تقييم الشركة قبل طرحها يراعي «خصم التدفقات النقدية» ومكررات الربحية

تقييم الشركة قبل طرحها يراعي «خصم التدفقات النقدية» ومكررات الربحية
تقييم الشركة قبل طرحها يراعي «خصم التدفقات النقدية» ومكررات الربحية
تقييم الشركة قبل طرحها يراعي «خصم التدفقات النقدية» ومكررات الربحية

تعد مرحلة التحول إلى شركة مدرجة وطرح أسهمها للاكتتاب العام من أكثر المراحل حساسية في دورة حياة أي شركة، وذلك نظراً لما تشتمل عليه هذه المرحلة من جوانب جوهرية تتعلق بتقييم الشركة والتأكد من قدرتها على استيفاء متطلبات الإفصاح النظامية ومتطلبات الحوكمة عندما يتم إدراجها في السوق.

ولعل من أبرز هذه الجوانب الجوهرية عملية تقييم الشركة، التي تتطلب دراسة متأنية ودقيقة من قبل مؤسسي الشركة وإدارتها ومستشارها المالي وجمهور المستثمرين، الذين عادةً ما تكون أهدافهم مختلفة.

فبينما يسعى ملاك الشركة وإدارتها ومستشارها المالي إلى تعظيم قيمة حقوق المساهمين من خلال رفع سعر الطرح، يسعى المستثمرون في الوقت ذاته إلى الاكتتاب بأقل الأسعار وأكثرها جاذبية لتحقيق عوائد فورية ومجزية بعد الإدراج.

وهذه العلاقة التي تضم عدة أطراف بمصالح وأهداف مختلفة تؤثر في عملية العرض والطلب التي بدورها تسهم في الوصول إلى القيمة العادلة للاكتتاب بعد إجراء عملية '' تحديد النطاق السعري''.

وتعتمد آلية تحديد النطاق السعري، التي يشار إليها بـ ''بناء الأوامر''، على مشاركة المستثمرين ذوي الطابع المؤسسي في وضع طلبات اكتتاب ضمن النطاق السعري المقترح من قبل المستشار المالي وإدارة الشركة.

حيث يتم تحديد السعر الذي سيتم الاكتتاب به بعد اكتمال عملية ''بناء الأوامر'' بناءً على أعلى سعر تم به تغطية الأسهم المطروحة بالكامل.

يذكر أن الآليات المستخدمة في التوصل إلى النطاق السعري المقترح لعملية الطرح غالباً ما تكون نتيجة استخدام متوسط لعدد من منهجيات التقييم المختلفة.

هنا حوار تفصيلي مع عادل صالح الغامدي مدير عام الإدارة العامة لتمويل الشركات والإصدار، حيث يلقي الضوء على آلية تقييم الشركات ودور هيئة السوق المالية في هذا الجانب.

إلى نص الحوار:

في البداية نود إلقاء الضوء على المنهجيات المتبعة في تقييم الشركات؟

هناك عدة منهجيات لتقييم الشركات، نستعرض هنا شرحا مختصرا لبعض منهجيات التقييم المتبعة:

ـــــ خصم التدفقات النقدية: تعتبر هذه المنهجية من أكثر المنهجيات أهمية وأوسعها انتشارا، حيث تبنى على توقعات الإدارة لأداء الشركة المستقبلي لفترة غالبا ما تمتد إلى خمس سنوات. وترتكز هذه المنهجية على عدة عوامل أساسية منها: هيكل رأسمال الشركة، المتوسط المرجح لتكلفة هيكل رأسمال الشركة، وحجم التدفقات المالية الحرة (المتاحة) خلال الفترة المستقبلية محل التقييم.

ــ مكررات المقارنة للشركات المشابهة: تعتبر هذه المنهجية سهلة نسبيا إذا ما قورنت بمنهجيات التقييم الأخرى، حيث تعتمد على استخدام مؤشرات ونسب مالية لشركات مشابهة يتم استخدامها كمقاييس استرشادية تساعد في الوصول للقيمة التقريبية للشركة محل التقييم. (طالع الجدول المرفق رقم 1).

#2#

ونود التأكيد أن استخدام مقاييس المقارنة يجب أن يتم على أسس انتقائية تأخذ في الحسبان طبيعة نشاط وحجم الشركة محل التقييم، فعلى سبيل المثال لن يؤدي استخدام مكرر السعر على عائد السهم لتقييم شركة تحقق خسائر إلى نتيجة ذات معنى، وقد يكون البديل في هذه الحالة هو تقييم الشركة بناء على مكرر السعر إلى التدفقات النقدية الحرة أو مكرر قيمة المنشأة إلى الأرباح قبل احتساب الفوائد والضريبة والاستهلاك والإطفاءات.

كما أن بعض المكررات تكون أكثر ملاءمة لقطاعات محددة مثل نسبة السعر إلى القيمة الدفترية التي يتم استخدامها بشكل واسع في قطاعات البنوك والتأمين والصناعة، بينما يقل استخدامها في قطاعات الأعمال المرتبطة بالزراعة والغذاء.

ونشير أيضا إلى أن مكررات عمليات الاندماج والاستحواذ السابقة تعد مؤشراً مهماً للاستدلال على القيمة التقريبية للشركة المستهدفة في عمليات الاندماج والاستحواذ التي تتم في القطاع نفسه.

فعلى سبيل المثال لنفترض أن هناك شركة من أحد القطاعات من الحجم المتوسط استحوذت على 100 في المائة من شركة توزيع مقابل 100 مليون ريال سعودي بمكرر ربحي P/E يبلغ ثمانية أضعاف أرباح الشركة المستهدفة في الـ 12 شهرا الأخيرة.

وبعد مرور ثلاثة أشهر قررت شركة أخرى من قطاع الشركة الأولى نفسه أن تقوم باستحواذ مشابه على شركة توزيع أخرى تربح نحو 20 مليون ريال سعودي سنوياً.

وبافتراض ثبات جميع المعطيات الأخرى فإنه من المتوقع أن يتم الاستحواذ بمكرر عملية الاستحواذ السابقة نفسه (أي ثمانية أضعاف الربح) وهذا يعني أن العملية ستكلف الشركة المستحوذة نحو 160 مليون ريال سعودي (8 x 20).

ـــــ صافي قيمة الأصول (القيمة الدفترية): تستند هذه المنهجية على الأرقام المحاسبية، وتستخدم بشكل واسع في تقييم شركات الاستثمار التي تكون معظم أصولها ذات طبيعة نقدية وقابلة للتسييل.

كما توفر هذه المنهجية أقرب تقدير للقيمة أو التكلفة الحالية لأصول الشركة، ولكنها لا تأخذ في الاعتبار قدرة هذه الأصول على توليد الأرباح.

وبعد أن استعرضنا منهجيات التقييم المختلفة، يجب ملاحظة أن نوع الطرح قد يفرض استخدام منهجية معينة يتم من خلالها تحديد سعر السهم.

فعلى سبيل المثال يحدد المرسوم الملكي في حالات معينة أو قرار السلطة المنظمة للمصدر السعر الذي يتم بموجبه طرح الشركة.

أما بالنسبة لطرح الشركات التي تؤسس بدعم من جهات حكومية أو التي يتم طرحها للسعوديين كي يتمكنوا من المشاركة في الموارد والامتيازات التي تمنح من قبل الدولة فيتم بالقيمة الاسمية.

ما دور هيئة السوق المالية في الاكتتابات بشكل عام وتقييم الشركات بشكل خاص؟

يرتكز دور الهيئة بهذا الخصوص على مهمتها الأساسية المتمثلة في حماية المستثمر.

ولتحقيق ذلك تقوم الهيئة بالتأكد من أن الشركة المصدرة قد التزمت بقواعد ومتطلبات التسجيل والإدراج مع توافر الحد الأدنى من المعايير الإلزامية المنصوص عليها في لائحة حوكمة الشركات، حيث تسعى الهيئة إلى التأكد من وجود الإفصاح المناسب والكافي الذي يمكن المستثمر من اتخاذ القرار الاستثماري السليم.

ونؤكد أن قرار الهيئة بالموافقة على الطرح يعني أن الشركة المصدرة قد التزمت بالمتطلبات النظامية.

كما نوضح أن المستشار المالي للشركة عند إعداد تقرير التقييم يقوم بالتأكد من أنه مبني على افتراضات متحفظة ومنطقية وأنه متناسق مع أداء الشركة التاريخي آخذاً في الاعتبار وضع السوق الحالي والمستقبلي بناء على دراسة معدة من مصدر مستقل.

وقد حددت الهيئة في لائحة الأشخاص المرخص لهم المبادئ التي يجب على المستشارين الماليين المرخص لهم التقيد بها عند القيام بمثل هذه الأعمال.

وغني عن القول إن المستشارين الماليين يجب أن يكونوا على قدر عال من المهنية والمسؤولية وأن يتأكدوا من تقديم المشورة العادلة والمناسبة لعملائهم، لما لذلك من تأثير جوهري ومباشر على مصداقية وسمعة المستشار المالي.

لماذا لا يتم طرح جميع الاكتتابات بالقيمة الاسمية؟

في البداية يجب ملاحظة أن جميع الطروحات التي تم الاكتتاب فيها بالقيمة الاسمية هي لشركات مؤسسة حديثاً تم ترخيصها وتأسيسها بدعم من قبل الحكومة ويتم طرحها للسعوديين كي يتمكنوا من المشاركة في الموارد والامتيازات التي تمنح من قبل الدولة.

وفي هذا النوع من الاكتتابات يمكن النظر إلى المكتتبين على أنهم يساهمون في إنشاء شركة جديدة لا تزيد قيمتها عن رأس المال الذي سيتم الاكتتاب به، ويجب لفت الانتباه إلى أن أي شركة في هذه المرحلة ليس لديها نشاط تشغيلي، وبالتالي لا تملك القدرة على توزيع أرباح للمستثمرين.

وباستثناء ما ذكر آنفاً عن الشركات التي تؤسس حديثاً ويتم ترخيصها وتأسيسها بدعم من قبل الحكومة، فإن تطبيق مبدأ الاكتتاب بالقيمة الاسمية على الشركات القائمة التي تملك سجلاً تشغيلياً، يعني إغفال أداء الشركة التاريخي وقدرتها على توليد الأرباح وهو ما يتعارض مع أساليب التقييم المتعارف عليها.

وفي هذا النوع من الشركات يتم تحديد النطاق السعري للطرح بناءً على التقييم الذي يعده المستشار المالي. ويمكن وصف تقييم الشركة كانعكاس لقدرتها على تقديم العوائد المطلوبة للمستثمرين.

ما الاقتراحات التي تقدمها لعموم المستثمرين عند مشاركتهم في الاكتتابات أو شراء الأسهم من السوق؟

إن طرح أي شركة للاكتتاب العام لا يعني بالضرورة أن جميع أفراد المجتمع يجب أن يكتتبوا في ذلك الطرح.

فقد يكون من الأنسب للشخص الذي لا يملك المعرفة اللازمة ألا يشارك بشكل مباشر في سوق الأسهم، بل ربما عليه إنابة غيره للقيام بذلك عن طريق الاشتراك في صناديق الاستثمار المتنوعة من خلال مدير صندوق ذي سمعة وسجل أداء جيد.

ويمكن لعموم المستثمرين في هذا الجانب مطالعة الكتيب التوعوي ''صناديق الاستثمار'' الذي أصدرته هيئة السوق المالية وهو متاح على موقعها الإلكتروني: www.cma.org.sa.
ويجب على المستثمرين الأكثر معرفة عند الاستثمار النظر إلى مقاييس ملائمة لتقييم سعر السهم مثل: مكرر السعر إلى الربح، ومكرر السعر إلى نمو الأرباح، ومكرر السعر إلى التدفقات النقدية الحرة، ومكرر قيمة المنشأة إلى الأرباح قبل احتساب الفوائد والضريبة والاستهلاك والإطفاءات، ومقارنتها بمكررات بشركات مشابهة وبمتوسط القطاع الذي تعمل به الشركة مع تحليل احتمالات النمو وخصائص الشركة للوصول إلى التصور المناسب حول القيمة العادلة قبل اتخاذ قرار الاستثمار.

وللتوضيح أكثر، فلنفترض أن شركة ما ستطرح للاكتتاب العام بسعر 140 ريالا سعودي للسهم الواحد.

سيكون الانطباع الأولي لبعض المستثمرين أن سعر السهم مبالغ فيه وهذا في الواقع رأيٌ مبني على عدم الإلمام الكامل.

حيث إنه أغفل النظر إلى معلومات أخرى عن الشركة كأرباحها واحتمالات نموها ومقارنتها بنظيراتها وبالقطاع الذي تعمل به.

وبافتراض أن هذه الشركة تربح نحو 14 ريالا للسهم الواحد واحتمالات نموها تتعدى المتوسط في حين أن أقوى منافس لها وهي شركة مدرجة تتداول بـ 26 ريالا للسهم الواحد وأرباح سنوية بمقدار ريالين للسهم الواحد، ونسبة السعر إلى الربح P/E في القطاع ككل تبلغ x12.5 فأي شركة تعتبر الأرخص؟ (طالع الجدول المرفق رقم 2).

#3#

من العملية الحسابية الموضحة في الجدول دون النظر إلى أي عوامل أخرى، يتضح أن مكرر ربحية الشركة المطروحة للاكتتاب يبلغ 10.0x، بينما يبلغ مكرر ربحية الشركة المنافسة 13.0x ومكرر ربحية القطاع 12.5x، وبالتالي فإن الشركة المطروحة للاكتتاب تعتبر أرخص من الشركة المنافسة ومن القطاع الذي تعمل به وذلك دون الأخذ في الاعتبار احتمالات النمو. وهذا المثال يوضح كيف أن السعر يجب ألا يتم استخدامه لتقييم الشركة بمعزل عن مقاييس التقييم الأخرى.

الشركة التي أملك أسهما فيها تنوي زيادة رأسمالها بغرض الاستحواذ على شركة أخرى، ما دوري كمساهم في هذا النوع من العمليات؟

على الرغم من أن هذا النوع من العمليات لا ينطوي على استثمار نقدي مباشر من قبل مساهمي الشركة، فإنه حتماً سيؤدي إلى انخفاض نسبة ملكية مساهمي الشركة الحاليين نتيجة إصدار أسهم جديدة ودخول مساهمين جدد في الشركة.

لذلك يجب على مساهمي الشركة أن يقوموا بدراسة نشرة الإصدار المتعلقة بزيادة رأس المال، والتي تحتوي على معلومات تفصيلية عن هيكل عملية الاستحواذ والأداء المالي للشركة محل الاستحواذ مع بيان الأهداف والمخاطر المتعلقة بعملية الاستحواذ، للتأكد من أن الانخفاض المتوقع في نسبة ملكيتهم يقابله عوائد تستحق الموافقة على زيادة رأس المال بغرض الاستحواذ.

هناك من يعتقد أن موافقة هيئة السوق المالية على نشرة إصدار زيادة رأسمال شركة مدرجة بغرض الاستحواذ، دليل على عدالة عملية الاستحواذ وملاءمته؟

على غرار عمليات الاكتتاب، توفر هيئة السوق المالية إطاراً تنظيمياً تتم بموجبه عمليات الاستحواذ التي تتطلب موافقة المساهمين في الشركات المدرجة. وهذا الإطار التنظيمي يُعنى بتوفير الإفصاح المناسب والكافي الذي يمكن المساهمين من اتخاذ القرار المناسب فيما يتعلق بالموافقة على عمليات الاستحواذ والاندماج من عدمها.

إن قرار الموافقة على عملية الاستحواذ الذي ينطوي على زيادة رأسمال يعود أولا وأخيرا لمساهمي الشركة في الجمعية العامة غير العادية.

هل هناك مصدر آخر متاح للمستثمر يوفر معلومات إضافية في حال عدم قدرته على اتخاذ القرار المناسب بعد قراءة نشرة الإصدار؟

في حال الحاجة إلى الاطلاع على المزيد من المعلومات، يحق للمستثمر أن يطلع على المستندات المتاحة للمعاينة التي تتضمن العديد من المستندات التفصيلية ذات العلاقة، كدراسة السوق وتقرير التقييم والعقود والتقارير الجوهرية... إلخ. ويمكن للمستثمر معرفة الموقع الذي تتاح فيه هذه المستندات بالرجوع إلى نشرة الإصدار التي تحدد أماكن معاينة المستندات.

الأكثر قراءة