الكلاب وسيلة مبكرة للكشف عن السرطان عند البشر

الكلاب وسيلة مبكرة للكشف عن السرطان عند البشر

قالت قناة فرانس 24 التلفزيونية الفرنسية إن استخدام الكلب لحاسة الشم القوية التي يتميز بها تكفيه ليتمكن من القيام بفحص المرضى المصابين بالسرطان، وأضافت القناة في تقرير بثته اليوم أن دراسات متعددة أقيمت مؤخراً في الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا وألمانيا أثبتت هذه الحقيقة. ويكفي هذا الاختبار البسيط للكشف عن المرض عوضاً عن الاختبارات الكثيرة المعقدة التي يتطلبها الكشف عن السرطان. بالإضافة إلى أن هذا الاختبار يسمح بالكشف المبكر عن المرض، وهو ما يجعل العلاج في كثير من الحالات ممكناً. فالمريض عادة ما ينتظر حتى يشعر بألم شديد ثم يذهب للطبيب، وفي هذا الموقف كثيراً ما تكون فرصة الشفاء قد ضاعت. الأمل في أن يتمكن الكلاب من الكشف عن الأطوار المبكرة من سرطان الرئة أو سرطان الثدي، يملأ الباحثين في مركز أبحاث السرطان في مدينة هايدلبرج بألمانيا. وبالتأكيد لا يمكن الاعتماد على الكلاب في العيادات والمستشفيات لتقوم بهذه المهمة كما يؤكد يورجن لوش الباحث في هايدلبرج، ولكن هذا الكشف يفتح آفاقاً جديدة في رأيه. "لقد كشفت الكلاب عن أمر هام، وهو أن الأورام الخبيثة تكشف عن نفسها عبر إبرازات تصدر روائح ما، وهذا هو الأمر المثير للدهشة" ويتمنى لوش التوصل إلى "أنف الكتروني" يتمكن الأطباء الاعتماد عليه للكشف المبكر عن السرطان.

لكن العائق أمام ابتكار هذا "الأنف الالكتروني" هو أن الباحثين لا يعرفون حتى الآن ما الذي يحرك الكلاب، وما الذي يشمه بالضبط، ويجعلهم ثائرين عند وجود الورم. والأنف الالكتروني عبارة عن جهاز قياس مزود بمجسات حساسة يمكنها تحليل خليط من الغازات والتفاعل إزاء وجود كميات قليلة جداً من مادة محددة. هذا الجهاز يستخدم الآن لقياس المواد الملوثة للجو ولقياس جودة الأطعمة. ولكن العقبة حتى الآن هي عدم معرفة تلك المادة التي يشمها الكلاب لدى مرضى السرطان كما يؤكد عالم الأحياء لوش ويضيف: "وللأسف لا يمكننا طرح هذا السؤال على الكلاب". وهناك عدد من الأبحاث حول مدى قدرة الكلاب على اكتشاف المرض كان آخرها ما قام به الباحثون في جامعة كاليفورنيا الأمريكية، وثبت فيه أنه في 90% من الحالات يستطيع الكلاب التعرف على المرضى من غير المرضى. وفي الوقت الذي يدافع فيه الأمريكيون عن استخدام الكلاب ككاشف للمرض، يؤكد فيلكس هيرت المتخصص في أمراض الرئة بمستشفى جامعة هايدلبرج الألمانية أن هذا الأمر غير مقبول، وشبه مستحيل، من ناحية لأنه أمر غير صحي، ومن ناحية أخرى لأن حاسة الشم لديها تختلف في رأيه من كلب لآخر. وحتى وإن كانت قدرة الكلاب على الشم تساوي ملايين المرات قدرة الإنسان، إلا أن هناك اختلافات من كلب لآخر، ولذلك فهو لا يقبل الاعتماد عليها في عملية الكشف عن المرض. وهو يرى أنه يمكن الاعتماد على الكلاب في الكشف عن المخدرات أو القنابل ولكن بكل تأكيد ليس من المعقول أن تدخل عيادة الطبيب فتجد كلباً في انتظارك للكشف.

ولا يعلم العلماء على وجه التحديد ماذا يشم الكلب وما الذي تفرزه الخلايا المصابة ويشمه الكلاب؟ ففي عام 1989 ظهرت أول دراسة عن الكلب الذي تمكن من الكشف عن سرطان الجلد لدى صاحبته في بريطانيا، ونشرت دراسة عن هذا الأمر في مجلة "ذي لانست" الطبية. وبعدها واصل العلماء البريطانيون أبحاثهم حول قدرة الكلاب في الكشف عن سرطان المثانة، ولكن النتيجة لم تكن إيجابية. كل هذه التفاصيل، بالإضافة إلى الاختلافات القائمة بين أنواع الكلاب المختلفة، والتفاوت بين قدراتها على الشم يصعب الأمر لدى الباحثين. فلكي يتمكن الباحثين اليوم من اختراع جهاز جديد يمكنه الكشف عن السرطان عبر الرائحة، عليهم أن يكتشفوا ما هي المواد التي يفرزها الجسم المصاب بالسرطان ويستشعرها الكلاب، وبأي تركيز توجد حتى تؤدي لهذا الفرق بين الخلايا السليمة وتلك المصابة بالمرض؟ أما هيرت فهو يرى أن هناك نقصاً في دراسة كاليفورنيا، لأن عدد الكلاب في رأيه كان غير كاف، كما يقول: "علينا أن نتعلم من الدراسات السابقة أهمية التركيز في أبحاثنا على إفرازات الجسم وتحليلها". وفي اعتقاده أن تكوين الورم يؤدي إلى تكوين مواد معينة وطردها من الجسم. وفي الوقت الذي يدافع فيه الباحثون الأمريكيون والبريطانيون عن الكلاب ودوره كمساعد للطبيب، يعترض الألمان على هذه الفكرة مؤكدين أنها غير عقلانية، ولكن الكلاب أثبتت في كل الأبحاث حتى الآن أن قدرتها أعلى كثيراً من قدرة المجسات الالكترونية.

الأكثر قراءة