فرصة جيدة

أشرنا في المقال السابق إلى حقيقة شبه علمية، أن مستوى وتوقيت الإفصاح المحاسبي يتطور تبعاً لنمو حاجات المجتمع، هذه الحقيقة منبثقة من فرضية أن نتائج القياس تتبع السياق نفسه لكونها خدمة لأفراد وقطاعات المجتمع كافة، وانطلاقاً من ذلك فإن متطلبات الإفصاح المحاسبي في المملكة تأخذ أشكالا متعددة جوهرها محاولة إيجاد التوازن بين حاجة المجتمع للمعلومات لاتخاذ القرار الاقتصادي الرشيد وبين سرية المعلومات، وتحكمها متطلبات عامة فصلت في نظام الشركات ومتطلبات حددتها معايير المحاسبة السعودية إما على شكل متطلبات عامة أو متطلبات خاصة لكل عنصر من عناصر القوائم المالية، وكذلك متطلبات حدّدتها أنظمة ولوائح سوق المال السعودي والتي تمت بلورتها في شكل نماذج يتم إكمالها من الشركات المدرجة في السوق لمساعدتهم على الوفاء بمتطلبات هيئة السوق سواء في توقيت وشكل الإعلانات ونشر القوائم المالية.
يدور همسٌ بين أعضاء مجالس الشركات المدرجة ومسؤوليها أحياناً عن كثرة وتعقيد تلك المتطلبات والتشدّد في تطبيق تفاصيلها وتكرر الغرامات التي يتم فرضها عند وقوع أية مخالفة شكلية أو جوهرية، ويكون الرد دوماً أن جل مستوى متطلبات الإفصاح المحاسبي في المملكة لا يمثل إلا نسبة بسيطة مقارنة بالمتطلبات في الأسواق العالمية، والناظر لمتطلبات الإفصاح في السوق المالي الأمريكي، وخاصة نماذج (Q10 – K10ـ)، يصل لهذه النتيجة. لقد جبل الكثير على انتقاد متطلبات الأنظمة بعد صدورها، وخاصة عندما تمسه شخصياً، وكان الجميع يتمنى أن يشارك في مراجعة تلك الأنظمة قبل تطبيقها بشكل رسمي، ولكن مع الأسف لا يوفي الكثير أهمية عندما تتاح له الفرصة للتعليق على تفاصيل الأنظمة قبل صدورها، ويدور الآن استطلاع عن مدى ملاءمة متطلبات الإفصاح لبيئة الأعمال في المملكة من خلال استبانة وزعت من قبل هيئة السوق المالية للمهتمين كافة، فهي فرصة سانحة للجميع للتعليق بشكل تفصيلي عن هواجسهم، وإيصالها لمتخذي القرار بكل شفافية، أتمنى أن تتم مناقشة نتائج الاستبانة بشكل علني من خلال ندوة عامة تقام لهذا الغرض، إن مشاركة المهتمين بإعادة صياغة متطلبات الإفصاح المحاسبي ومتطلبات لائحة حوكمة الشركات تعمّق مفاهيمها لدى جميع الأطراف، كما تزيد من حماسهم بأهمية تطبيق متطلباتها.
والله أعلم.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي