي الذي يحدث من إنتاج الكهرباء من البترول، إضافة إلى أن هناك بعدا استراتيجيا، وهو استخدم البترول لإنتاج منتجات بها قيمة مضافة عالية بدلا من حرق البترول فقط لإنتاج الطاقة فقط. أما من حيث الدول المنتجة للكهرباء من الطاقة المتجددة، فنجد أن أوروبا، وبقيادة ألمانيا وأمريكا، الصين، ألمانيا، البرازيل.. المساحة المطلوبة لتوليد الطاقة في هذا الجانب، قال الدكتور العودان: إن تقديراتنا للمساحة اللازمة لإمداد المملكة من الطاقة الشمسية تقريبا 30×30 كيلو مترا مربعا؛ فهي تكفي لإنتاج الطاقة الكهربائية بحجم إنتاج يصل إلى 40 جيجاواط، وهذا يغطي المملكة بالكامل. وأضاف عبد الله طيبة قائلا: إنه لو استخدمت مساحة 400×400 كيلومترمربع من صحراء إفريقيا على سبيل المثال فإنها ستنتج طاقة كهربائية قادرة على تلبية احتياج العالم بأكمله من الكهرباء. الاستثمار في هذه الصناعة قال عبد الله طيبة: لا يمكن أن ننظر إلى الموضوع من جانب اقتصادي فقط أو تكنولوجي فقط، لكن لا بد من تحقيق توازن بين الاثنين. فالاستثمار يكون إما في تصنيع أو توليد أو في أبحاث، فمن حيث التصنيع محليا اليوم فهو صعب جدا؛ نظرا لأنه لا يوجد حوافز كافية لمنافسة المصنعين في الصين مثلا فالتكلفة في الصين منخفضة ولا بد من وجود حوافز ودعم حكومي لكي يتم التصنيع محليا، وبالتالي يكون الاستثمار مجديا. أما الاستثمار في توليد الكهرباء فهو مجدٍ، بحيث من الممكن بناء محطة بمولد كهرباء سواء بخلايا كهروضوئية أو حرارية واستيراد منتجاتها من الخارج ولا داعي للتصنيع، ولكن إذا كان لدي تصنيع وبسعر مناسب فهذا أفضل وأفضل. وبشكل عام فالحوافز المتوافرة حاليا في السوق المحلية غير كافية لتصنيع أجهزة ومعدات الطاقة الشمسية في المملكة. في هذا الجانب، قال عبد الهادي المريح: هنا نقطة مهمة يجب ألا نغفلها عندما نتحدث عن الاستثمار، وهي أن الطاقة الشمسية ليست بديلة عن النفط ولا حتى في المستقبل القريب، ولا بد من التفكير فيها على أنها طاقة مكملة وليست بديلة، وبالتالي فإن النظرة الاسترتيجية للتوجه نحو الاستثمار في هذه الصناعة يجب أن يكون هناك التزام وعلى جميع المستويات في الدولة لتحقيق هذه النظرة تجاه الطاقة الشمسية بتوفير جميع الإمكانات للوصول إلى الهدف، فعلى سبيل المثال العقد التشغيلي للاستثمار في محطة للطاقة الشمسية يجب ألا يقل عن 20 أو 25 عاما حتى يكون هذا الاستثمار مجديا وجاذبا للمستثمر أولا، إضافة إلى ضرورة وجود حوافز للمصنعين ليس لإنتاج الكهرباء فقط، وإنما لتصنيع القيمة المضافة كتصنيع الخلايا الشمسية والتوظيف وتطوير التقنية. وأضاف المريح: لا بد أيضا من الربط بين الطلب وتصنيع الطاقة الشمسية بطريقة ما، بحيث يتم تحفيز التصنيع بأن يكون مجديا، فمثلا إذا كان هناك ربط بين التشريعات التي تعمل عليها الآن مدينة الملك عبد الله والتصنيع بحيث تحفز المصنعين وتشجعهم ليبدأوا على مستويات معينة ويكون مربوطا بالطلب والشراء المضمون لتلك المنتجات. وفي هذا الجانب قال صالح العقيلي: للاستثمار في منتجات ومواد هذه الصناعة لا بد من مجموعة من السياسات والإجراءات تدعم الاستثمار في السوق المحلية. كذلك لا بد من وجود مواصفات تحمي السوق من المنتجات الرديئة، فعلى سبيل المثال الصناعة الصينية صحيح أنها رخيصة ومنافسة، إلا أن ما بين 30 إلى 40 في المائة من صناعاتها فيه مشاكل في الجودة واكتشفت في أماكن كثيرة من العالم، وهذا ما دفع بريطانيا إلى وضع نظام صارم للمواصفات. وأقترح أن تقود هذا التوجه مدينة الملك عبد الله بحيث يخفف العبء عن الجمارك، بحيث أن يكون المصنع الذي ينتح ألواح الطاقة الشمسية معتمدا بشهادة من المدينة، ولكي يعتمد لا بد أن يلتزم بالمواصفات والشروط التي تضعها المدينة والخاصة بجودة تلك المنتجات، فبالتالي يكون من السهل على الجمارك التعرف على المنتج الجيد من الرديء بناءً على المصنع المنتج المعتمد من المدينة. ويضيف الدكتور العضيبي: إن هيئة المواصفات والمقاييس لا يوجد لديها مواصفات لتلك المنتجات، وكذلك الجمارك ليس لديها الأجهزة التي تكشف البضاعة الجيدة من الرديئة، ولدينا تجربة في مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية من خلال مصنع يصنع طاقة شمسية بقدرة 3 ميجاواط في السنة والآن ستوضع عليه مواصفات مطابقة للمواصفات الأوربية والتي يقوم بها معهد فرانهوفرهانوفر، وهي فقط مجرد بداية؛ فجميع مصانع الطاقة الشمسية في مدينة الملك عبد العزيز أو جامعة الملك عبد الله يتفقون على أن تكون شهادات المواصفات شهادات سعودية وبمواصفات عالمية. ومما يؤكد التوجه العالمي للاستثمار في هذه الصناعة يقول الدكتور العضيبي: إن الطلب على الخلايا الشمسية وخلال السنوات الثلاث الأخيرة ارتفع وبشكل كبير جدا، والذي انعكس بدوره على السعر؛ نظرا لقلة المعروض وزيادة الطلب، فعلى سبيل المثال كان سعر الخلية الواحد واط في العام 2009م يصل إلى 0.27 سنت، أما حاليا فسعرها يصل إلى 1.5 دولار. التجمعات الصناعية عن التجمعات الصناعة وخصوصا تجمع الطاقة الشمسية في المملكة، قال صالح العقيلي: نحن في التجمعات الصناعية عملنا منذ ثلاث سنوات على تطوير قطاع تصنيع منتجات ومواد الطاقة الشمسية ووضعنا أسسا لتطبيق القطاع داخل المملكة من الناحية التصنيعية، وكان تركيزنا على الصناعة وكيفية توطينها كصناعة الأجهزة والمعدات مثلا من خلال جذب المستثمرين سواء كانوا محليين أو عالميين للاستثمار في السوق المحلية، وقد كان التركيز في البداية على الصناعات التي يمكن قيامها من دون وجود سوق أو طلب، وهي الصناعات الأساسية كصناعة البولي سيلكون والقوالب والشرائح وغيرها، وفي هذا الجانب يوجد حاليا ثلاثة مشاريع لتطوير البولي سيلكون، ومشروع للقوالب والشرائح التي تصنع منها خلايا الطاقة الشمسية. ويوجد الآن مشروع آخر في مجال ألواح الطاقة الشمسية الرقيقة تحت التطوير بالتعاون مع شركة عالمية رائدة في هذا المجال، أما المجال الأخر للصناعة فهو تجميع ألواح الطاقة الشمسية والتي تحتاج إلى سوق في البداية، فنحن في التجمعات الصناعية قمنا بتسويق الميز التنافسية التي تمتلكها المملكة لأكثر من 85 شركة حول العالم، ومعظم أولئك المستثمرين رحبوا بالاستثمار، لكن اشترطوا أن يكون هناك طلب محلي على الأقل ولو بنسبة الطلب 30 أو 40 في المائة، وبالتالي فمتى ما توافر ذلك الطلب المحلي ستكون المملكة الخيار الأول لهم للتصنيع في منطقة الشرق الأوسط. الميزات التنافسية للسوق المحلية عن الميز التنافسية التي تمتلكها السوق المحلية، قال العقيلي: يتوافر في المملكة العديد من الميزات التنافسية، التي منها على سبيل المثال توافر البنية التحتية، والتي تعتبر الأفضل على مستوى المنطقة، تسهيلات إيجار الأراضي الصناعية، الموقع الاستراتيجي للمملكة كموقع إنتاج وتصدير لعديد من الدول، إضافة إلى توافر العديد من المواد التي تدخل في صناعة الطاقة الشمسية مثل الزجاج والتي تعتبر المملكة من الرواد في هذه الصناعة على مستوى الشرق الأوسط، كذلك منتجات الألمونيوم، التي تعد منافسة في السعر مقارنة بالدول المجاورة، إضافة إلى توافر صناعة الحديد والتي نعتبر فيها كذلك من الرواد. وبالتالي إذا نظرنا إلى تكلفة التصنيع المحلية فنجد أنها مقاربة لتكلفة التصنيع في دول أوروبا الشرقية. وأرى أن المملكة لديها كل مقومات الاستثمار في الطاقة الشمسية حاليا. أما عبد الهادي المريح، فيقول إن السوق المحلية تحتاج إلى تشريعات وأنظمة من ناحية إنشاء شركة جديدة، سجل تجاري، تقديم على أراضٍ صناعية، حماية منتجات لتكون بيئة الاستثمار بيئة جاذبة. وللنهوض بصناعة الطاقة الشمسية يجب أيضا أن نضع لها استراتيجية مثل ما عمل لصناعة البتروكيماوات في المملكة من حيث سعر الغاز وغير ذلك من التسهيلات، وأعتقد هذا هو الذي يخلق الفارق النسبي بين السوق المحلية والأسواق المنافسة في صناعة الطاقة الشمسية. صناعة الطاقة الشمسية وتوفير الوظائف في هذا الجانب يقول صالح العقيلي: إنه ومن واقع اقتصاديات الطاقة الشمسية فإن هذه الصناعة تتيح قيمة مضافة للبلد من ناحية التوظيف؛ فعلي سبيل المثال استثمار مليون دولار في صناعة البترول يخلق وظيفة واحدة، بينما استثمار مليون دولار في صناعة الطاقة الشمسية يخلق 12 وظيفة تقريبا. التعليم ومستقبل صناعة الطاقة الشمسية يقول عبد الله طيبة، هنا: إن موضوع التعليم ذو شجون، فدعونا نأخذ كوريا الجنوبية كمثال، فقد خرجوا من حرب عام 1950 وليس لديهم أي شيء لا وقود ولا مصادر للمياه ولا أي من المقومات. ولكن كان لديهم ثروة وهي البشر، فقط ركزوا على بناء الشخص واستثمروا فيه، من خلال نظام تعليمي مميز، والنتيجة أن الكوري اليوم يتمتع بالمهارات الأساسية التي يستطيع من خلالها التعامل والعمل مع كل جديد؛ لذلك لا بد هنا من الاستثمار في العنصر البشري بصورة صحيحة بحيث نستطيع أن نوجد جيلا قادرا على التعامل مع ما يستجد من صناعات وغيرها. ويضيف الدكتور العضيبي: إنه لا يوجد حاليا لدينا متخصصون أو مهنيون في صناعة الطاقة الشمسية، وبالتالي فإن الحاجة موجودة إلى مثل هذا النوع من التخصصات، لكن لا بد من إيجاد قنوات تدريب وتأهيل للكوادر البشرية في هذه الصناعة، وحاليا هناك توجه لنشر ثقافة الطاقة المتجددة عموما من خلال قنوات التعليم، فمثلا حاليا مشروع الملك عبد الله لتطوير التعليم العام يتباحث مع وزارة التربية والتعليم لإدخال الطاقة المتجددة من خلال مختبرات بسيطة للطلاب، كذلك في التعليم الجامعي نجد أن جامعة الملك سعود يوجد فيها برنامج الماجستير في الطاقة المتجددة، كما يوجد برنامج البكالوريوس في جامعة البترول والمعادن في تخصص في الطاقة المتجددة، ومن بينها الطاقة الشمسية وطاقة الرياح. أما الدكتور ماهر العودان، فيؤكد أن التعليم جزء مهم جدا، إضافة إلى الأنظمة والقوانين، ولا بد من وضع أنظمة تطبيقية فعلية تتسم بالشفافية، إضافة إلى ضرورة وجود ترابط وتكامل بين جميع الأجهزة في الدولة، سواء كانت تعليمية أو غيرها، إذا ما أردنا تنفيذ استراتيجية تصنيع وتصدير للطاقة الشمسية، وبأيدٍ سعودية.
إنشرها

أضف تعليق