انقسام بين إعادة تقييم سعر الريال وامتصاص الأضرار

انقسام بين إعادة تقييم سعر الريال وامتصاص الأضرار

تمسكت أسعار صرف الريال السعودي في الأسواق الدولية والمجاورة، خلال الأيام الماضية بهدوئها، رغم التراجع الذي سجلته أسعار صرف عملة الربط الدولار الأمريكي في الأسواق العالمية، فيما تباينت آراء الاقتصاديين والمصرفيين السعوديين حيال الخطوات التي ينبغي لمتخذي السياسات المالية والنقدية في المملكة انتهاجها، لمواجهة الأضرار الجانبية المتوقعة أن تطول القوة الشرائية للريال، من جراء الخطوات التي يتخذها الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي.
وقال لـ ''الاقتصادية'' مصرفيون إن إيمان أغلبية المستثمرين المحليين والعالميين بتمسك المملكة بسياساتها تجاه الربط مع الدولار، إلى جانب اعتمادها سياسة طويلة النفس، حدّت أو منعت أي تجاوب سريع من المستثمرين مع الريال.

في مايلي مزيد من التفاصيل:

تمسكت أسعار صرف الريال السعودي في الأسواق الدولية والمجاورة، خلال الأيام الماضية بهدوئها، رغم التراجع الذي سجلته أسعار صرف عملة الربط الدولار - الأمريكي في الأسواق العالمية، فيما تباينت آراء الاقتصاديين والمصرفيين السعوديين حيال الخطوات التي على متخذي السياسات المالية والنقدية في المملكة انتهاجها، لمواجهة الأضرار الجانبية المتوقعة أن تطول القوة الشرائية للريال، جراء الخطوات التي يتخذها الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي.
وقـــــــــــــال لـ"الاقتصــــــــادية" مصرفيون إن إيمان أغلبية المستثمرين المحليين والعالميين بتمسك المملكة بسياساتها تجاه الربط مع الدولار، إلى جانب اعتمادها سياسة طويلة النفس، حدت أو منعت أي تجاوب سريع من المستثمرين مع الريال. وأشاروا إلى أن نقاط الفرق في الفائدة ثابتة بين العملتين ومستقرة، وليس عليها حركة تذكر قد تعيد "مضاربات 1997"، كما أن أسعار الفائدة في المملكة تسير في اتجاه أسعار الفائدة الأمريكية نفسه، وهي عند مستويات متدنية نوعا ما.
ورغم إجماع الاقتصاديين على أن الخطوات الأمريكية ستنعكس في صورة تضخم وتراجع للقوة الشرائية للريال، على المديين القريب والمتوسط، إلا أنهم اختلفوا في كيفية الاحتواء، حيث قال أحمد الحديد، مصرفي سعودي، إن الأضرار الناجمة عن أي إعادة تقييم كالتأثير في حجم الاحتياطيات السعودية، أو الاستثمارات الخارجية، أو حتى ثبات السياسة النقدية والمالية، أكبر من تلك التي قد تطول الأسعار أو التضخم لمرحلة معينة.
وأضاف" الواقع يؤكد أن خطوات المركزي الأمريكي مرحلية وستنتهي في أقصى حد في عام من الآن، ما يعني أن الدولار سيعود للنمو، كما أنه يمكن معالجة التضخم محليا، دون الحاجة إلى التفكير في موضوع استراتيجي كسياسة الربط أو سعر الصرف".
وقال مصرفي سعودي - فضل عدم ذكر اسمه - إن المرحلة الراهنة تستدعي بالفعل التفكير في إعادة تقييم الريال أمام الدولار ولو بنسبة ضئيلة وفي حدود 5 إلى 10 في المائة، لضمان عدم استيراد التضخم بصورة كبيرة، قد تضر بمسارات أخرى متعددة من النمو.
وتابع" ليس هناك خيار أمام مؤسسة النقد سوى رفع سعر صرف الريال أمام الدولار للمحافظة على القوة الشرائية للريال، لأن التأثير سيكون كبيرا، فالعملة الأمريكية تفقد كثيرا من قيمتها، وستستمر في ذلك على المدى المتوسط".
وبين المصرفي السعودي أن ذلك سيساعد المستوردين السعوديين في المحافظة على جزء من أرباحهم، دون أن يضطروا إلى تمريرها إلى المستهلك النهائي، موضحا أنه ليس بالضرورة أن نتمسك بالرؤى الاقتصادية إلى الأبد.
وهنا يعود أحمد الحديد، للتأكيد أن هناك أضرارا جانبية للعلاج الذي تمنحه الإدارة الأمريكية لاقتصادها، ولكن الاقتصاد السعودي، ولما يتمتع به من قوة وحنكة، يمكنه امتصاص تلك الأضرار، والعمل على نطاقات أخرى.
وأضاف القرارات الأمريكية جريئة لمعالجة الاقتصاد الأمريكي، وهي خطوات لم تستطع منطقة اليورو تنفيذها وفعلتها اليابان، ومن هنا نعتقد أن الاقتصاد الأمريكي والدولار سيعودان للقوة، فيما اليورو وبما تعانيه الكثير من أجزائه، سيهبط.
وأوضح الحديد أن مسألة عودة المضاربات على الريال مستبعدة للغاية، أولا لكونها مرحلة تلقى فيها المضاربون دروسا قاسية، إلى جانب أن مؤسسة النقد لديها قدرة وحنكة عالية تمكنها من معاقبة أي جهة تحاول التلاعب بسعر صرف الريال، هذا لا يعني أن تكون هناك حركة على أسعار الصرف فهي طبيعة السوق، ولكنها لن تكون مضاربات.
على مسار مختلف، يتدخل الدكتور صالح السلطان مستشار وكاتب اقتصادي، ليقف في المنتصف، مشيرا إلى أن كل الإجراءات لمعالجة مسألة أسعار صرف الريال ممكنة ومنها إعادة التقييم، وفك الارتباط، أو الثبات على السياسة الراهنة، إلا أنها أيضا تعتمد على المفاضلة بين مستويات الأضرار.
وكإجراء عاجل، يعتقد السلطان أن السطات المالية والنقدية في المملكة لن تعمد إلى إجراء لاعتبارات مختلفة، فعلى صعيد فك الارتباط لا يمكن في المرحلة الراهنة الحديث عنه خصوصا أن هناك موضوع عملة خليجية موحدة، إلا أنه يظل خيارا مهما يمكن العمل عليه مستقبلا.
ويضيف أما على صعيد إعادة التقييم فإن رفع سعر الريال أمام الدولار بنسبة ضئيلة لن يشكل فرقا كبيرا، ورفعه بنسبة تزيد على 10 في المائة مستبعد بتاتا، كما أن هناك أضرارا على الإيرادات الحكومية وعلى الصادرات السعودية وتنافسيتها في الأسواق جراء رفع سعر الريال، فيما يمكن معالجة التضخم المستورد الناجم عن ضعف الدولار بالاستمرار في برامج الدعم المقدمة للمواطنين، ومنها مخصصات بدل الغلاء، وكذلك معالجة مسألة الإسكان والأراضي، والوضع العقاري المتضخم وغير المستقر في المملكة.
ونوه السلطان إلى أن الاتزان والهدوء والنفس الطويل الذي تتسم به مؤسسة النقد، يمنح هدوءا في الأسواق وللريال أيضا، رغم أن آخرين يعتبرون ذلك جمودا.
وزاد" لا يمكن رفع الريال أمام الدولار بنسبة كبيرة تزيد على 20 في المائة مثلا، ومن ثم العودة بعد سنوات عند نمو الدولار وخفض الريال، هذه خطوات صعبة على متخذي القرار، لأن الاستقرار مطلب أساسي".

الأكثر قراءة