ليس الآن يا أمانة مجلس التعاون

نشرت ''الاقتصادية'' في 1/4/2011 عن تحرك خليجي لتسريع إصدار وثيقة ضريبة القيمة المضافة الموحدة ليتسنى للدول الأعضاء إصدار تشريعاتها الخاصة بتنفيذها، ولا أعلم إذا كانت الأمانة العامة لدول مجلس التعاون الخليجي لا تستشعر رغبات المواطن الخليجي عامة، وأنه في حالة تحقيق أحلامه وليس في حالة تحمل ضرائب أو رسوم جديدة.
لا أحد يمانع في إعداد وثيقة المبادئ الأساسية لضريبة القيمة المضافة؛ حتى يتسنى لكل دولة إصدار الأوراق التشريعية والقانونية مع إيجاد إدارة وطنية وإقليمية للضرائب، لكن 5 في المائة نسبة عالية ابتداء، ألا يمكن أن تكون 2 في المائة مثلا؟ ولا يمكن، كما نُشر، استثناء أي دولة من دول المجلس عند التطبيق ولا مرونة في ذلك، وعلى الأمانة تقديم بدائل أخرى تقترحها على المجلس.
إن للضرائب انعكاسات اجتماعية وسعرية، كما ذكر الاقتصاديون، لكن كيف سنحقق العدالة عند التطبيق؟ وكما صرح المسؤولون سابقا عند انضمام دول الخليج إلى منظمة التجارة العالمية بأن الانضمام سيرفع من تنافسية اقتصاداتها وسيفتح لمواطني الخليج الأسواق العالمية إلى آخر السيمفونية، وهاهم يعيدون الأسطوانة.
''هذه الضريبة سترفع من تنافسية اقتصادنا مع المحيط الخارجي، وأنها ستكون منصفة لمواطني دول مجلس التعاون والمقيمين فيها، وأنها ستعود بالفائدة على الحكومة ودافعي الضرائب، حيث ستسهم في خفض الرسوم الإدارية بشكل كبير، ألا يمكن أن تبينوا لنا بالأرقام كيف تطور اقتصاد كل دولة من دول الخليج بعد انضمامها إلى منظمة التجارة العالمية؟''.
ومن الأسباب المعلنة أن ليس كل دول مجلس التعاون غنية وتحتاج إلى إيرادات جديدة في ظل تقلب أسعار النفط والغاز. إضافة إلى إصلاح النظام المالي وتنويع مصادر الإيرادات الحكومية من خلال النظر في مصادر ضريبية مختلفة. ألم تلاحظ الأمانة أن أسعار النفط والغاز بعيدة عن سعر الـ 45 دولارا للبرميل، وأنها إلى صعود ولو إلى حين. ألا يحق للمواطنين في دول مجلس التعاون معرفة تفاصيل الرسوم والضرائب التي تجمعها دول الخليج الآن وأوجه صرفها في كل دولة؟ كلنا نعرف أن دول الخليج تعتمد على إيرادات النفط والغاز كدخل أساسي في ميزانياتها، لكن لم ينجح معظمها في تطوير مصادر دخل أخرى من خلال خطط تنميتها السابقة، فهل الضرائب على المواطنين هي الحل؟ استغلوا وجود النفط وإيراده في تطوير فعلي لمصادر الدخل وتنويعه، اتفقوا على خطط موحدة لخلق عدد محدد لكل دولة من الوظائف ولا تُشغل إلا بالمواطنين وليس بالاستقدام المفتوح في معظم دول المجلس. أسسوا هيئات وطنية وخليجية لمكافحة الفساد وأطلقوا أيديهم ولا تستثنوا أيا من كان، ستجدون أن آلاف الملايين تختفي في تضخيم أسعار المشاريع أو تنفيذها بجودة متدنية توفر المليارات للمستغلين وأصحاب النفوذ. أشركوا المجالس الوطنية في مراقبة ومتابعة المشاريع وإحالة الفاسدين للقضاء. راجعوا أعداد موظفي القطاع العام في كل دولة وحاسبوهم على إنتاجيتهم ومن لا ينتج أحيلوه إلى الضمان والتقاعد المبكر. وحّدوا ساعات العمل للقطاعين واجلعوها مثلا 40 ساعة أسبوعيا. وحدوا فرص العمل ولا تفضلوا غير المواطن على المواطن أو تميزوا بين الرجل والمرأة، بل اجعلوا الأجر والمكافأة على قدر الكفاءة والإنتاج. وحّدوا أسعار البنزين والديزل والكهرباء للمواطنين في دول المجلس. وحّدوا لحاملي تأشيرات الزيارة لأي دولة من دول المجلس لا تزيد على 15 يوما، أن تستخدم لزيارة جميع دول المجلس خلال هذه الفترة، قدموا مساعدات ولو جزئية لأبناء دول المجلس الدارسين في أي جامعة أو كلية من دول المجلس واعترفوا بشهاداتهم، حاربوا الغش التجاري والصناعي في كل دولة ولا تتركوا لهم المجال للغش والتقليد واستغلال الحدود الجمركية المفتوحة لغزو أسواق دول المجلس الأخرى. كما وحّدتم المواصفات والمقاييس الخليجية وحّدوا أنظمة العمل والتأمينات الاجتماعية والعملة والحقوق والتعليم والخدمات الصحية ومساعدات تملك المساكن ومعاملة منتجات أي دولة عضو مثل الإنتاج المحلي في أفضلية المشتريات الحكومية. قائمة المطلوبات طويلة يا أمانة ولا يهمنا ''تحسين التصنيف الائتماني لدول الخليج ما يعزز مكانتها في حال الاقتراض المستقبلي''. ألا يكفيكم إيرادات النفط والغاز والضرائب والرسوم الحالية وما تقترحون فرضه علينا من ضريبة مبيعات، فتفكروا أيضا في تحميلنا قروضا مستقبلية! إن كانون الثاني (يناير) 2012 بعد سبعة أشهر من الآن، فهل أنتم متأكدون أنه وقت مناسب لاقتراح فرض ضرائب جديدة على مواطني دول الخليج؟

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي