وأصبح الحلم حقيقة

يسألني كثير من الزملاء: لماذا توقفت عن الكتابة في الصحف؟.. وكان ردي دائما، سأكتب إذا كانت هناك جدوى من الكتابة فإنني لست كاتب عمود أو حتى أدعي أنني كاتب، لكني مواطن صاحب فكر وخبرة في الحياة الصناعية والتجارية في المملكة كُثر غيري ومن هم أفضل مني، ولا أستطيع الكتابة مع كل مطرة هطلت أو موسم حج أو غيره، أي أنني لا أستطيع أن أكتب حسب الظروف وفي كل موضوع. وتخصصت فيما يخص رجال الأعمال والغرف التجارية والأنظمة وما أرى أننا نحتاج إلى تعديله أو رفض بعض مواده إن كان مشروع تنظيم أو نظاما أو هيئة جديدة. وكتبت حسب خبرتي العملية عن العمالة السعودية وتوطينها وتدريبها والصرف على التدريب والتأهيل ونظام العمل ونظام الزكاة والدخل الحالي وعمل النساء وانتخابات الغرف وتصرف بعض الوزراء بعيدا عن استجابتهم لمطالب القطاع، وعن إنشاء صندوق لتنمية الموارد البشرية، الذي تحقق، وعن هيئة تنمية الصادرات السعودية، التي ما زالت في أدراج الوزارة، ودعم المؤسسة العامة للتدريب المهني والتقني، وتم - ولله الحمد، وهي على أية حال حياة تنقضي.
كثير من كتابات الصحف تحمل آمال وأفكار كتابها، وقد يصل الكاتب إلى فترة يسأل لمن أكتب ما دام لا تجاوب كافيا للمطالب، لكن خادم الحرمين الشريفين فاجأنا جميعا بأوامر الخير الملكية التي لم نستوعبها وآثارها في نهضة هذه المملكة.
لقد حقق خادم الحرمين الشريفين مطالب وأماني كثير من الكتاب والمفكرين المواطنين، فقد اقترحنا إنشاء مستشفيات عامة في جميع أنحاء المملكة وبمستشفيات تخصصية ومستشفيات عيون ومراكز طبية ومراكز عناية صحية ومختبرات مركزية إلى آخر القائمة، واقترح البعض زيادة القرض العقاري إلى 500 ألف ريال، واقترح آخرون إعطاء بدل بطالة محدد المدة والمبلغ لمن يبحث عن عمل ويرغب فيه، وكذلك فتح باب الابتعاث الخارجي، وغير ذلك من اقتراحات، وها هو أبو متعب يحققها في أوامر متتالية جعل الحلم حقيقة، وإن شاء الله، سيرى هذه الأحلام أمام عينيه وأكف المواطنين تلهج له بالدعاء. ولا أتخيل كيف ستكون المملكة بعد عشر سنوات، شباب وشابات بتعليم حديث مبني على الفكر والحوار وليس على الحفظ والتكرار ثم يُنسى بعد الامتحان، رجال ونساء عاملون في جميع مجالات الحياة دون تمييز، هيئات للغذاء والدواء ومكافحة الفساد ومختبرات حكومية وخاصة وإدارة جمارك متعاونة لرفع جودة المنتجات في الأسواق ومنع الفاسد منها أو غير المطابق للمواصفات السعودية، لا تكتفي الهيئة بشهادات التحاليل من المختبرات الأجنبية، بل تقوم بالتفتيش على الصيدليات والأسواق لتأخذ عينات منها للتأكد من صحتها وملاءمتها للاستخدام الآدمي؛ حماية للمواطن والمقيم، قطارات تربط جميع أنحاء المملكة للبضائع والركاب والحجاج والمعتمرين، سياحة محلية لتوفر التنقل بالقطارات والسيارات ووسائل النقل العامة ولوجود منشآت سياحية ومواقع آثار، وزوار من جميع أنحاء العالم، ووظائف واستثمارات صغيرة بالآلاف منتشرة في هذه المواقع تدر ذهبا عليهم، أطباء في جميع التخصصات وفنيون ومديرو مستشفيات ومراكز وممرضون وممرضات وصيادلة سعوديون، أبناء هذا الوطن في كل موقع، شركات طيران وشركات تعدين وشركات كهرباء متنافسة زاخرة بالأيدي العاملة السعودية المدربة والمؤهلة والمتخصصة. إن هذه النقلة النوعية ستسهم فيها الجامعات وكليات التدريب ومعاهدها، ولم تتأخر الدولة في صرف أكثر من أربعة مليارات ريال على التدريب سنويا وصرفت المليارات على المبتعثين، الذين بالتأكيد سيسهمون في هذه النهضة وفي تحقيق أحلامنا، فبارك الله فيك يا أبا متعب، فقد بهرتنا بإصلاحاتك وعجزنا عن المتابعة وسندعو لك. إن هذا الزخم الهائل من المشاريع يحتاج إلى تخطيط ودراسات وإنشاء وتنفيذ وأجهزة وأفراد متخصصين في كل عمل حسب طبيعة كل مشروع وكذلك إلى وقت، وعلينا متابعة ذلك وعليهم تحديد ونشر جداول تنفيذ المشاريع كل فيما يخصه حتى يتمكن المواطن أيضا من المتابعة. ونرجو من الهيئة الجديدة المباركة الخاصة بمكافحة الفساد أن تطلب الدعم الكافي من البداية؛ حتى لا تكون مثل كثير من الهيئات التي أنشأت مع محدودية ميزانيتها وأصبحت هيئة ظل فقط، مثل هيئة تنمية الصادرات أو هيئة مكافحة المنافسة أو هيئة حماية المستهلك وغيرها. لقد بهرنا خادم الحرمين الشريفين بهذه الإصلاحات، وإن ما كان يكتب في الصحف من مطالب وآمال وتطلعات لم تذهب هباء منثورا، بل طورت إلى حقائق ومشاريع بأوامر ومخصصات مالية محددة أكثر مما كنا نحلم. ماذا يريد المواطن أكثر من ملك عادل ووطن آمن وحياة كريمة وقضاء يحقق العدل ويحفظ له حقوقه تكفل له حرية الحوار والتعبير والتواصل ثم المساواة دون تمييز في فرص الصحة والتعليم والعمل والاستثمار، وكلها - إن شاء الله - في متناول كل مواطن دون تمييز.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي