حاجة بريطانية: جُلت العالم .. لكن الشعور في مكة مختلف
بلغ عدد الحجاج البريطانيين في موسم هذا الحج نحو 25 ألف حاج، حسب معلومات أوردتها صحيفة الجارديان البريطانية. وشعر هؤلاء الحجاج حين نقلتهم السيارات بين الجموع الحاشدة باتجاه جبل عرفات، بأنهم موضع ترحيب هناك. وقد بقي هؤلاء الحجاج زمن الرحلة في حالة من التأمل والتفكير، وهم في خيامهم البسيطة، وإلى جانبهم أكياس النوم الخاصة بهم. وكانوا على استعداد تام للقيام بكل ما هو مطلوب منهم؛ لكي تكتمل أركان فريضة الحج.
وطبقا لاستطلاع أجرته صحيفة الجارديان البريطانية نشر في عددها الصادر أمس الأول، تقول الدكتورة فاطمة إسماعيل، الطبيبة الجراحة المتدربة من مدينة ليشستر التي وصلت إلى السعودية الأربعاء الماضي، حيث تؤدي هذه الفريضة المقدسة للمرة الأولى. وتصف شعورها قائلة: ''لا يمكنك أن تتخيل مدى المشاعر العميقة في ذلك، حيث إنه أمر يهيمن على النفس البشرية. وقد تفكر أن من الصعب القيام بواجباتك الدينية وسط هذه الجموع، لكنك تحس بشعور خاص من الهدوء داخل نفسك، وتعرف أن أمر العبادة بينك وبين الله، مهما كان عدد المحيطين بك''.
لقد اعتادت هذه الطبيبة المسلمة على السفر إلى مختلف أرجاء العالم، حيث زارت أمريكا الشمالية، وشرق إفريقيا، والشرق الأوسط، وشبه القارة الهندية، لكنها تقول: ''إنه ما من مكان في العالم يعادل شعورك وأنت في مكة المكرمة''. وتضيف: ''زرت عددا من البلدان العربية، وإن السعودية بلد عربي، لكنها مختلفة تماما، حيث إن السلام، والطمأنينة التي تشعر بها وأنت في هذا البلد لا يمكنك أن تلمسها في أي بقعة أخرى على وجه الأرض''.
وكانت الخيمة التي تقيم فيها منزلا لعدد كبير من الذين يؤدون هذه الفريضة المقدسة للمرة الأولى. وقالت الحاجة حليمة بهايات: إنها تعد لقطات خاصة لعرضها من خلال البوربوينت على طلبتها في مدرسة ماريا فيدلس، إلى الشمال من العاصمة البريطانية، لندن. وأضافت هذه المدرسة: ''إن طلبتها يهتمون للغاية بما تقوم به؛ ولذلك تضيف ''إنني ألتقط كل هذه الصور لكي يرى الطلبة ما يقوم به الناس هنا، وأريد التحدث إليهم حول ما رأيته، وحول هذه التجربة الروحانية، وحول ما علمتني إياه شعائر هذه الفريضة المقدسة''.
وتقول: إنها لم يسبق لها أن عاشت في خيمة من قبل، وأنه كان عليها أن تقوم بذلك لكي تصبح معتادة على الأمر. ويتوجه ملايين الحجاج إلى عرفات، ويتحملون درجات حرارة تزيد على 35 مئوية؛ وذلك لأنهم يرجون أن يغفر الله خطاياهم. وقد أمضى كثير منهم الليل وهم يتعبدون فوق تلال جبل عرفات. وتقدر الحكومة السعودية أن عدد حجاج هذا العام من خارج المملكة بلغ نحو ثلاثة ملايين حاج.
هنالك حاجة بريطانية من حزب المحافظين البريطاني هي السيدة وارسي، حيث جاءت إلى الحج بدعوة من خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز. وستشارك هذه البارونة البريطانية بعد أداء مناسك الحج، في عدد من الاجتماعات الرسمية.
أثبت التجمع في جبل عرفات هذا العام أنه تجمع قياسي من حيث أعداد الحجاج الذين صعدوا إليه. وتحدث حالة من الزحمة لدى مغادرة أفواج الحجاج للجبل في طريقهم إلى مزدلفة. وكانت هنالك قافلة من السيارات الحكومية تحاول التحرك وسط هذه الجموع الغفيرة، حيث تسبب بعض الزحام بين جماعات الأفراد التي تنزل بأعدادها الهائلة من على جبل عرفات.
من المنتظر أن يعمل قطار جديد يستطيع حمل 72 ألف راكب على تخفيف حدة الازدحام بين المشاعر المقدسة، غير أنه ما زالت هنالك حاجة إلى تقديم المزيد من جانب السلطات السعودية المختصة، وذلك في ظل الأعداد المتزايدة لحجاج بيت الله.
ويتعرض بعض المسلمين في مناطق متعددة من العالم لعمليات نصب من خلال وسطاء غير رسميين مارقين يستولون على أموالهم، دون أن يقدموا لهم الخدمات المتفق عليها. ويرى الحاج البريطاني محمد باتل، الذي ظل ينظم قوافل للحجاج من عام 1998، أن أهم شيء بالنسبة إلى الحجاج هو التأكد من سلامة الأوراق الرسمية التي يحملها وكيل السفر. وهو يقول للحجاج: ''استخدموا الشركات المرخصة رسميا إذا كنتم لا تريدون أن تخسروا أموالكم دون الحصول على خدمة''، وهنالك كثيرون ممن تعرضوا لعمليات الاحتيال، ولم يتمكنوا من بلوغ الديار المقدسة. ولا بد للشركة المختصة بنقل الحجاج من أن تكون حاصلة على ترخيص رسمي. وهنالك الكثير من قصص سوء الاستغلال التي يتعرض لها من يريدون الحج في كثير من مناطق العالم. وتتوافر كذلك مواقع إلكترونية تدرج فيها أسماء شركات نقل الحجاج المعتمدة، والفنادق، وغير ذلك من وسائل الخدمات. وبالتالي، فإن المسؤولين ينصحون الحجاج بالاستفادة القصوى من معلومات تلك المواقع الإلكترونية. ويشبهها الحاج باتل بأنها ''أقرب إلى مستشار خاص للحجاج''.