Author

صناديق المؤشرات ليست بديلاً لصناديق الاستثمار

|
ضمن سلسلة اللقاءات والمحاضرات الدورية، التي تنظمها لجنة الأوراق المالية في الغرفة التجارية الصناعية في الرياض بين الحين والآخر، نظمت اللجنة بالتعاون مع السوق المالية السعودية ''تداول''، محاضرة توعوية حول صناديق المؤشرات المتداولة ETFs بتاريخ 31 آذار (مارس) 2010، قدمها وليد البواردي مدير إدارة التداول النقدي في شركة تداول. صناديق المؤشرات المتداولة، هي صناديق استثمارية مقسمة إلى وحدات متساوية، يتم تداولها في سوق الأوراق المالية، على غرار أسلوب تداول الأسهم في السوق المالية السعودية ''تداول''، وذلك خلال فترات التداول، مما يميزها بجمعها بين صفات وخصائص الصناديق الاستثمارية المشتركة Mutual Funds، وبين خصائص الأسهم، ولا سيما أن صناديق المؤشرات المتداولة، تعمل وفق آلية محاكاة تتبع حركة مؤشر معين في السوق المالية، وتتطابق مكوناتها (استثماراتها) مع مكونات ذلك المؤشر نفسه، مما يفرض على مدير الصندوق الالتزام بالشفافية والإفصاح المطلق عن القيمة السوقية للصندوق في مدة لا تتجاوز الـ 15 ثانية أو ما يسمى بقيمة الوحدة الإرشادية INAV. تاريخ ظهور صناديق المؤشرات المتداولة يرجع لعام 1989، عندما كان لها أول ظهور في الأسواق الكندية، ثم تبع ذلك رواج تداولها في الأسواق الأمريكية في عام 1993، حيث زادت القيمة الصافية لأصولها في الأسواق الأمريكية، من نحو 72 مليار دولار أمريكي في عام 2001، إلى نحو 700 مليار دولار أمريكي في نهاية عام 2009، كما شهد تداول صناديق المؤشرات المتداولة رواجاً كبيراً على مستوى أسواق المال العالمية الأخرى، ونما عددها ونمت قيمتها عبر السنوات، حيث, على سبيل المثال، تصاعدت قيمتها السوقية على مستوى العالم، من 17.6 مليار دولار أمريكي في عام 1989 إلى نحو 1.035.7 مليار دولار أمريكي في نهاية عام 2009، ويتوقع لها أن تشهد خلال السنوات القليلة المقبلة، ازدهاراً ورواجاً أكبر على مستوى العالم، لكونها ـ كما أسلفت ـ تجمع بين خصائص وصفات صناديق الاستثمار المشتركة والأسهم، مما يسهل على مالكي وحداتها التعرف على أدائها من خلال المؤشرات التي تتبعها أو تحاكيها. أبرز ما يميز صناديق المؤشرات المتداولة، مقارنة بصناديق الاستثمار التقليدية (المشتركة)، شفافية الاستثمار فيها، باعتبار أنها تتبع لمؤشرات سوقية تجعل من السهولة بمكان التعرف على استثماراتها من حيث المحتوى ونسب الاستثمارات فيها، ولا سيما أن مصدري ومديري صناديق المؤشرات المتداولة ملزمين بنشر معلومات تتعلق بالإفصاح الكامل عن محتوى الصناديق والمؤشرات التي تتبعها، وإخضاعها لتقييم مستمر لمكوناتها كل 15 ثانية خلال فترات التداول لقيمة الوحدة، إضافة إلى التقييم الذي تخضع له في نهاية اليوم قيمة صافي الأصول NAV، يضيف إليها ميزة إفصاح وشفافية ممتازة مقارنة بالصناديق المشتركة. لعل ما يميز كذلك صناديق المؤشرات المتداولة سهولة ومرونة التعامل معها، حيث يستطيع المستثمر شراء أو بيع وحداتها بشكل سريع ومباشر عن طريق سوق الصناديق بالطريقة نفسها التي يتم بموجبها شراء الأسهم، كما أن وجود صانع سوق، مرخص له من قبل هيئة السوق المالية CMA، تتمثل وظيفته، في توفير السيولة في صناديق المؤشرات المتداولة، يُمكن المستثمر من بيع أو شراء وحدات تلك الصناديق في أي وقت يشاء بشكل فوري ومباشر من السوق، حيث إن وظيفة صانع السوق، هي توفير عروض مستمرة للشراء والبيع بالقيمة العادلة لأسعار الوحدات. صناديق مؤشرات التداول تتميز كذلك عن صناديق الاستثمار المشتركة، بالتكلفة المنخفضة، حيث تتمثل تكلفة التعامل بصناديق مؤشرات التداول فقط في عمولة الشراء أو البيع، كما تتميز صناديق مؤشرات التداول بتنوع أصولها المستثمرة، الأمر الذي يقلل من مخاطر الاستثمار وتقلب الأسعار، على العكس تماماً من الاستثمار المباشر في سوق الأسهم. تجدر الإشارة إلى أن الانطلاقة الأولى لصناديق مؤشرات التداول في السعودية، حظيت بقبول كبير من قبل المستثمرين في السوق المالية السعودية، حيث أعلنت السوق المالية السعودية (تداول)، عن نجاح إطلاق صندوق فالكم المتداول للأسهم السعودية (فالكم 30)، كأول صندوق مؤشرات متداول يدرج في السوق السعودية، حيث أنهى الصندوق تداولات اليوم الأول من إطلاقه بتاريخ 28 آذار (مارس) من العام الجاري، بارتفاع قيمة صافي أصوله إلى 151.783 ألف ريال، بزيادة قدرها 203.57 في المائة على قيمة الإصدار الأولي، كما بلغ عدد الصفقات لليوم الأول 5.619 صفقة تم خلالها تداول 12.845.993 وحدة بقيمة 271.328 ألف ريال. رغم الميزات والخصائص عديدة الإيجابية، التي تتمتع بها صناديق المؤشرات المتداولة، مقارنة بصناديق الاستثمار التقليدية (المشتركة)، بالذات من حيث درجة الإفصاح والشفافية، والتكلفة، والمرونة، إلا أنها كبقية صناديق الاستثمار، لا تكاد تخلو من المخاطر الاستثمارية، بالذات المرتبطة بأداء المؤشرات، التي تحاكيها تلك الصناديق وتتبعها، كما أن هناك مخاطر أخرى قد تنفرد بها تلك الصناديق، مقارنة بغيرها من الصناديق الاستثمارية الأخرى، التي تتمثل في عدم قدرة صانع السوق، على توفير السيولة اللازمة لخلق عروض مستمرة للشراء وللبيع، بالشكل الذي يحافظ على توازن السوق ويجنبها أن تكون عرضة للمضاربات، وخاصة أن السوق المالية في السعودية لا تسمح بممارسة ما يعرف بالبيع على المكشوف أو ما يعرف مصطلحاً بـ Short Selling. هناك تصور خاطئ من قبل البعض، يعتقد أن صناديق المؤشرات المتداولة، أطلقت في السوق المالية السعودية، لتحل في المستقبل وتكون بديلاً لصناديق الاستثمار (التقليدية) المشتركة، وهذا الاعتقاد أو التصور خاطئ للغاية، كما أسلفت, بسبب أن إدراج صناديق المؤشرات المتداولة جاء بهدف تعميق السوق واستحداث أدوات وقنوات استثمارية جديدة للمستثمرين، كما أن طبيعة عمل صناديق مؤشرات التداول وتوجهاتها الاستثمارية، تختلف إلى حد ما عن التوجهات والطبيعة الاستثمارية لصناديق الاستثمار التقليدية، ولا سيما أن صناديق الاستثمار التقليدية، بدأت انطلاقتها في السعودية منذ وقت مبكر جداً في عام 1997، وتمكنت من استقطاب شريحة عريضة من العملاء، بلغ عددهم نحو 356 ألف مشترك في نهاية العام الماضي، في حين بلغ عدد الصناديق في نهاية الفترة نفسها 244 صندوقاً، بقيمة سوقية بلغت نحو 89 مليار ريال، كما أن صناديق الاستثمار المشتركة، تتميز عن صناديق مؤشرات التداول على الأقل في الوقت الحاضر، بتنوع الاتجاهات والقنوات الاستثمارية Diversity، حيث تستثمر أصولها في أسواق الأسهم، وفي أسواق السلع والسندات والعقار بعملات مختلفة، كما أنها صممت في الأساس للمستثمرين، الذين ليس لديهم الوقت أو الإرادة للتعامل مع السوق مباشرة من خلال شراء أو بيع الوحدات، هذا إضافة إلى أنها تتميز بتنوع العوائد، التي تعكسها نسب مخاطر الاستثمار فيها، والله من وراء القصد.
إنشرها