Author

أبرز تغيرات الخصائص السكانية في الإحصاء السكاني

|
تفيد بيانات الإحصاء السكاني الأخير إلى تصاعد نمو معدلات السكان المقيمين في المملكة خلال فترة 2004م إلى 2010م، والتي بلغ متوسط نموها السنوي خلال الفترة 5.4 في المائة. ونتج عن هذه الزيادة الكبيرة في معدلات نمو المقيمين ارتفاع نسبتهم من إجمالي عدد السكان من 27.1 في المائة في عام 2004م إلى 31.1 في المائة في عام 2010م. وتراجعت بذلك نسبة السعوديين من 72.9 في المائة من إجمالي عدد السكان إلى 68.9 في المائة من عدد السكان. وتشير بيانات التعداد العام السكاني الأخير أيضاً إلى تراجع نسبة نمو السكان السعوديين خلال الفترة 2004-2010م إلى 2.2 في المائة. وكانت نسبة النمو السكاني للسكان السعوديين تبلغ 2.5 في المائة خلال الفترة 1992-2004م. وجاء التراجع بسبب انخفاض معدلات إنجاب المرأة السعودية والذي أتى بدوره من ازدياد استخدام وسائل تنظيم الحمل، وتأخر سن الزواج، وميل المرأة للعمل بدرجة أكبر، والتغيرات الاجتماعية الأخرى التي تجري في المجتمع السعودي. والتراجع الكبير في نسب النمو السكاني للسعوديين يشير إلى حدوث تغيرات مؤثرة في المجتمع ونظرته لعدد الأطفال المرغوب في إنجابهم داخل الأسر. ومن المتوقع أن يستمر التراجع في معدلات النمو السكاني خلال السنوات المقبلة مع تعمق تأثير هذه التغيرات. من جهةٍ أخرى تراجعت نسبة نمو الإناث السعوديات بدرجة أكبر من تراجع نمو الذكور خلال فترة 2004 إلى2010م، حيث بلغت نسبة نمو الإناث السعوديات 1.9 في المائة، بينما بلغت نسبة نمو الذكور 2.4 في المائة. وارتفع عدد الإناث السعوديات بنحو 940 ألفا خلال الفترة، بينما ارتفع عدد الذكور السعوديين بنحو 1.24 مليون في الفترة نفسها. وقد أدى التباين في الزيادة بين عدد الذكور والإناث إلى ارتفاع نسبة الذكور بين السكان السعوديين من 50.1 في المائة في عام 2004م إلى 50.9 في المائة في عام 2010م. وهذا تغير كبير خلال فترة وجيزة مقدارها ست سنوات. ويتردد في المجتمع الحديث عن أزمة عنوسة كبيرة بين الإناث ولكن في حالة استمرار ارتفاع أعداد الذكور في المجتمع فيبدو أن معدلات عنوسة المرأة ستنخفض وترتفع معدلات عنوسة الرجال الذين ستزداد نسبتهم في المجتمع مقارنةً بالنساء. وزيادة نسبة الذكور السعوديين بدرجة تفوق الإناث قد يكون مؤشرا على زيادة استخدام وسائل اختيار جنس الجنين وتفضيل المجتمع الذكور على الإناث. ويبدو أن تقنيات اختيار نوع الجنين بدأت تحقق تقدما ملموسا أصبح يؤثر بدرجة ملحوظة على نسب الذكور بين المواليد. وهناك مؤشرات في بعض دول العالم على تفضيل الذكور على الإناث عند اختيار نوع الجنين ونجاح تقنيات اختيار الجنين في تحقيق رغبات الآباء والأمهات. وقد يشير التغير في نسب نمو الذكور إلى الإناث إلى معضلات في البيانات، فمن الصعب وجود تغيرات سكانية كبيرة خلال فترة زمنية قصيرة وخصوصا في مجتمع محافظ مثل المجتمع السعودي. لهذا يجب على مصلحة الإحصاءات العامة والبيانات التأكد من هذه النتائج ومراجعتها. وبوجه عام تشير بيانات الإحصاء السكاني الأخير إلى تغير واضح في التركيبة السكانية من ناحية الجنس وارتفاع نسب الذكور إلى إجمالي عدد السكان. ومع أن بيانات الإحصاءات السكانية السابقة تشير إلى وجود خلل واضح في نسب الذكور إلى إجمالي عدد السكان، إلا أن بيانات الإحصاء الأخير تشير إلى زيادة هذا الخلل، حيث ارتفعت نسبة الذكور في إجمالي عدد السكان من 55.4 في المائة في عام 2004م إلى 57 في المائة في عام 2010م. وهذا الارتفاع جاء نتيجةً لارتفاع نسبة المقيمين في إجمالي عدد السكان والذين يشكل الذكور النسبة الكبرى منهم، كما جاء نتيجةً لارتفاع نسب الذكور السعوديين من إجمالي السكان السعوديين. إن استمرار تغير المؤشرات السكانية خلال السنوات المقبلة على نفس وتيرتها خلال الأعوام الستة الماضية سيؤدي وبلا شك إلى تغيرات كبيرة في الخصائص السكانية المتعلقة في المملكة، فقد ترتفع نسب المقيمين بسرعة خلال السنوات المقبلة وقد يمثلون أغلبية السكان بعد عقدين أو ثلاثة عقود من الزمن. وأعتقد أن عدد الذكور البالغين المقيمين بدأ يتجاوز عدد الذكور البالغين المواطنين، وستظهر البيانات التفصيلية للإحصاء السكاني صحة هذا الادعاء من عدمه. أما بالنسبة لخصائص المجتمع السعودي فسترتفع نسب الذكور بسرعة مما قد يولد معضلات اجتماعية إضافية في مجتمع يفتخر بأنه محافظ.
إنشرها