4 وقفات تخص المصلحة والزكاة

تُعد مصلحة الزكاة والدخل الحارس الأمين على الركن الثالث من أركان الإسلام. وفي هذا السياق، فإن المصلحة تعمل بصمت على تطوير وتفعيل وسائل جباية عروض التجارة. وعلى الرغم من جهود المصلحة إلا أن هناك لبسا وخلطا في دور المصلحة الشرعي والإداري, حتى إن كثيرا من المختصين يقعون في هذا اللبس دون قصد, ومن هذا المنطلق، فإن لنا مع هذا الموضوع وقفات.
الوقفة الأولى: يجب معرفة وفهم دور مصلحة الزكاة والدخل الأساسي والمتمثل في جباية الزكاة على عروض التجارة (الشركات) فقط. وهذا يعني أن المصلحة غير مسؤولة عن زكاة الأفراد والثروات الشخصية والأسهم والزروع والأنعام, وبالتالي فإن كثيرا من الأموال الخاضعة للزكاة تقع خارج "التغطية النظامية" للمصلحة, لذا فإنه من غير المنطقي مطالبة المصلحة بأمور خارج اختصاصها.
الوقفة الثانية: إن احتساب الزكاة يُعد مسألة شرعية تحكمها قواعد شرعية ونظامية، ويتم حساب الزكاة بالاعتماد على المعلومات المحاسبية والقوائم المالية الصادرة وفقاً للمعايير المحاسبية. وفي هذا المجال، فإن بعض الكُتاب الصحافيين يطرح آراء غير واقعية تخالف الواقع النظامي للزكاة. فعلى سبيل المثال، يعتقد البعض أن الزكاة تُفرض على رؤوس أموال الشركات وأصولها مباشرة, وهذا غير صحيح, حيث إن آلية حساب الزكاة على الشركات لها طريقة شرعية نظامية لتحديد الوعاء الزكوي (المبالغ الخاضعة للزكاة). وللتوضيح، فإن الوعاء الزكوي لا تدخل فيه الأراضي والأصول الثابتة والاستثمارات طويلة الأجل وغيرها, وبالتالي، فإن المبالغ التي تخضع للزكاة (2.5 في المائة من الوعاء الزكوي) هي في واقع الأمر محدودة في تلك الشركات. وعلى هذا الأساس، فإنه يجب أن نكون واقعيين في تقدير الزكاة المستحقة وألا نبالغ في التقدير.
الوقفة الثالثة: إن المصلحة تقوم مباشرة بتحويل الإيرادات المحصلة من المكلفين الخاضعين للزكاة بشكل يومي إلى حساب الزكاة المخصص في مؤسسة النقد العربي السعودي للصرف على مستحقات الضمان الاجتماعي عن طريق وكالة الضمان الاجتماعي في وزارة الشؤون الاجتماعية. وهذا بالتأكيد يعني أن أموال الزكاة تذهب للمصارف الشرعية المُعتبرة، وأنه لا ينبغي بأي حال من الأحوال التشكيك في هذا الأمر أو استخدامه كمسوغ للتهرب من دفع الزكاة للمصلحة, بل إن التساهل في دفع الزكاة إلى المصلحة يُعد من باب المخالفة لأوامر السلطان وولي الأمر.
الوقفة الأخيرة: إن المتابع لشؤون الزكاة يلاحظ ما تقوم به المصلحة أخيرا من تطوير، وعلى وجه الخصوص استخدام وسائل التقنية الحديثة في إجراءات الجباية والفحص والسداد. ومع ذلك فإن مشوار التطوير طويل ويحتاج إلى مواكبة التطورات الاقتصادية في البلد, فالأهمية الشرعية والاقتصادية لــمصلحة الزكاة والدخل تستدعي استمرار العمل على تطوير "المصلحة" وإعطائها مزيدا من الصلاحيات, خصوصاً أن التوسع الاقتصادي الذي تشهده البلاد يتطلب وجود إدارة زكاة وضريبة فاعلة.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي