«الشورى».. حديث الرئيس
في مطلع الشهر الماضي أدلى رئيس مجلس الشورى الشيخ الدكتور عبد الله بن محمد بن إبراهيم آل الشيخ بحديث لجريدة ''الوطن'' حول قواعد العمل الجديدة في المجلس وقضايا أخرى تهم الرأي العام. كان اللافت للنظر في ذلك الحديث صراحة الضيف وإجاباته المباشرة، ما جعل الحوار ذا فائدة للقارئ خلافا لما بات مألوفا في كثير من اللقاءات الصحافية التي تنشرها وسائل الإعلام لبعض المسؤولين. لعل من أهم النقاط التي تناولها الحوار هو موضوع الجلسات التي يحضرها مسؤولو الدولة، التي وصفها رئيس المجلس بأنها في شكلها الحالي غير مفيدة، إذ تشبه إلى حد كبير المؤتمرات الصحافية دون إتاحة الفرصة لمتابعة النقاش كي تنجلي الحقائق ومن ثم نقاط الاتفاق أو الاختلاف.
كما تناول الحوار مع رئيس المجلس موضوع تأخر بعض الجهات الحكومية في رفع تقاريرها السنوية، وهي مشكلة أقر بوجودها الرئيس وإن تلمس العذر لبعض الحالات. لكن ما يدعو للتفاؤل أنه لم يعف المجلس من مسؤولية البحث عن علاج لتلك المشكلة.
وكنت قد طرحت في مقال نشرته ''الاقتصادية'' قبل عامين بعض المقترحات لتعظيم الفائدة من الجلسات التي يُستضاف فيها الوزراء ورؤساء الإدارات المستقلة، ومن التقارير السنوية التي يلزم النظام برفعها من قبل كل جهة حكومية ذات ميزانية مستقلة خلال 90 يوما من انتهاء السنة المالية. إذ أصبحت قضايا الشأن العام اليوم أكثر تعقيداً وإلحاحاً من ذي قبل، يلاحقها مواطن واعٍ عبر وسائل إعلام متعددة من مقروءة، مرئية، ومسموعة.
ومن ثم قد يستحسن المجلس في ذلك السياق دمج بعض الآليات القائمة وتطوير البعض الآخر بما يحقق عائداً أفضل على الوقت الذي يقضيه المجلس في إنجاز أعماله، ما ينعكس إيجاباً على دوره في خدمة المجتمع. من بين أبرز تلك الآليات تقارير الأداء السنوية التي تقدمها الوزارات والمصالح الحكومية, التي تستغرق دراستها ومناقشتها حيزاً كبيراً من وقت اللجان وجلسات المجلس. إذ تأتي تلك التقارير في الغالب متأخرة، ناهيك عن نمطية إعدادها وما يصدر بشأنها من توصيات، والفجوة الواضحة بين محتواها وبين ما يلمسه المواطن على أرض الواقع. وربما ذلك ما يدفع المجلس في كثير من الحالات إلى استجلاء الحقائق والكشف عنها بشكل مباشر من خلال دعوة بعض الوزراء لإلقاء بيانات عن إنجازات وزاراتهم والرد على أسئلة الأعضاء.
لذا قد يكون من الأجدى لو أن المجلس دمج خطوتي دراسة التقرير السنوي لكل وزارة ولقاء الوزير في خطوة واحدة وفق جدول زمني يرتب سلفاً في مطلع كل عام يعد له جيداً من قبل الجميع. تلك الآلية من شأنها أن تحقق منافع لكل الأطراف وأولهم المواطن الذي تسهر الدولة بكل مؤسساتها على خدمته ورعاية مصالحه. وسيتيح الإعلان المسبق عن الجدول الزمني للقاءات المسؤولين بأعضاء المجلس، وقتا كافياً للمواطنين لبسط هموهم وشجونهم وطرح رؤاهم بشكل منظم يساعد على إدراجها ضمن محاور الحوار بدلاً من أفكار مشتتة هنا وهناك يسهل على ضيف اللقاء القفز عليها دون أدنى جهد ومن ثم تكون الحصيلة تفريغ اللقاء من أي نتائج أو التزامات يمكن تلمسها أو متابعتها في الأيام اللاحقة.
وقد نخطو خطوة أخرى في تلك السبيل بأن نطلب من كل مسؤول تقديم مذكرة للمجلس قبيل موعد اللقاء بما استجد في أداء وزارته خلال المدة التي انقضت منذ آخر تقرير رفعته الوزارة بناء على المادة 29 من نظام مجلس الوزراء كي لا يهدر وقت اللقاء في جدل حول أرقام وبيانات تبدو متضاربة لا لشيء سوى أن بعضاً منها يمثل فترة، بينما البعض الآخر يمثل فترة أخرى.
أما المقترح الآخر لتعظيم الإفادة من وقت المجلس لمصلحة المواطنين بتوسعة مشاركتهم في أعماله، فيدعو إلى نشر ''مشروعات'' الأنظمة على موقعه الإلكتروني فور تسلمها من ديوان رئاسة مجلس الوزراء والأخرى التي يقدمها الأعضاء ليطلع الجمهور عليها وتقديم ما قد يكون لديهم من مرئيات للجنة المعنية بدراسة مشروع النظام. تلك الخطوة ليست انتقاصاً من الآلية المرعية حالياً، بل مكملة لها.
إن توسعة المشاركة وتوظيف وقت المجلس بكفاية عالية، مطلب للجميع، وأحسب أن رئيسه قادر على تحقيق تلك الأهداف المحققة لتطلعات خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز لدور المجلس في مسيرة الإصلاحات التي يشهدها الوطن بقيادته في عهده الميمون.