هيئة الإسكان تتطلب هيئة مشروعات عملاقة

تأتي الأوامر الملكية تباعا كالبلسم تداوي المشكلات وتحل الأزمات, وكان آخرها ما جاء يوم الجمعة الماضي, حيث جاءت الأوامر الملكية من خادم الحرمين الشريفين ـــ حفظه الله ورعاه ـــ لتتلمس حاجة المواطن من سكن وعمران وصحة وأمن ورفاهية, ولتمتزج مع دعم وترسيخ جوانب العقيدة والدين, وهو النهج لهذه الدولة منذ تأسيسها على يد الملك عبد العزيز ـــ طيب الله ثراه ـــ وإن دعم الملك ـــ حفظه الله ـــ الإسكان بشكل خاص وتركيزه عليه وتتابع الأوامر والقرارات والحوافز لتؤكد حرصه ـــ حفظه الله ـــ على تحقيق السكن المناسب لأبناء هذه الوطن.
ولتؤكد حرص القيادة على حل هذه المشكلة التي تؤرق الكثير من عدم حصولهم وتملكهم مسكنا خاصا مناسبا، وتأتي زيادة قيمة القرض مع دعم هيئة الإسكان وما سبقها من قرارات لتصب وتسهم في معالجة هذه المشكلة بطرق متعددة، وهذا الدعم الجم يحتاج إلى تضافر الجهود ليحقق ثمرته المرجوة وينعم الجميع بثمرة تلك الأوامر سكنا وطمأنينة ورغدا، ولعل جانب مشاريع الإسكان هو ما يجب على الجهات والقطاعات العمل الجاد لتحقيق ذلك بأسرع وقت، لأنه يعد من أحد أهم الاحتياجات الأساسية للمواطن.
إن من أبرز أهداف الهيئة العامة للإسكان التي أنشئت عام 1428هـ:
● إن الهيئة العامة للإسكان تهدف إلى توفير السكن المناسب وفق الخيارات الملائمة لاحتياجات المواطنين ووفق برامج تضعها الهيئة، وبخاصة عدة أمور من بينها تيسير حصول المواطن على مسكن ميسَّر تُراعى فيه الجودة ضمن حدود دخله في الوقت المناسب من حياته وزيادة نسبة تملُّك المساكن.
● تقوم الهيئة في سبيل تحقيق أهدافها بإعداد الاستراتيجيات الإسكانية الشاملة للمملكة وتحديثها وتطويرها واقتراح الأنظمة واللوائح والسياسات والتنظيمات الخاصة بنشاط الإسكان واقتراح التعديلات عليها وتحديد فئات المستحقين والمستفيدين من برامج الإسكان الشعبي والخيري. وهي الأهداف التي ذكرها قرار مجلس الوزراء.
كما تم نقل بعض المهام المتعلقة باستراتيجية الإسكان من وزارة الاقتصاد والتخطيط إلى الهيئة العامة للإسكان، ومتابعة تنفيذها، وإيجاد قاعدة معلومات إسكانية، وإعداد الدراسات والأبحاث الإسكانية، ونقل مهمات الإسكان الشعبي من وزارة الشؤون الاجتماعية إلى الهيئة، وينقل تبعاً لذلك جميع الموظفين العاملين في هذا المجال والمخصصات المالية المحددة لهذه المهمات، كما تنقل إليها جميع الوثائق ومخططات المشروعات القائمة والمستقبلية التي سبق للوزارة إعدادها. كما أشار القرار إلى استمرار الجهات المعنية بالإسكان (وزارة الشؤون الاجتماعية، وزارة الاقتصاد والتخطيط، وغيرهما من الجهات) في ممارسة مهماتها الحالية الموكولة إليها المتعلقة بالإسكان إلى أن تمارس الهيئة أعمالها.
وتلك المهام تحتاج إلى القيام بإحصاءات دقيقة لمتطلبات كل مدينة وكل قرية في المملكة عن عدد المساكن المطلوبة فيها والحصول على أراض تخصص لبناء تلك المساكن, وأهم من ذلك منهجية التوزيع لهذه المساكن بعد الانتهاء منها والطرق العادلة للحصول على سكن من قبل المواطنين وبناء قاعدة بيانات حول كل ما ذكر حتى تبنى قبل بناء المساكن, وهي مهام جليلة لا بد أن تبدأ من الآن لا أن تنسى، حتى إذا ما انتهى العمل من البناء شرعنا في السؤال عن الطرق المثلى للتوزيع وتصبح المباني خاوية, كما حدث في الإسكان العاجل الماضي.
أما البناء والإنشاءات ونظمها وإدارتها فهي علم قائم بذاته ومنهجيات تعمل على تنظيمه وإنجاحه, ولذلك فالمتبع في مثل هذه المشروعات العملاقة في معظم الدول المتقدمة هو أن يقوم بالعمل على ذلك وزارة للأشغال أو هيئة للمشروعات هي التي تقوم بالعمل على ذلك المشروع ثم تسلمه للجهة المستفيدة، لا أن تكون الجهة المستفيدة هي التي تباشر ذلك بنفسها أو أن تتولى جهة الصرف الإشراف على تنفيذ هذه المشروعات, إذ إن كثيرا من إخفاقات المشروعات, خاصة الكبيرة منها, هي أن جهة اختصاص تنشغل بإدارة المشروع لا بإدارة الموضوع, وذلك يسبب تعطيل أعمالها, وهو ما يحدث في عدة وزارات كالتعليم والصحة وغيرهما, حيث إن أعمال الإنشاءات والمشروعات تستهلك أوقات المسؤولين فيها بشكل يشل عملهم المنوط بهم.
إن الدولة وهي ترصد تلك المبالغ لهذه المشروعات المهمة يفترض أن تؤسس لبناء الخبرات في إدارة مثل هذه المشروعات وبأيد سعودية, وإعداد قواعد بيانات للمواد وابتكار السبل لتخفيض تكلفة البناء وتطبيق منهجية لإدارة المشروعات الضخمة, فذلك السبيل الذي ينجح هذه المشروعات ويجعل الخبرات تتوطن وتنتقل بشكل صحيح، لا أن نعتمد على خبرات أجنبية تذهب مع ذهاب المشروع وبعد فترة نجد أنفسنا نكرر الخطأ نفسه.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي