التجزئة.. التمويل لا يكفي لحل المشكلة

التجزئة.. التمويل لا يكفي لحل المشكلة
التجزئة.. التمويل لا يكفي لحل المشكلة
التجزئة.. التمويل لا يكفي لحل المشكلة
التجزئة.. التمويل لا يكفي لحل المشكلة

حتى في ظل وجود ممول لبعض مشاريع الشباب في قطاع التجزئة فإنها ستكون عرضة للفشل والتعثر في ظل وضعية السوق الحالية، لا تحتاج بعض التجارب إلى دليل، ولعل أقوى دليل هو رأي الممولين, خاصة الصناديق المعروفة مثل صندوق عبد اللطيف جميل "باب رزق جميل" أو صندوق المئوية. اليوم في حلقتنا السابعة من ملف قطاع التجزئة أو القطاع " مخزن الفرص المعطل" كما سميناه، نناقش هذه القضية من الزاوية التمويلية, آخذين في الاعتبار أن هناك من يعتقد أن وجود الممول هو العصا السحرية لنجاح المشاريع، لكن الحقيقة تقول عكس ذلك، فإنه حتى في ظل وجود الممول فإن الفشل سيكون مصير المشاريع الصغيرة في ظل سوق غير عادلة وغير متكافئة من النواحي الاقتصادية والاجتماعية كافة, بل الأمنية أيضا. هكذا تبدو الحالة اليوم في قطاع يؤمل أن يكون مصدر رزق أكثر من 600 ألف أسرة ومنزل.
ونشير إلى أن الحلقات السابقة ناقشت القضية من زوايا مختلفة وأخذنا البقالات كمثال فقط وإلا فإن قطاع التجزئة كبير وعملاق بشكل قد لا يمكن الإحاطة به أو وصف أوضاعه في عجالة. ونوضح هنا أن المقصود بفرص العمل ليس فقط العمل كبائع براتب شهري، لكننا نناقش أيضا ما يتعلق بإمكانية تأسيس مشروع صغير للشاب السعودي ليكون القطاع مصنعا لرجال الأعمال في المستقبل القريب .. هنا التفاصيل:

«رزق جميل»

الجهات الداعمة لمشاريع الشباب السعودي تشير إلى وجود صعوبة وتأخر في الإجراءات الحكومية, وذلك يعد أهم التحديات التي تواجه مشاريع الشباب والشابات وربما وأدها في المهد. بداية يوضح عبد الرحمن الفهيد المدير التنفيذي لباب رزق جميل أن عدد المشاريع التي مولها ''باب رزق جميل'' في قطاع التجزئة بلغ منذ انطلاقته عام 2004 حتى نهاية 2010 نحو 14751 مشروعا، أسهمت في توفير أكثر من 14.500 فرصة عمل على أقل تقدير وعززت مكانة بعض المشاريع القائمة أيضاً.

#3#

ويعتبر الفهيد برنامج دعم المشاريع الصغيرة من البرامج التي أسهمت في توفير فرص عمل للشباب والشابات ويتميز بالتنوع والتجديد ويعتبر رافدا قويا للاقتصاد الوطني، ويضيف ''حقق هذا البرنامج نجاحا كبيرا يضاف إلى النجاحات الأخرى التي حققها باب رزق جميل من برامجه التي تهدف إلى توفير فرص عمل, كما أن المشاريع متناهية الصغر, التي تتمثل في برنامج الأسر المنتجة الموجه للنساء فقط, حيث يوفر لهن الدعم المالي والتوجيه الفني للعمل من المنزل حقق منذ انطلاقته منذ عام 2004 حتى نهاية 2010 نحو 94765 فرصة عمل, وأسهم هذا البرنامج في توفير فرص عمل للمرأة السعودية من منزلها بصورة تضمن لها ممارسة النشاط التجاري بجوار أسرتها ورعايتها لهم, كما أسهم في رفع المستوى المعيشي للأسر المستفيدة منه.

#2#

إقبال كبير وبطء الترخيص

يشير عبد الرحمن الفهيد إلى أن أبرز الصعوبات التي واجهت المشروع تمثلت في حجم الإقبال الكبير الموجود من قبل الشباب والشابات وعدم توافر السيولة التي من الممكن أن تستوعب الطلبات المقدمة كافة، وتابع: ''كما واجهنا صعوبة في بطء الإجراءات النظامية لمثل تلك المشاريع الصغيرة سواء على مستوى الرخص أو عدم توافر الكفيل المناسب للقرض الحسن الذي يقدم، ومن التحديات متابعة المشروع والتأكد من نجاحه والتأكد من وقوف أصحاب المشاريع بأنفسهم على مشاريعهم، كذلك تدني مستوى الأجور في بعض الشركات التي ترغب في توطين الوظائف, ما يجعل الإقبال من الشباب على هذه الوظائف محدوداً''.

نظرة مستقبلية

يبين المدير التنفيذي لـ ''باب رزق جميل'' أن استراتيجيتهم المقبلة تركز على الاستمرار في دعم المشاريع بصورة عامة في جميع القطاعات والتوسع من خلال بناء شراكات مع جهات تمويلية جديدة، وأردف ''نقوم بالتنسيق مع بعض الجهات الأخرى لتقديم برنامج تم تصميمه من قبل معهد باب رزق موجها بصورة خاصة لقطاع التجزئة يهدف إلى تدريب الشباب في مجال مبيعات التجزئة بالتعاون مع الأكاديمية الكندية للبيع, وتم تنفيذ مجموعة من الدورات باسم (البائع المحترف) لمجموعة من الشركات خلال عام 2010، كما نحرص على القيام بدراسات متنوعة لمعرفة حجم الطلب على سوق التجزئة الموجود حالياً في المملكة وفرص العمل الموجودة فيه''.

#4#

صندوق المئوية

من الجانب الآخر، يكشف الدكتور عبد العزيز المطيري مدير عام صندوق المئوية المكلف أن عدد المشاريع التي مولها الصندوق في مجال التجزئة حتى الآن بلغ 765 مشروع تجزئة من خلال العلاقة الاستراتيجية مع البنك السعودي للتسليف والادخار، وذلك في المجالات التالية: التموينات والمخابز والسوبرماركت، محال بيع الأجهزة الكهربائية والجوالات، محال بيع مواد البناء والدهانات، محال بيع العطور والإكسسوارات، محال بيع الملابس والهدايا والإكسسوارات، محال بيع الأثاث، محال بيع الخضراوات، محال بيع المجوهرات، ومحال بيع قطع غيار السيارات.
ويوضح المطيري أن الصندوق مول كذلك أكثر من 200 مشروع بعضها بدأ العمل بنجاح، والبعض الآخر لا يزال تحت التأسيس في انتظار الموافقة التمويلية، مبيناً أن قيمة هذه المشاريع التمويلية تصل إلى 132,682,000 مليون ريال. ويؤكد المطيري أن المشاريع التي مولها صندوق المئوية أسهمت في توفير 811 فرصة عمل للشباب السعودي، إضافة إلى 163 فرصة عمل غير سعودية يمكن سعودتها لاحقاً.
وأضاف: ''لوحظ أن أي مشروع ينجح يقوم بزيادة فرص العمل التي يتيحها تدريجياً، وبحسب عدد الفروع الجديدة التي يفتتحها. صندوق المئوية يشترط على المستفيد أن يقوم بإدارة مشروعه بنفسه حتى لا يتم إنهاء عقد التمويل, كما أن برنامج (هدف) يشترط وجود صاحب المشروع تفادياً لإيقاف الدعم المقدم''.

تقييم تجربة صندوق المئوية

يشير الدكتور عبد العزيز المطيري إلى أن تجربة صندوق المئوية تجربة فريدة من نوعها في المملكة. واستطرد ''الصندوق مؤسسة غير هادفة إلى الربح أنشئ بهدف مساعدة الشباب السعوديين من الذكور والإناث على تحقيق استقلال اقتصادي من خلال إقامة مشاريع خاصة تكفل توظيف أنفسهم وغيرهم من المواطنين السعوديين. ويقوم صندوق المئوية بالعمل على تحقيق الغاية التي أنشئ من أجلها من خلال توفير الدعم المالي وغير المالي للراغبين في إقامة مشاريع صغيرة تراوح قيمة الواحد منها بين 50 ألف و400 ألف ريال من خلال العلاقة الاستراتيجية مع البنك السعودي للتسليف والادخار، بشرط أن تكون لديهم الفكرة السليمة والخبرة أو التعليم الكافي الذي يؤهلهم لإقامة مثل هذه المشاريع بنجاح''.

4000 مرشد ومرشدة

يوضح المطيري أن التقديم يتم من خلال موقع الصندوق على الإنترنت، ثم تتم دعوة الشاب أو الفتاة لإجراء مقابلة شخصية يتم من خلالها عمل دراسة جدوى أولية للمشروع، ترفع إلى لجنة القروض لإقرارها في حال ثبوت جدواها، وبعد مراجعتها بواسطة مستشاري الصندوق ووفقا لأنظمته الداخلية. وحال قبول دعم المشروع يتم العرض على إحدى الجهات التمويلية لإقرارها. وقال ''لعل أهم داعم مالي لمشاريع صندوق المئوية على الإطلاق هو البنك السعودي للتسليف والادخار، الذي قام بتخصيص مليار ريال لتمويل مشاريع أبناء الوطن وبناته. وبمجرد العثور على الممول تتم عملية تدريب للمستفيد على المهارات الأساسية لإدارة مشروعه مثل التسويق والمحاسبة وإدارة الموارد البشرية والتخطيط وما إلى ذلك، ثم يتم تحديد منسق للمشروع من جانب الصندوق ومرشد يقوم بالعمل على دعم صاحب المشروع معنويا وفنيا.
ويلفت مدير عام الصندوق المكلف إلى أن هناك أكثر من أربعة آلاف مرشد ومرشدة متطوعين لخدمة هؤلاء الشباب.

90 ألف طلب

من المزايا التي يقدمها الصندوق لمستفيديه خدمة تسهيل الإجراءات من خلال مركز الخدمة الشامل التابع للهيئة العامة للاستثمار إلى جانب خدمات الدعم المالي من برنامج ''هدف'', الذي يوفره صندوق تنمية الموارد البشرية. واستقبل الصندوق حتى الآن أكثر من 90 ألف طلب لإنشاء مشاريع صغيرة منذ بدء أعماله الرسمية في عام 2006، قبل منها أكثر من أربعة آلاف طلب تمويل وفرت أكثر من خمسة آلاف فرصة وظيفية, أكثر من 20 في المائة منها مشاريع نسائية، و65 في المائة منها خارج المدن الرئيسة الثلاث (الرياض ـ جدة ـ الدمام).

الصعوبات
عن الصعوبات يقول مدير عام صندوق المئوية المكلف إن أهم الصعوبات التي تواجههم تتمثل في مشكلات تسهيل الإجراءات الحكومية التي تستمر في بعض الأحيان إلى عام كامل حتى يكتمل المشروع من جميع النواحي، الأمر الذي يتطلب توفير مبالغ طائلة غير متوافرة لدى صاحب المشروع، وارتفاع التكلفة دون أي إيرادات، فيولد المشروع هزيلاً وقد لا يستمر!
الأمر الثاني ــ والحديث للمطيري - قلة الموارد المالية الثابتة للصندوق، ''حتى يتمكن الصندوق من أداء دوره يفترض أن يتوافر لديه ما يصرفه على الموظفين والمبنى الرئيس في الرياض ومصروفات فروعه في كل من جدة، القصيم، المدينة المنورة، الدمام، أبها، نجران، جازان، حائل، تبوك، عرعر، وحفر الباطن، ولا يمكن أبداً الاعتماد على التبرعات فقط، التي لم يصلنا منها شيء يذكر منذ بداية الأزمة المالية العالمية في 2008''.
ويشير إلى أن الصندوق اضطر نهاية العام الماضي إلى إغلاق قطاعين من قطاعاته وتسريح الموظفين في هذين القطاعين لتقليل المصروفات ليتمكن من الاستمرار في أداء مهامه، وقد يؤدي هذا الوضع إلى الاستغناء عن مزيد من القطاعات خلال العام الجاري ما لم يتم تدارك هذا الوضع بشكل سريع وفاعل.
ويؤكد الدكتور عبد العزيز المطيري أن استراتيجيتهم تركز على الحفاظ على المشاريع القائمة وتقليل نسبة التعثر فيها من خلال التركيز على الرفع المستمر لجودة الأداء وانتقاء المشاريع الناجحة، مبيناً أنهم يعكفون حالياً على تطوير نظم المعلومات في الصندوق لزيادة تميزه.

عيادة لعلاج المشاريع المتعثرة

في حالة تعثر أحد المشاريع فإنه يتم تحويله إلى عيادة الأعمال في صندوق المئوية، التي تقوم بالبحث والتقصي والوقوف على الأسباب وراء التعثر ووضع الحلول المقترحة وعرضها على لجنة خاصة بالصندوق تعقد بشكل دوري من أجل النظر في الاقتراحات واعتماد أنسبها.
وهنا يقول الدكتور عبد العزيز المطيري ''أهم النتائج التي حققها الصندوق هنا أن نسبة المشاريع العاملة من المشاريع التي تم تأسيسها تعتبر مرتفعة جداً مقارنة ببقية دول العالم، ويعود ذلك إلى أن آلية الصندوق تم وضعها بعد دراسة الآليات المماثلة لدى منظمة الشباب العالمية YBI العاملة في أكثر من 40 دولة ومؤسسها الأمير تشارلز أمير ويلز وولي عهد المملكة المتحدة، ومن ثم تكييفها تماما مع ظروف المملكة من جانب، ودعمها بنظام معلومات متطور ومتميز.

الأكثر قراءة