Author

أشكيك لمين يا ساهر؟!

|
في نهاية الأسبوع الماضي، كنت بصحبة أحد الأساتذة الأمريكان الزائرين، وقد خرجنا من الجامعة إلى طريق الملك عبد الله، وما هي إلا لحظات كنا في أثنائها نتكلم في مواضيع بحثية، إلا ووميض سيارة ساهر يضرب سيارتي، سألني الضيف الأمريكي: ما الذي حصل؟ فأخبرته أنه قد سُجلت علي مخالفة مرورية، فقال: ما نوعها؟ قلت له: أعتقد أنها تخص زيادة في السرعة! كان جوابه: كنت أحس أنك تسوق ببطء، خصوصاً والشارع عريض (أربعة مسارات). وعاد فسألني عن سرعتي، فقلت: لم أصل إلى الثمانين، ويبدو أن السرعة المحددة هي سبعون، تعجّب من ذلك وقال: سبعون كيلو مترا في هذا الشارع العريض!!، ما هو المقياس الذي تستخدمونه لتحديد السرعة في الشوارع داخل المدينة؟ قلت له: لا أعلم، فقال: هذا غير معقول، فبلدكم يصرف المليارات على التقنية ولم تستطيعوا حل مثل تلك الأمور!! قال لي كذلك، لا بد أن يكون أيضاً هنالك هامش لزيادة عدة أميال عن السرعة المكتوبة، فعلى سبيل المثال لا الحصر، السرعة عندنا في الطرق السريعة 65 ميلاً، ولكن شرطي المرور قلّما يخالف من يصل حتى إلى 74 ميلاً (أي بزيادة 15 ميلاً)؛ لأنه ليس من المتوقع بشرياً، أن يلتزم السائق حرفياً بالسرعة المحددة لأسباب كثيرة، أكثرها له علاقة بالطبيعة البشرية لقائدي المركبات، وكذلك يُراعى موضوع زحمة الشارع من عدمه، ثم أضاف وقال لي: عليك أن تعترض على هذه المخالفة؛ لأنها أشبه ما تكون بعملية (Rip off)، أي نصب واحتيال وليست منطقية!! ضحكت وتألّمت؛ لأن الأستاذ نشأ وتعود وجود المنطق في كل شيء! لكنه لا يعلم أن الوضع لدينا لا علاقة له بالمنطق، بل هو (ادفع ثم اعترض)!!. وللمعلومية لا توجد لوحة تحدد السرعة القصوى من مخرج الجامعة إلى مكان سيارة ساهر. السؤل المطروح هو لمن نشتكي؟ فكرت في دور الإعلام والأقلام الصحفية، في إيقاف هذا النوع من الجباية المتعسفة، باسم النظام (الذي يحتاج إلى تنظيم)، ولكن لم يكن هنالك جدوى، فقد كتب الأخ الفاضل رئيس التحرير مقالاً منطقياً وكانت التعليقات إيجابية، ولا يكاد يمر يوم إلا ونرى العديد من التعليقات والمقالات، وكان أبرزها تعليق سمو الأمير مقرن بن عبد العزيز، الذي تحدث عن عدم منطقية ذلك النظام الذي لم يطبق إلا في هذا البلد. فكرت أن أشكو ساهر لدى إدارة المرور في الرياض، ولكني وجدت أن أعلى مسؤول في المرور، أصبح شبه الناطق الرسمي باسم نظام ساهر للجباية. أعتقد أن مجلس الشورى قد يكون له دور في إيقاف تجاوزات ساهر، ولكني وصلت إلى قناعة أن أعضاء مجلس الشورى، قد وصلهم تظلم الناس، وأن الصحافة قد قامت بذلك الدور، لكن يبدو أنهم علموا أن قرارهم غير ملزم لأحد. هل يمكن لهيئة حقوق الإنسان أن تقوم بدور لحماية المواطنين من تلك الطامة الكبرى التي ألمت بالضعفاء؟ ولكني وجدت أن للهيئة ما يكفيها من القضايا وفي اتجاهات متعددة. أين دور هيئة كبار العلماء في شرعية الجباية التي تقوم بها ساهر، تحت مظلة حفظ النظام؟، فحبذا لو تُحال لهم تلك القضية من قبل ولاة الأمر ـــ حفظهم الله. تذكرت قرار أمير منطقة تبوك بعدم تطبيق نظام ساهر، ما لم يتبعه ترتيب لوحات المرور وتثقيف الناس، فهذا القرار يعد نوعاً من حماية الراعي للرعية، لذا فإني أعتقد جازماً أن أمير منطقة الرياض ـــ حفظة الله ـــ الذي عُرف بنفسه القريب من المواطنين وحقوقهم، قد يستطيع بناء على ما كُتب في الصحف، وما لديه من شكاوى، أن يضع حداً لتجاوزات ذلك النظام، الذي كان قد وُضع ابتداء، بداعي تقليل الحوادث الناتجة من السرعة المتهورة، أو قطع الإشارات، فأصبح من أهم منغصات المعيشة في العاصمة الرياض، بل صار وسيلة للتندر على الدولة، وهو ما قد يؤثر في الشعور بالمواطنة؛ لأنه جاء تحت مظلة رسمية.
إنشرها