هدر الكهرباء في 20 ألف جامع بالمملكة يصل إلى 70 % .. ومطالب بالحد من هذا الإسراف

تناولت ''الاقتصادية'' في حلقات سابقة التوعية بترشيد المياه في المساجد، وتم التطرق لموضوع الترشيد في المساجد بكثير من التمحيص، وتمت مناقشة محاور متعددة في هذا الجانب، وسنبدأ بدءا من هذا العدد بتوعية أخرى ستكون عن ترشيد الكهرباء في المساجد، وهي مشكلة لا تقل عن مشكلة ترشيد المياه في المساجد، وسيتم تناول موضوع ترشيد الكهرباء في المساجد على عدة حلقات، وسنركز في هذه الحلقة على محور من محاور الترشيد يتعلق بدور إمام المسجد بالترشيد والمتابعة، ولكن قبل الدخول في نقاش ذلك سنتناول مفهوم الترشيد الذي يجهله بعض الناس.

مفهوم الترشيد وأهدافه

إن الترشيد يعد الاستخدام الأمثل لموارد الطاقة الكهربائية المتوافرة واللازمة لتشغيل المنـشأة دون المساس براحة مستخدميها أو إنتاجيتهم أو المساس بكفاءة الأجهزة والمعدات المستخدمة فيها أو إنتاجها، ومن أهداف الترشيد تحقيق عدة أمور هي:

أ - تخفيض قيمة فاتورة الاستهلاك.

ب - البعد عن الإسراف المنهي عنه.

ج - المشاركة الفاعلة مع الشركة لاستمرار الخدمة الكهربائية بالكفاءة المطلوبة عن طريق تخفيض الأحمال الزائدة على محطات وشبكات الكهرباء.

أهمية الترشيد في التكييف

ولترشيد استهلاك الطاقة الكهربائية في بعض الأجهزة عدة طرق:

أ) التكييـــف

جهاز التكييف من أكثر الأجهزة استخداماً لارتفاع درجة الحرارة أثناء الصيف، حيث يستهلك هذا الجهاز قدراً كبيراً من الطاقة الكهربائية تنعكس على فاتورة الاستهلاك، وفيما يلي طرق ترشيد الطاقة الكهربائية المستخدمة في المكيفات.

1 - إغلاق النوافذ والأبواب لمنع دخول الهواء الحار إلى الداخل.

2 - الحرص على سد الثقوب لمنع دخول الهواء الحار، وذلك بوضع الحشوات حول إطارات الأبواب، والنوافذ، ومراوح الشفط، وأية أماكن أخرى تمر فيها الأسلاك والأنابيب من خلال الجدران.

3 - إسدال الستائر (العازلة) للنوافذ لمنع دخول الحرارة الخارجية إلى الداخل.

4 - تفادي تركيب المكيفات الجدارية Window Type في المناور أو الأماكن الضيقة لضمان تهوية جيدة للجهاز وعدم زيادة الاستهلاك.

5 - الاهتمام بتنظيف مرشحات أجهزة التكييف، فمن الصعب أن يمر الهواء خلال مرشحات غير نظيفة، وبالتالي تستهلك المكيفات مزيداً من الطاقة وترفع من قيمة فاتورة الاستهلاك.

6 - غسل المكيف لدى مراكز الصيانة قبل دخول فصل الصيف.

7 - التأكد من إطفاء المكيفات عند الخروج من الغرفة أو المكتب.

8 - تركيب النوافذ من الزجاج العاكس للحرارة والمزدوج لتقليل انتقال الحرارة إلى داخل الغرفة.

9- ضبط ثرموستات المكيف (جهاز ضبط الحرارة) عند درجة 25 مئوية (75 فهرنهايت) وهي الدرجة الأنسب للتبريد المريح.

نسبة كبيرة

اهتمت وزارة المياه والكهرباء بالترشيد في الكهرباء، حيث كشف المهندس عبد الله بن عبد الرحمن الحصين وزير المياه والكهرباء في المملكة في وقت سابق عن أن نسبة هدر الكهرباء في جوامع المملكة تصل إلى 70 في المائة، يهدرها ما يزيد على 20 ألف جامع.

رقم آخر لا يقل غرابة أن جامع ''العريجا'' في ''الرياض'' يقوم بتبريده 28 مكيفاً، في حين يصل عدد المصلين إلى صف واحد أو صفين فقط! وأنه أمام العدد غير الطبيعي، أجريت تجربة في الجامع وهي تشغيل ثمانية مكيفات فقط، بعد أن تم فصل التكييف عن الصفوف الأخيرة، دون أن يؤثر ذلك في الصلاة أو المصلين في الجامع.

ولذلك ستعمم التجربة على جميع جوامع المملكة التي تكيَّف وتضاء بالكامل لفرد واحد أو عدة أفراد.

دور أئمة المساجد

يرى عدد من المختصين أن لأئمة المساجد دورا في التوعية بترشيد الكهرباء في المساجد من واقع مسؤولياتهم بالمساجد ومتابعتهم لوضع المساجد كمسؤولين عنها، ما يسهم في ترشيد استهلاك الكهرباء.

#2#

ويؤكد هذا الدور الشيخ حامد الأحمري إمام وخطيب مسجد شمال الجامعة في أبها الذي يقول: إن الترشيد في الكهرباء أو المياه عامل مهم في التخلص من الإسراف في بيوت الله الذي تعانيه بعض المساجد في هذين الجانبين، ولا سيما أن الإسراف مرفوض في المجتمع المسلم، وقد نهى عنه الشارع الحكيم وأمر باجتنابه، يقول الله ـــ سبحانه وتعالى ـــ (كلوا واشربوا ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين)، ويقول تعالى أيضا (إن المبذرين كانوا إخوان الشياطين وكان الشيطان لربه كفورا) سورة الإسراء، كما أن الشريعة أمرت بحفظ المال وهو من الضرورات الخمس التي أمر الله بحفظها، وقول الرسول ـــ صلى الله عليه وسلم ـــــ (لسعد بن أبي وقاص ــــ رضي الله عنه ـــــ عندما أراد الوضوء ''لا تسرف ولو كنت على شفا نهر جار) بعد هذه الدروس التربوية أيحق للمسلم أن يهدر المال العام أيا كان ذلك المال؟ ويعلم أن الله سيحاسبه على ذلك، والأمم المتقدمة تحافظ على الاقتصاد، كما أن جودة السلعة تكمن في اقتصادها، لذلك فإن الثريا الكبيرة في المسجد لم نرها في الحرمين، ونجدها موجودة في بعض المساجد بشكل كبير، وهذا من الإسراف في الكهرباء، فيجب على كل مصلّ إطفاؤها، ولا يحيل أمر الاقتصاد في الكهرباء وإطفاء الإضاءة للمسؤول عن المسجد، بل يبادر هو بذلك، فيحافظ على عدم الإسراف في الكهرباء في المسجد، وهذا لا يعني أن الإمام أو المؤذن في المسجد يكون دورهما الوقوف موقف المتفرج، بل عليهما القيام بمسؤوليتهما تجاه ذلك، وعلى المصلي إذا بقي في المسجد للتلاوة أو قراءة كتاب، عليه أن يستخدم إضاءة واحدة ويطفئ كل الإنارات الأخرى، كما يحافظ على إطفاء الكهرباء في بيته؟

وأيد الشيخ محمد عسيري إمام مسجد سابق في مكة المكرمة أن ترشيد الكهرباء في المساجد مهم جدا، خصوصا مع دخول الأجواء الحارة، التي هي في أولها، وسيسهم الترشيد الذي تتبناه وزارة المياه والكهرباء في بعض المساجد في تحقيق الأهداف المرجوة، ما يساعد على تخفيف الأحمال الكهربائية على المسجد، كما أن المساجد التي لم يتم فيها الترشيد من قبل الوزارة تقع مسؤولية الترشيد فيها على أئمة المساجد الذي لا بد أن يكون لهم دور في متابعتها، وعدم تشغيل التكييف الزائد والإضاءة الكثيفة في المسجد، ويكون الاكتفاء بالقليل إذا كانت الحاجة غير ماسة لكثافة الإضاءة، كما أن على الأئمة تفعيل دور جماعة المسجد بالمساهمة في الترشيد، وأن يكونوا عينا رقيبة أخرى على من يستهلك الكهرباء في المساجد بشكل فيه إسراف وهو الذي ينبغي تجنبه في المساجد.

#3#

ويرى التربوي متعب نمازي أن المساجد تمر بمرحلة مهمة في تاريخها مع ظهور مشروع وزارة المياه والكهرباء في ترشيد المياه والكهرباء في المساجد، خصوصا أن هذه الدعوة للترشيد يسير معها توعية من الوزارة مع عمل كبير في قيامها بترشيد الكهرباء والمياه في بعض المساجد في عدد من مناطق المملكة التي استفادت من هذا المشروع المثالي الذي يعود بالنفع على بيوت الله، وفي رأيي أن قيام أئمة المساجد بدور التوعية في هذا الجانب لا بد منه، خصوصا أن المسجد يقع تحت إطار مسؤوليته، ولعل هذه التوعية تسهم في تخفيف زيادة الأحمال الذي له تأثير كبير في المدن بشكل عام، والتنبه لهذا الأمر مهم جدا حتى نتخلص من تلك الأحمال من خلال الترشيد والتوعية بها.