اللاعب رقم 12!

على عكس المقولة الشهيرة في الأوساط الكروية أن «الجمهور هو اللاعب رقم 12» فإن بعض الشباب ممن يسعده أن يجلس على مقاعد المتفرجين مراقباً لنشاط قطاع الأعمال ومتندراً بقصص النجاح لأسماء لمعت وأخرى في طريقها, هم بالطبع لا يمثلون إلا ثروة مهدرة ورقما صعبا في معادلة التنمية والأمن الوطني، وكي نكون منصفين فمن الضروري أن نسأل أنفسنا: ماذا قدمنا لهؤلاء الشباب ليكونوا لاعبين فاعلين في منظومة الاقتصاد والتنمية؟ والإجابة باختصار «القليل»! أعلم أن هذه الإجابة ربما تكون صادمة للبعض ممن يرون في مؤسسات تمويل الشباب وحاضنات الأعمال ومراكز التقنية التي أنشأتها الدولة أو تلك التي قامت بمبادرات من القطاع الخاص وغيرها دعماً وحافزاً كافياً لانطلاقة الشباب الطموح نحو العمل الحر, والحقيقة أن لا أحد ينكر دور هذه المؤسسات وأهميتها وجهودها، لكن عندما نتحدث بلغة الأرقام فإننا نجد أن ما تحقق أقل بكثير من المتوقع أو المأمول، فعلى سبيل المثال فإن إجمالي ما تم صرفه فعلياً للمستفيدين من قروض صندوق المئوية منذ بدء نشاطه عام 2005م حتى نهاية عام 2008م 81.5 مليون ريال فقط مقارنة بأكثر من مليار ريال حصل عليها الصندوق كدعم فى حين بلغ إجمالي عدد المشاريع العاملة 463 مشروعاً، هذه الأرقام لا تنطوي بالتأكيد على شبهة تقصير من القائمين على الصندوق بقدر ما تنطوي على غياب الوعي لدى بعض الشباب بأهمية وقيمة العمل بوجه عام وبثقافة العمل الحر بوجه خاص، أضف إلى ذلك نظرة البعض الآخر إلى الدولة على أنها مصباح «علاء الدين» المسؤول عن تحقيق الأحلام دون جهد أو عناء. إننا لا نريد أن نرى أرقاماً في تقارير رسمية، بل نريد أن نرى حقائق تنعكس على واقع قطاع يمثل أكثر من نصف المجتمع.
لقد أقمنا المؤتمرات وعقدنا الاجتماعات وشكلنا اللجان وأطلقنا المبادرات وتحدثنا عن حلول دون أن نضع أيدينا على لب المشكلة، والمشكلة الأساسية في تقديري هي غياب الرؤية الاستراتيجية والعمل المؤسسي محدد الأهداف المرتبط بآليات تنفيذ وفق إطار زمني محدد، ولن يتأتى ذلك إلا من خلال مظلة حكومية تتوحد فيها الجهود والمبادرات ويشارك فيها القطاع الخاص ومؤسسات المجتمع المدني وتضم الخبراء والمختصين من القطاعين وتوفر لها الدولة الدعم والإمكانات اللازمة لتنفيذ برامجها وخططها وأهدافها.
إن ترسيخ ثقافة ومبادئ العمل الحر وتحفيز روح المبادرة والابتكار لدى الشباب والتوسع في إقامة مراكز التدريب والتأهيل العملي لتشمل طلاب المدارس والجامعات وإنشاء حاضنات الأعمال ومراكز التقنية وإعداد دراسات الجدوى وتقديم الاستشارات الاقتصادية والإدارية والتنقيب عن فرص الاستثمار الملائمة للشباب وتوفير مصادر الدعم والتمويل لها، لا بد أن تأتي في إطار مؤسسي من خلال رؤية استراتيجية واضحة وأهداف محددة.
سألت أحد أصدقائي عن المستقبل الذي يتمناه لولده .. فأجاب بلا أدنى تردد لاعب كرة!

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي