الحوكمة في الشركات العائلية

شملت القائمة الفرعية لأكبر عشر شركات خاصة (عائلية) بيانات مهمة على مستوى التخطيط لمستقبل تلك الشركات خاصة وعلى مستوى الاقتصاد الوطني عامة. فقد أوضحت بيانات تلك الشركات العائلية عن مؤشرات مالية مرتفعة من حيث الإيرادات والأصول، حيث بلغت 30 مليار و53 مليارا على التوالي .
والواقع أن المتابع للشركات الخاصة يجد أن أكبر نقاط الضعف في تلك الشركات هي مسألة الرقابة الداخلية والمراجعة المالية. فعلى الرغم من أن الجيل الثاني من المؤسسين يتبوأ مركز القيادة في الشركات العائلية إلا أن زخم الأعمال اليومية قد صرف أنظارهم عن المشكلات المحاسبية، فاستمر التوسع في الأعمال التشغيلية دون اهتمام بالمراجعة الداخلية. لذا فإن من أولويات تطوير الشركات العائلية العمل على تطوير آليات الحوكمة والمراجعة الداخلية، بما في ذلك تطوير نظم المعلومات المحاسبية. ولعلنا لا نبالغ القول إن الشركات العائلية، وعلى وجه الخصوص الشركات ''القابضة''، تعاني مشكلات محاسبية فنية تتعلق بالإشراف والمتابعة. فالنظم المحاسبية المستخدمة في كثير من تلك الشركات لا تتناسب مع حجم ونشاط هذه الشركات، ما يجعلها عرضة للاستغلال والاحتيال المالي.
كما أن الشركات العائلية يجب أن تبتعد عن حساسية السرية كونها شركات خاصة، فالكل يعرف أن سرية المعلومات المالية لم يعد سرياً مثل ذي قبل، فالمنتديات والمجالس تفصح عما لا تظهره القوائم المالية، ونظراً لارتباط السرية المعلوماتية بالضغط الاجتماعي، فإن الشركات العائلية يمكنها تخفيف الضغط الاجتماعي من خلال تبني مبادرات للمسؤولية الاجتماعية، خصوصاً فيما يتعلق بالتوظيف والتدريب للكفاءات الوطنية.
وفي هذا الشأن، فإن الشركات الخاصة ما زالت تعاني ''عقدة'' عدم الثقة بالقدرات الوطنية أصلاً . فالواضح أن هناك سوء فهم بين الطرفين في كيفية تأهيل القيادات وتطويرها. كما أن هناك تناقضا كبيرا في تصرفات الشركات الخاصة، فهي تعطي الغير فرصة في التعلم والخبرة، فيما تتردد في إعطاء تلك الفرصة لأبناء هذا البلد .
إن استمرارية الشركات العائلية بكفاءة وفاعلية لا يخص أصحاب هذه الشركات فقط، بل هي مسألة مهمة للاقتصاد الوطني ككل. لذا فإنه يجب على الجهات ذات العلاقة (الملاك، الغرف التجارية، وزارة التجارة، وهيئة السوق المالية) الاهتمام بتطوير الممارسات الإدارية والمالية لتلك الشركات بطريقة تحافظ على ثروة الملاك، وفي نفس الوقت تتيح للاقتصاد الوطني الاستفادة من مقومات تلك الشركات.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي