ثقافة وفنون

الفنون والآداب تحت ضغط العولمة كتاب يفضح الغزو الثقافي

الفنون والآداب تحت ضغط العولمة كتاب يفضح الغزو الثقافي

يفتتح الباحث الهولندي جووست سمايرز كتابه "الفنون والآداب تحت ضغط العولمة" بالحديث عن الفنون والآداب كساحة تتصادم فيها العواطف والمشاعر المتضاربة والصراعات الاجتماعية وقضايا الوضع الاجتماعي على نحو أكثر تركيزاً مما يحدث في الاتصال اليومي حيث تتجلى مصالح جماعات الضغط الاقتصادية العالمية التي تخترق مجال الثقافات المحلية. ويشير سمايرز في كتابه الصادر عام 2010 عن الهيئة المصرية العامة للكتاب ترجمة طلعت الشايب إلى أن العولمة تساهم في خلق حياة إنسانية مشحونة حيث مسألة ملكية وسائل الإنتاج الثقافي من توزيع وترويج ستكون بمثابة القضية الرئيسية في معركة عالمية يدور فيها الصراع للوصول إلى أكبر جمهور ممكن على حساب إشباع أذواق الجماعات الثقافية المحلية المتعطشة لإظهار هويتها القومية الوطنية. ويتطرق الكاتب الهولندي في الكتاب الذي جاء في 416 صفحة من القطع الوسط إلى ضرورة عدم إكراه الثقافات المحلية على استهلاك ما يروج له منظرو العولمة ومؤسساتها فكل صور العلاقات والأنشطة الاجتماعية للشعوب يمكن تبادلها باعتبارها محددات ثقافية أصلية لا باعتبارها سلعاً يتحكم بها سوق عالمي متوحش يحول الأعمال الفنية إلى مجرد رسائل تجارية مهمتها خلق البيئة المناسبة لإنتاج المزيد من العرض والطلب على ثقافة العالم الواحد المليئة بشتى أنواع المضاربات المالية العنيفة للاستيلاء على خصائص ومقومات التراث الإنساني. ويتحدث سمايرز عن غياب عدد هائل من القضايا الإنسانية الكبرى في الخطاب العالمي السائد اليوم معللاً ذلك بسبب طغيان الثقافة الاستهلاكية فلا وجود في دنيا العولمة هذه لاحترام الثقافات المحلية أو حتى المساواة والتضامن الإنساني لإنجاز فسيفساء عالمية متنوعة بل الذهاب نحو مجانسة بين ثقافات الدول من أجل تطبيق آليات الهيمنة الاقتصادية والمالية عبر تسليع القيم الثقافية للمجتمعات والأفراد. ويتساءل الكاتب الهولندي في الفصل السادس من الكتاب عن جدوى تطبيق اتفاقية التنوع الثقافي المعروضة للنقاش في منظمة اليونيسكو التي سميت باتفاقية تعزيز تنوع المحتوى الثقافي والتعبير الفني للأمم حيث بإمكان أدوات العولمة فرض تغيير في أجندة الاتفاقية العالمية لصالح دمج الثقافات المحلية في نمط الاستهلاك العالمي الجديد رغم أن منظمة اليونيسكو تحاول إعطاء الدول القومية الحق في تنظيم أسواقها الثقافية من أجل تنمية التنوع الثقافي. ويطالب جووست سمايرز في الفصل السابع من الكتاب بمساءلة قانونية علنية للتكتلات الثقافية الكبرى بالإضافة إلى تنظيم وضبط الأسواق الثقافية المحلية والإقليمية حيث يرى أنه ينبغي على الحكومات الوطنية أن تقوم بدعم وتوزيع أشكال التعبير الفني كافةً في حال عجزت السوق عن تحقيق ذلك وهذا ما يناقشه في الفصل الثامن من الكتاب أيضاً. ويكشف الكاتب الهولندي عن خطورة قبول عالم اليوم لفكرة الثقافة الواحدة المسيطرة بعد نزع الخصوصيات عن الثقافات المحلية عن طريق محاولة العولمة القضاء على التنوع حيث يتصدر سؤال العولمة والثقافة الجديدة على ألسنة مفكري ومثقفي الدول سواء في المؤتمرات الدولية أو الترجمات الجديدة للكتب التي تتناول مفهوم القرية العلمية الجديدة باعتبار هذا المفهوم يصادر الهويات القومية للشعوب.
إنشرها

أضف تعليق

المزيد من ثقافة وفنون