هيئة الزكاة والضرائب

يناقش مجلس الشورى هذا الأسبوع التقرير السنوي لمصلحة الزكاة والدخل في إطار تحسين بيئة العمل في الأجهزة الحكومية، وفي هذا الإطار يناقش المجلس عددا من الإجراءات التي تستهدف القضاء على الصعوبات التي تعوق عمل مصلحة الزكاة والدخل.
وعلى الرغم من أن المصلحة تمثل أحد الأركان الرئيسة للنظام الشرعي والمالي للبلد، إلا أنها لم تأخذ حقها من برامج التطوير والإصلاح الاقتصادي مقارنة بغيرها من الجهات الحكومية. المصلحة هي الحارس الأمين على أحد موارد الخزانة العامة في المملكة العربية السعودية ـ الزكاة والضريبة. وعلى الرغم من الأهمية الإيرادية للزكاة والضريبة في المملكة إلا أن هذه الأهمية لا يوازيها اهتمام بالجهة القائمة على هذا المورد الاقتصادي الضخم.
وفي هذا الجانب، فقد بلغت إيرادات مصلحة الزكاة والدخل لعام (1427 – 1428هـ) أكثر من 404 مليارات ريال . كما سجلت إيرادات زكاة عروض التجارة نموا قدره نحو 45 في المائة عن العام الأسبق وحققت أكثر من 6.5 مليار ريال. وهذه الأرقام توضح أن إيرادات الزكاة وضريبة الدخل تشكل رقماً لا يستهان به على مستوى إجمالي الإيرادات غير النفطية. بل إن بعض الإحصاءات غير الرسمية تشير إلى أن مساهمة الزكاة وضريبة الدخل تمثل تقريباً 30 في المائة من الإيرادات غير النفطية.
وعلى هذا الأساس، فإن التخطيط الاستراتيجي لإيرادات الدولة يُحتم ضرورة العناية بالضريبة والزكاة كأحد الموارد الاقتصادية المهمة للدولة. ولا شك أن تطوير وتحديث ''مصلحة الزكاة والدخل'' بصفتها الإدارة التنفيذية المسؤولة عن متابعة وتحصيل الزكاة والضريبة في المملكة يجب أن يكون نقطة الانطلاق لهذا التخطيط والتطوير. وهذا بالضرورة يتطلب إعادة النظر في هيكلية مصلحة الزكاة والدخل لتتماشى مع متطلبات المرحلة المقبلة. ومن الأمور التي ينبغي التركيز عليها في إعادة الهيكلية منح مصلحة الزكاة والدخل بعض المرونة في النواحي الإدارية والتعامل معها على أساس أنها مركز استثمار Investment Center ومصدر إيرادي ضخم ينبغي تنميته والاستثمار فيه من قبل الدولة. ومن المقترحات في هذا الشأن، تحويل ''المصلحة'' إلى ''هيئة'' مستقلة أسوة بكثير من الهيئات الحكومية التي أُعطيت هذه الميزة, وهي في واقع الأمر أقل من ''المصلحة'' من الناحية الاقتصادية والشرعية على حد سواء. ومن المقترحات أيضاَ أن تتم إدارة هذه ''الهيئة'' بالطريقة التجارية التي تتناسب مع مهام الهيئة، ولكون الزكاة والضريبة مرتبطة أساساً بالعمل التجاري.
إن إعطاء مصلحة الزكاة والدخل الاستقلالية سيعزز قدرة ''المصلحة'' على رفع كفاءة أدائها ما يزيد من حصيلة الإيرادات لخزانة الدولة. المصلحة حالياً تعاني ضخامة المهام وقلة الموارد البشرية والمادية. بل إن المصلحة تعاني ندرة الكفاءات الوطنية المتخصصة في مجال الزكاة والضريبة, حيث ينصرف كثير من المتخصصين للعمل في القطاع الخاص لما يقدمه من حوافز مادية لا تُقارن بما تعرضه المصلحة عليهم.
أعتقد أن الأهمية الشرعية والاقتصادية لمصلحة الزكاة والدخل تستدعي التركيز على تطوير ''المصلحة'', ولا سيما أن برامج الإصلاح الاقتصادي التي تتبناه حكومة المملكة في السنوات الأخيرة تتطلب وجود إدارة زكوية وضريبة فاعلة تتناسب مع المرحلة المقبلة.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي