Author

توصيات المؤتمر الدولي للإرهاب .. رسالة لوسائل الإعلام

|
لم يكن غريباً أن تتصدر توصيات المؤتمر الدولي للإرهاب الذي نظمته الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة تحت عنوان ''الإرهاب بين تطرف الفكر وفكر التطرف'' واختتم أعماله يوم الأربعاء الماضي توصيات تؤكد على دور الإعلام يكل وسائله في مكافحة التطرف، وخطورة هذا الإعلام إذا ما أسيئت إدارته في إيجاد مبررات تدفع إلى التطرف وما ينتج عنه من إرهاب. فمن مناشدة المؤتمر وسائل الإعلام العربية والإسلامية باحترام الهوية الإسلامية فيما تبثه وتنشره من برامج ورسائل إعلامية، وتكثيف البرامج التوعوية والحوارية والرسائل الإعلامية المثمرة حول وسطية الإسلام واعتداله وسماحته، وتجنب الانزلاق وراء ترديد ما تبثه بعض وسائل الإعلام الدولية من رسائل مغلوطة ومشوهة لصورة الإسلام والمسلمين. إلى الدعوة إلى إصلاح الخطاب الإعلامي، ووضع ميثاق شرف للقنوات الفضائية لتجنب ازدراء القيم والرموز الإسلامية، والابتعاد عن البرامج الحوارية مع أدعياء العلم الشرعي، وتجنب التغطيات الإعلامية المغلوطة التي تهدف إلى الإثارة. ثم دعوة رابطة العالم الإسلامي إلى إنشاء هيئة إعلامية إسلامية تعمل على تحسين صورة الإسلام وتتبع الرسائل الإعلامية المناوئة والمغلوطة والرد عليها مباشرة. كل ذلك يبين مدى أهمية الإعلام ودوره الأساس في حماية المجتمع من العوامل المؤدية إلى التطرف والإرهاب، عبر الابتعاد عن تحويل المجتمع إلى ساحة صراع أداتها الإعلام بكل وسائلة لإثبات سيطرة تيار دون الآخر على الساحة، أو لتصفية حسابات مع الآخرين. وخطورة الإعلام تتمثل في أنه يمكن أن يقوم بدور بارز ومؤثر في مكافحة التطرف والإرهاب، وفي الوقت نفسه قد يكون عاملا مساعداً يسوق المسوغات ويوجد التبريرات لمن لديه انحراف فكري . إن أي متابع لوسائل الإعلام العربية يجد أموراً عجيبة وصراعاً واضحاً، يتمثل في التربص بالآخر وتصيد هفواته وتضخيمها وتكرارها بطرق عديدة لاستعداء المجتمع عليه، وكأن المجتمع لا بد أن يكون منحازاً إلى هذا الطرف أو ذاك، دون النظر إلى الأغلبية التي لا تنتمي إلى أي من الطرفين. وبعض وسائل الإعلام التي لا تعمل تحت أجندة معينة، تمارس لعبة الإثارة لتحقيق الانتشار سواء للقناة أو لمن يدير برنامجاً حوارياً لا يرى وسيلة للنجاح إلا عبر عرض المتضاد والمتنافر من الإفراد والآراء، فيغلب مصلحة شخصية على مصلحة أمة، وتكون نتيجة ذلك إثارة مزيد من الشقاق والخصام والتراشق بالاتهامات التي تزيد من حالة الاحتقان. كما أن كثرة القنوات الفضائية وطول ساعات بثها جعلها تبحث عن أي شخص يملأ الفراغ، مهما كان تأهيله الشرعي متواضعاً، فتجعله في الصدارة يوجه المجتمع ويحل مشكلاته، بل ويفتي في أمور يتحرج كبار العلماء من الفتوى فيها. ولهذا فما طرحه المؤتمر من دعوة لوضع ميثاق شرف للقنوات الفضائية أمر يجب أن يُفعّل ويكون شرطاً أساسياً لا يسمح لأية قناة أن تبث عبر الأقمار الصناعية إلا بعد الالتزام به، مع وضع قواعد وتشريعات وقوانين صارمة تحكم عمل هذه القنوات.
إنشرها