Author

الخدمات للمواطنين .. الإدارة بالمحاسبة

|
الأمير نايف بن عبد العزيز النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء، وزير الداخلية خلال لقائه أمراء المناطق في الاجتماع الدوري الـ 17 الذي انعقد في مكة المكرمة، شدد على ضرورة تطوير الأداء في إدارة الخدمات العامة التي تقدم للمواطن، ولفت سموه إلى أهمية حضور مجالس المناطق من خلال تفعيل آلياتها في كل ما يتصل بتنفيذ مشاريع الخدمات، ومتابعة أدائها، والارتقاء بنوعية الخدمة، وتيسير إجراءات الحصول عليها، في إشارة إلى مبدأ الإدارة بالمحاسبة، خاصة بعدما أفرط بعض المسؤولين في المواقع التنفيذية في إلقاء اللائمة على المواطن، للفكاك من القصور في الخدمات. وما شدد عليه الأمير نايف هو امتداد لما جاء على لسان خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز، والأمير سلطان بن عبد العزيز، الذين لم يتركوا أي مناسبة لتذكير المسؤولين بواجباتهم، خاصة بعدما وفرت الدولة كل ما يلزم من الاعتمادات المالية لقطاعات الخدمات وبسخاء غير مسبوق، مما أسقط ذريعة الاعتمادات المالية تماما. وقد عبر عن هذا المعنى خادم الحرمين الشريفين ـــ يحفظه الله ـــ لوزرائه ساعة إقرار الميزانية العامة للدولة، عندما قال بالحرف ''من ذمتي لذمتكم''، ولم يبق بعد ذلك إلا المسؤولية التنفيذية التي تضع هذه الاعتمادات في خدمة الوطن والمواطن، وتعزيز كل ما يتصل بتأمين الحياة الحرة الكريمة له ولأبنائه، كمواطن في هذا البلد الذي وهبه الله من النعم ما يستحق الشكر. كل المؤشرات تقول إننا ننفق على قطاع الخدمات أكثر مما ينفقه كثير من الدول المتقدمة من حيث التكلفة والتشغيل، لكن في المقابل لا أحد يستطيع أن يزعم أو يدعي أن مستوى تلك الخدمات يرقى إلى مستوى ما ينفق عليها من الأموال والاعتمادات، ولعل المشكلة تكمن تحديدا في أسلوب الإدارة الذي لا يزال يعتنق المناهج القديمة التي أتى عليها الزمن وتجاوزها بمراحل، حيث من المعلوم أن الإدارة إما أن تكون إدارة بالروتين، وإما إدارة بالقيم الإبداعية، والإدارة بالروتين قد تحفظ النظام إلى حد ما، لكنها تبقى إدارة آلية يتحول فيها المدير المسؤول إلى قيد ورقي فقط، لكنه يظل عائقا أمام أي حلول، في حين أن الإدارة بالإبداع تدفع المسؤول إلى أن يكون (قيمة إنتاجية)، لكن هذا النوع من الإدارة لا يتأتى من خلال البقاء في المكاتب والإذعان للاجتماعات الطويلة، إذ لا بد أن يكون منخرطا في الميدان يواجه بنفسه كل تفاصيل العمل ويتفاعل معها، ويجترح الحلول لها من مكان حدوثها، وهذه هي القيمة الإنتاجية الكبرى التي تحرك العمل، وتحرره من كثير من القيود الورقية التي تستهلك الوقت والجهد في آن معا. لذلك جاءت هذه التوجيهات لتضع أمراء المناطق أمام مسؤولياتهم مع هذا المنهج الإداري العملي الذي يريد أن يحرر إدارة قطاعات الخدمات بالتحديد من عوائق الانتظار في المكاتب لاستقبال المشكلات والعثرات بواسطة الهاتف أو الأوراق المقيدة بقيود الصادر والوارد، ولتضع كل مسؤول في قطاع الخدمات مباشرة أمام مسؤولياته في الميدان، وفي موقع الخدمة ومواجهة الجمهور الذي تتجه إليه هذه الخدمات تماما، بمعنى أننا أصبحنا بمثل هذه اللغة الحازمة أمام منهج جديد في المواجهة والمحاسبة، وهو ما بدأه خادم الحرمين ـــ يحفظه الله ـــ في مواجهة عدد من القضايا الكبرى التي تمس أجهزة الخدمات، وصولا إلى استثمار هذا السخاء الكبير الذي تنفقه الدولة بما يليق به من الخدمات مستوى ونتيجة، كما وكيفا، وهذا ما سيحدث ـــ بإذن الله تعالى ـــ طالما بدأت ملامح هذا المنهج الإداري تكرس في قيم الإدارة، وكيفية التعامل والتفاعل مع المسؤولية، بعيدا عن تلك الأطر التي وضعت المسؤول إما في (عزلة عما يدور في الميدان)، أو رهينة للتقارير والأوراق، وهناك مقولة للعرب الأوائل تقول: (ليس من رأى كمن سمع)، أو بصيغة أخرى: (ليس الخبر كالمعاينة).
إنشرها