التبغ .. أرضنا خصبة !!

يصادف هذا الأسبوع اليوم العالمي للتوعية بأضرار التدخين، وعلى الرغم مما تتعرض له بلادنا من هجمة شرسة من شركات التبغ العالمية، إلا المجتمع لم يدرك تماماً هذه المشكلة ذات الأبعاد الاقتصادية والاجتماعية. وفي هذا المجال، فإن من التحديات التي تواجه إعادة وهيكلة الخدمات الصحية في المملكة الارتفاع المتزايد لنسب التدخين، وما يتبع ذلك من تكاليف باهظة لمعالجة آثار التدخين. وهذا الكلام، ليس من عندي، بل ما يتحدث به الأطباء والمسؤولون عن الخدمات الصحية في بلادنا الغالية. الأرقام والإحصائيات تشير إلى أن السعودية رابع دولة استيراداً للسجائر في العالم، حيث تستهلك السوق المحلية السعودية أكثر من 15 مليار سيجارة، بقيمة 633 مليون ريال سعودي. فإلى أين نحن ذاهبون؟!!
والواقع أن تزايد معدلات التدخين في المملكة لم يكن - في الآونة الأخيرة -تزايداً عشوائياً، ولم يكن نتيجة قناعات شخصية، بل هو نتيجة لما تقوم به شركات التبغ المعروفة من حملات تسويقية وإعلانية مسعورة في بلادنا. بل إن انتشار التدخين في بلادنا خاصة - والبلاد المجاورة عامة - يرتبط ارتباطاً كبيراً بما تواجهه شركات التبغ في الولايات المتحدة من تضييق. فهناك آراء كبيرة تؤكد أن شركات التبغ عندما واجهت انحسار التدخين في العالم الغربي، وتضييق الخناق عليها بالإجراءات التشريعية، لم تجد لها بداً من التوجه “نحو الشرق”. وللآسف، فإن شبابنا هم الهدف التسويقي لهذه الشركات.
المشكلة فعلاً مشكلة وطنية، وينبغي التعامل معها على هذا الأساس. فشركات التبغ ببساطة وجدت أرضاً خصبة فبثت سمومها بين الشباب، وساعدها الإعلام المرئي العربي، بل إن الأفلام العربية أصبحت تروج للتدخين بمقابل، وكأن هناك صفقات تجارية بين منتجي الأفلام وشركات التبغ. طبعاً للقضاء على هذه المشكلة يجب أن نعرف سبب انتشارها السريع في مجتمعنا، وهنا فإن الدراسات تقول إن السبب يرجع أساسا إلى سهولة الوصول إلى التبغ ومشتقاته في المملكة.فالكل يعرف فالكل يعرف الأسلوب التسويقي الذي تنتهجه شركات التبغ، التي لا تجد رادعاً كافياً!!!
وعلى الرغم من أن موقف وزارة الصحة من مكافحة التدخين إلا أن الوزارة وحدها لن تستطيع وقف هذا الوباء دون تكاتف الجهود الوطنية بما فيها كافة شرائح المجتمع. فظاهرة التدخين أصبحت هاجسا يؤرق المجتمع لما يسببه من آثار صحية واقتصادية واجتماعية فقد أوضحت إحصائية صادرة عن مصلحة الجمارك أن واردات التبغ إلى المملكة قد بلغت عشرة مليارات ريال والخسائر المادية لعلاج الأمراض التي يتسبب فيها التدخين قد بلغت خمسة مليارات ريال بحسب إحصاءات وزارة الصحة، أما خسائر الحريق فقد بلغت 6296 حادثاً في السنوات الثلاث الأخيرة بحسب إحصاءات الدفاع المدني. إن وقوف شركات عالمية عملاقة وراء تسويق التبغ في أرضنا يتطلب منا جميعاً الوقوف في صف واحد لتوعية شباب الوطن بالأضرار الجسيمة لهذه الآفة، فهل نحن مدركون؟!!!

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي