بن حميد: خادم الحرمين حفظ لأهل العلم منزلتهم وللمؤسسات الشرعية مقامها

بن حميد: خادم الحرمين حفظ لأهل العلم منزلتهم وللمؤسسات الشرعية مقامها

دعا الشيخ الدكتور صالح بن حميد المسلمين إمام وخطيب المسجد الحرام في خطبة الجمعة أمس إلى الخوف من الله- سبحانه وتعالي- موضحا أن القلوب لا تحيا إلا بالخوف منه- سبحانه وتعالى- بالشكل الذي يجعل الجوارح تكف عن المعاصي وتستقيم على الطاعات، وتبتعد عن الشهوات. وتناول إمام وخطيب المسجد الحرام في الخطبة أمس الأمر الملكي الذي أصدره خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز بخصوص قصر الفتوى على أعضاء هيئة كبار العلماء، فقال: ''إن خادم الحرمين الشريفين- حفظه الله- كان حازما صارما في منع التجاوز على المؤسسات الشرعية والوقوع فيها وفي حملتها ومسؤوليها، من منطلق مسؤوليته الشرعية وإمامته الدينية فقد حفظ لأهل العلم منزلتهم وللمؤسسات الشرعية مقامها. وقال الشيخ بن حميد: ''في كتاب الله مواعظ لمن اتعظ ومواعظ وذكرى توقظ القلب المستنير ويقظة القلوب تحيا بموت الهوى، وغفلة النفوس تنقشع بحلول الخشية والكسل تطرده سهام الحذر فلا سكون لخائف، ولا قرار لعارف، والمقصر إذا ذكر تقصيره ندم، والحذر إذا فكر في مصيره حزم. وأضاف: ''وأنتم في مستقبل هذا الشهر الكريم ترجون فضل ربكم، وتتعرضون لنفحات مولاكم تأملون في خيره وبره وتحاذرون تقصيركم، وتخشون ذنوبكم تقبل الله منا ومنكم ورزقنا فيه القيام والصيام''.
وأكد إمام وخطيب المسجد الحرام أن الله خلق الخلق ليعبدوه ويحبوه ويعظموه، نصب لهم الأدلة الدالة على عظمته وكبريائه ليهابوه ويخافوه ليخافوا ربهم خوف إجلال وتقدير ومحبة وتعظيم، ودعا عباده إلى خشيته وتقواه والمسارعة إلى امتثال ما يحبه ويرضاه والمباعدة عما ينهى عنه ويكرهه ويأباه. وأوضح أن القلوب لا تحيا إلا بالخوف من الله فهو الذي إلى الخير يسوقها، ومن الشر يحذرها، وإلى العلم والعمل يدفعها، بالخوف تكف الجوارح عن المعاصي، وتستقيم على الطاعات ويسلم المرء من الأهواء والشهوات، بالخوف يحصل للقلب خشوع وذلة واستكانة وانقياد وتواضع لله رب العالمين ينشغل بالمراقبة والمحاسبة، والخوف يثير دوام ذكر الله، وصلاح العمل والمسابقة بين الخيرات والزهد في الدنيا والرغبة في الآخرة، ويمنع الكبر والعجب والخيلاء، وينتفع القلب بالنذر والمواعظ والزواجر''. وأبان إمام وخطيب المسجد الحرام: ''أن الخوف المقصود هو اضطراب القلب وقلقه وانزعاجه لما يتوقعه ويخشاه من عقوبة الله على فعل محرم أو ترك واجب أو التقصير في جنب الله والإشفاق من عدم القبول، والخوف المحمود ما قاد إلى العمل الصالح وحجز عن المحرمات ظاهرا وباطنا، وحمل على أداء الفرائض والمسارعة إلى الخيرات، فإن زادت شدته بأن أورثت مرضا أو هما لازما بحيث ينقطع عن العمل أو يدخل في دائرة اليأس والقنوط فهو خوف مذموم غير محمود.
وأكد أنه خاف حق الخوف من لم يأكل حراما، ولم يكسب حراما، ولم يشهد زورا، ولم يحلف كذبا، ولم يخلف وعدا، ولم يخن عهدا، ولم يغش في معاملة، ولم يخن في شركة، ولم يمش في نميمة، ولم يترك النصيحة، ولم يهجر مساجد الله، ولم يتخلف عن صلاة الجماعة، ولم يضيع زمانه في اللهو والغفلة، خاف حق الخوف من أقام الصلاة، وآتى الزكاة، وصام فرضه، وأطاع ربه، ووصل رحمه، وأمر بالمعروف، ونهى عن المنكر، وأعطى كل ذي حق حقه.
وقال الدكتور صالح بن حميد: ''إن من كان بالله أعرف كان منه أخوف وملائكة الرحمن هم أعرف بربهم يخافون ربهم من فوقهم، ويفعلون ما يؤمرون، ورسل الله وأنبياؤه هم سادات الخائفين ثم يأتي أهل العلم الربانيون فهم أهل الخشية، وكل ما كان العالم مستشعر مسؤولياته مستذكرا وقوفه بين يدي مولاه، وعلم عظم المسؤولية، وكبر الأمانة، وسعى في براءة الذمة كان خوفه من الله، وخشيته من مولاه على قدر ما يستشعر ويستحضر''. وأضاف: ''وإن مما يجسد ذلك ويبينه؛ ذلك التوجيه الراشد، والكلمة الصادقة التي خاطب فيها ولي الأمر خادم الحرمين الشريفين، وحامي حماهما وحامي الشرع المطهر خاطب فيها ـــ حفظه الله ـــ العلماء والمسؤولين في الدولة من منطلق مسؤوليته الشرعية، وإمامته الدينية فقد حفظ لأهل العلم منزلتهم وللمؤسسات الشرعية مقامها حمى حقها وصان حدودها، ووقف بحزم في منع تجاوزها أو النيل من هيبتها فمما قال ــــ حفظه الله ـــ ''فشأن يتعلق بديننا ووطننا وأمننا وسمعة علمائنا ومؤسساتنا الشرعية التي هي موطن اعتزازنا واغتباطنا لن نتهاون فيه، أو نتقاعس عنه دينا ندين الله به ومسؤولية نضطلع بها ـــ إن شاء الله ـــ على الوجه الذي يرضيه فمن واجبنا الشرعي الوقوف إزائها بحزم وقوة حفظا للدين، وهو أعز ما نملك، ورعاية لوحدة الكلمة والأمة وحسما لمادة الشر، فديننا هو عصمة أمرنا فلا أضر على البلاد والعباد من التجرؤ على الكتاب والسنة، والتصدر للفتوى من غير ذي أهلية، والدين ليس محلا للتباهي ومطامع الدنيا''.
وأكد الشيخ صالح بن حميد أن خادم الحرمين الشريفين ـــ حفظه الله ـــ كان حازما صارما في منع التجاوز على المؤسسات الشرعية والوقوع فيها وفي حملتها ومسؤوليها، وقال: ''حمى حدود الفتوى وحفظ الشرع المطهر تعظيما لدين الله من الافتئات عليه ممن يقتحمون المركب الصعب، ولم يتسلح بالعلم، ويحمل آلته المؤهلة ممن ينتسبون إلى علم أو فكر أو ثقافة أو إعلام، حيث لا يجوز أن تكون دائرة الخلاف المسموح بها شرعا سبيلا للتقول على الله أو تجاوز أهل الذكر أو التطاول على أهل العلم ففرق بين سعة الشريعة ورحمتها، وفوضى القيل والقال، والخلاف شر وفتنة، وكل من خرج عن الجادة التي استقر عليها أمر الأمة مما سنة رسول الله ـــ صلى الله عليه وسلم ـــ ومن تبعه من الصحابة ـــ رضوان الله عليهم ـــ ثم من تبعهم بإحسان من علماء الأمة، فمن خرج عن الجادة لا بد من لجمه وإيقافه عند حده، فالنفوس ضعيفة والشبه خطافة، وأضواء الإعلام محرقة، والمغرض مترقب متربص مؤكدا أحسن الله إليه، ورفع مقامه أن المؤسسات الشرعية قامت بواجبها على الوجه الأكمل، ومن أراد أن يقلل من دورها متعديا على صلاحيتها، ومتجاوزا أنظمة الدولة ناصبا نفسه لمناقشتها فيجب الوقوف أمامه بحزم ورده لجادة الصواب والتزامه باحترام الدور الكبير الذي تقوم به هذه المؤسسات الشرعية وعدم الإساءة إليها والتشكيك في اضطلاعها بمسؤولياتها لإضعاف هيبتها والنيل من سمعتها والمقصود من كل ذلك حفظ حمى الدين سيرا على ما تقتضيه السياسة الشرعية في اجتماع الكلمة وتوحيد الصف ونبذ الفرقة والاجتماع على أمر الدين ودرء الفتنة، أما الفتاوى الخاصة في أمور العبادات والمعاملات وشؤون الأسرة والأحوال الشخصية بين السائل والمسؤول والمستفتي والمفتي فهذا أمره واسع، ألا فليهنأ أهل العلم بهذا التسديد ولتقم المؤسسات الشرعية بمسؤولياتها وليخشوا ربهم ولا يخشون أحدا إلا الله، وكفى بربك هاديا ونصيرا''.

الأكثر قراءة