وزارة العمل .. وتوطين الوظائف

تتحدث وزارة العمل دائما عن دراسات جديدة وتحديث المعلومات عن الأيدي العاملة والوظائف القائمة والمستجدة، ولكن كل معلوماتهم مبنية على معلومات مسجلة لديهم بعيدة عن الواقع الفعلي لهذه الوظائف؛ مما يجعل بعض رجال الأعمال يعمد إلى مجاراتها في مسميات المهن ولو لم يفعلوا لتعطلت أعمالهم، ولكن كيف والأمر كذلك يمكن أن نفلح في حل العوائق الموجودة في توطين الوظائف.
لقد أصدر مجلس الوزراء قرار رقم 50، الذي يطالب أن تكون نسبة الزيادة السنوية للسعودة في كل منشأة بنسبة 5 في المائة بناءً على اقتراح الوزارة، ولكنه قرار صدر، ومع ذلك لم تنجح سياسة توطين الوظائف بعد.
وأصدر مجلس الوزراء قرارا بتخصيص وظائف لا يشغلها إلا المواطنون 100 في المائة، فماذا كانت النتيجة؟ خلل إداري ومعلومات غير حقيقية من القطاع الخاص عن مسميات هذه الوظائف ومن يشغلها، مما يقتضي من الوزارة أن تسعى إلى تعديل هذه القرارات التي عطلت توطين الوظائف، مع أن هدفها سامٍ، لكن جربتها الوزارة وأثبت الزمن فشلها فإلى متى تتمسك بهذه القرارات؟ أليس من الأجدى أن يجربوا بدائل موجودة أمامهم؛ حتى لا نكون في النهاية أمام سعودة مبطنة وهذا ما لا نريده.
على وزارة العمل الطلب بتعديل قرار الوظائف المخصصة للمواطنين وتسمح لأي منشأة أن تعدل مسميات الوظائف لكل عامل سعودي وغير سعودي وتضع الضوابط لذلك مع مجلس الغرف وكلما رغبت المنشأة في تعديل مسمى الوظيفة تسجل في السجل الوظيفي للعامل.
ولنأخذ مثلا وظيفة مدير مستودع أو بائع أو محاسب، فهل لدينا مثلا العدد الكافي من محاسبين، أو حتى ماسكي دفاتر محاسبية، وهل سيعمل القطاع دون محاسبين نظاميين؟ طبعا لا، لذلك سيوظف المحاسب غير السعودي وسيعطيه أي مسمى توافق عليه الأنظمة التي حجبت الحقيقة عن الوزارة ومستقبل التخطيط السليم لتوطين الوظائف، فإذا عرفنا الوظائف الحقيقية وسمحنا بتعديل الوظائف للمنشآت بسهولة، فسنتمكن من تحديد الوظائف ثم تبدأ الوزارة في استهداف وظائف معينة ونضع لها برامج التدريب المطلوبة وتحدد نسبة السعودة فيها، وهذه بداية الطريق.
بعد سنوات عديدة من مطالبة القطاع الخاص بتعديل نظام العمل وبأمر من صاحب السمو الملكي وزير الداخلية رئيس مجلس القوى العاملة سابقا، شكلت لجنة مشتركة من المجلس ومجلس الغرف ووزارة العمل، وكان فيها أصحاب العمل ذوي الخبرة العملية والمستشارون القانونيين من الوزارة ومجلس الغرف والمحامون المتخصصون في القضايا العمالية وغيرهم، وكان رأي الوزارة ابتدأ متشددا بتعديلات غير جوهرية ويبقى النظام كما هو؛ لأنهم من وضعوا النظام مع مرور أكثر من ثلاثين عاما عليه، وأنه لا مشكلة في النظام، بل المشكلة في القطاع الخاص وأخيرا أمر الأمير بوضع نظام كامل حسب ما تراه اللجنة المشكلة، وأخذنا شهورا ونحن نناقشه مادة مادة وفقرة فقرة وكلمة كلمة وتحذف بعضها وتقترح مواد جديدة رأت اللجنة بما فيها مندوبو الوزارة موافقتها ووجوبها.
انتهت اللجنة من مشروع النظام الجديد ورفع لسموه ونوقش المشروع من هيئة الخبراء في مجلس الوزراء، وهي هيئة مليئة بالكفاءات الوطنية؛ ولذلك أحترم قراراتهم وآراءهم مع أن الهيئة دورها استشاري فقط، ونوقش مشروع النظام مع اللجنة المختصة في مجلس الشورى، وممن شاركوا في دراسة هذا النظام معالي وزير التجارة والصناعة، الأستاذ عبد الله زينل، والأستاذ أحمد الزامل محافظ مجلس تنمية الموارد البشرية الآن، وكان وكيلا لوزارة العمل، وبعد كل ذلك الجهد تطلع الجميع إلى نظام جديد أفضل من الأول، وكلنا مستبشرون وفخورون بالعمل الذي شاركت فيه عدة جهات حكومية ومواطنون ممثلون للقطاع الخاص رجالا ونساءً، وقد رفع المشروع من هيئة الخبراء بتاريخ 24/5/1422هـ إلى اللجنة الفرعية للجنة العامة لمجلس الوزراء ثم صدر نظام العمل الحالي بالصورة التي صدر عليها، لكنه لم يحقق ما كانت تأمله تلك اللجنة المشتركة.
إن نظام العمل الحالي به 245 مادة، والتعديلات التي قامت بها اللجنة الفرعية للجنة العامة لمجلس الوزراء على مشروع نظام العمل المعد من هيئة الخبراء بعد كل ذلك الجهد من جميع المشاركين 102 بند، تكرمت اللجنة بحذف 14 عبارة أو فقرة أو كلمة، وأضافت 20 مثلها وعدلت 22 فقرة أو كلمة وعدلت 36 مادة من مواد المشروع المقدم من هيئة الخبراء وحذفت لهم 30 مادة، نعم 30 مادة معدلة أو مقترحة من المشاركين لتطوير النظام، وأمرت بالأخذ أو بالإضافة بالنص المقدم من مشروع الوزارة (التي من المفترض ألا يكون لها مشروع مخالف لمشروع اللجنة التي شكلها رئيس مجلس القوى العاملة التي هي عضو فيها)، وعدد هذه المواد 13 مادة وأيضا أقرت بالأخذ بتسعة مواد من نظام العمل القديم، فماذا تبقى من العمل الجماعي والمطالب التي رغب الفريق المشترك في تغييرها لتطوير نظام العمل القديم، فهل هناك أمل اليوم بالأخذ برأي رجال الأعمال والمستشارين وهيئة الخبراء.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي