الفقراء والمنافسة والأفكار الإبداعية تحدّد شكل الصناعة المالية الإسلامية ومستقبلها

الفقراء والمنافسة والأفكار الإبداعية تحدّد شكل الصناعة المالية الإسلامية ومستقبلها

اليوم فقط وبعد مرور ما يقارب أربعة عقود فإن الصناعة المالية الإسلامية بتفريعاتها المتعددة تبقى أمام تحد مهم، ينبغي ألا تصبح كما كانت بالأمس وهي التي ملأت الدنيا وشغلتها بحلولها وقدرتها على حل مشكلات الاقتصاد العالمي، هكذا يقول أصحاب الصناعة وربانها، أو ربما ما يمكننا أن نستشفه من هنا وهناك. قبل أيام قليلة طالب تحليل إخباري نشرته وكالة الأنباء الماليزية ''برناما'' العاملين في الصناعة المالية الإسلامية بضرورة تجديد ''فكرها'' والعمل على إيجاد حلول عملية أكثر إبداعا, فصناعة التمويل الإسلامي وفقاً للمصدر ''تتعرض في الوقت الراهن لعديد من التحديات التي تفرض العمل على تطوير أفكار جديدة ومبتكرة''. وأضافت: ''المصرفية الإسلامية يجب أن تبحث عن أفكار إبداعية جديدة... ''يجب عليها '' الاعتماد على بنوك الفقراء، والاهتمام بالتمويلات الصغيرة كمفتاح للتوسع''.

خطوة لمواجهة التحدي
بعيداً عن التحليل، وعلى أرض الواقع فإن الصناعة الإسلامية على ما يبدو بدأت بالفعل العمل على استشراف مستقبل جديد للصناعة, لا سيما مع التغيرات الاقتصادية الأخيرة الذي وضع الفقر في خانة متقدمة في كثير من أنحاء العام.
في البحرين كما في سورية فإن هناك توجهات وخطوات جدية لإنشاء بنوك للفقر ومشاريع للتمويل الصغرى, خاصة أن هذه المشاريع باتت تمثل إحدى أهم آليات التنمية الاجتماعية الاقتصادية، وهي في الوقت ذاته خطوة لمواجهة التحدي الجديد الذي ذكره التحليل الإخباري. ووفقاً لوزيرة التنمية الاجتماعية البحرينية فاطمة البلوشي فإن '' بنك الأسرة '' الذي يعد أول بنك إسلامي متخصص في التمويل متناهي الصغر في البحرين فإنه سيتعامل مع محدودي الدخل والأسر المحتاجة, كما أنه سيسهم في تطوير الخدمات التمويلية متناهية الصغر، وتطوير النموذج الإسلامي في هذه الصناعة.
الأمر نفسه نجده في سورية المتجهة بقوة نحو الصناعة المالية الإسلامية حيث تتناقل وسائل الإعلام هناك خبراً حول إمكانية إنشاء مصرف خاص للفقراء، موجهاً للشرائح الفقيرة والأشد فقراً ليمكّنها من خلق فرص عمل لها وتحسين مستوى معيشتها. وبحسب الخبر فإن الأسباب الموجبة لإحداث المصرف فهي الحد من ظاهرتي الفقر والبطالة وتخفيف وطأتها على الشرائح الفقيرة خاصة الشباب والنساء منهم وصولاً إلى الاعتماد على الذات من خلال الأنشطة المصرفية وتقديم القروض والتسهيلات والخدمات المالية المباشرة وغير المباشرة للقادرين على إدارة أنشطة مدرة للدخل. ‏

عوامل السوق المفتوحة
بالعودة إلى التحليل الإخباري الذي جاء في سياق الحديث عن واقع وآفاق قطاع المصرفية الإسلامية في ماليزيا والعالم في ختام الربع الأول من العام الجاري، فإن تحديات الصناعة لا تتوقف عند البحث عن الأفكار الإبداعية وإنما بوجود عامل آخر ربما يزيد من سخونة التحدي وهو ما يتمثل في دخول عديد من المصارف الغربية إلى مجال المصرفية الإسلامية، إضافة إلى اتساع السوق التي تتحرك فيها المصارف الإسلامية، وهو ما يفرض بحسب المصدر ''تصميم نماذج تسويق متطورة ومستدامة تحركها عوامل السوق العالمية المفتوحة''.
وفي هذا السياق يقول ألكسندر شفيتز المدير التنفيذي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في ''دويتشه بانك'': ''إن المنافسة هي ما ستحدد شكل المنتجات المبتكرة والأفكار التجارية الجديدة، التي تلبي المعايير الإسلامية، وتحقق أرباحا جيدة لكل الأطراف المشاركة فيها''.
لكن بحسب المصدر فإن المنافسة ليست بالضرورة هي الأساس في العلاقة بين الكيانات المصرفية التي تعمل في مجال المصرفية الإسلامية، وضربت مثلا على ذلك بنموذج فيه ''دويتشه بانك'' نفسه؛ حيث دخل المصرف العملاق في شراكة مع بنك الفقراء أو ''بنك جرامين''، الذي أسسه الاقتصادي البنجالي البروفيسور محمد يونس، الذي فاز هو ومؤسسه بجائزة نوبل في الاقتصاد عام 2006، والبنك الإسلامي للتنمية التابع لمنظمة المؤتمر الإسلامي، لإطلاق مسابقة لأفضل الأفكار لتطوير أنظمة العمل المصرفية الإسلامية، حيث سيحصل الفائز في هذه المسابقة على 100 ألف دولار أمريكي.

خدمة صغار المقترضين
لكن التحليل يمضي في الاتجاه ذاته ويكشف مزيدا من التحديات, فعلى الرغم من أن التمويل الإسلامي والمصرفية الإسلامية قد اكتسبا كثيرا من قوى الدفع على مدى السنوات القليلة الماضية، وزادت ''سريعا'' أعداد المؤسسات التي تقدم منتجات مصرفية تطابق مبادئ الشريعة الإسلامية كما يقول المصدر إلا أنه ما زالت هناك تحديات أساسية تواجه صناعة التمويل الإسلامي، مثل معدلات الريع على الودائع الصغيرة، ومدى قدرة المصارف الإسلامية والخدمات المصرفية المطابقة للشريعة على خدمة صغار المقترضين وأصحاب المشاريع الصغيرة.
ووفقاً لجوليا أسعد المدير العام للقروض الصغيرة في بنك جرامين، فإنه ''على الرغم من أن المصارف الإسلامية قدمت نماذج ناجحة للعمل في القطاع المصرفي بشكل عام، فإنها لم تثبت وجودها بعد في قطاع التمويل الصغير, وهو ما يتطلب منها تطوير منتجات متوافقة مع أحكام الشريعة تتلاءم مع احتياجات عملاء القروض والمشاريع الصغيرة''، حيث تفيد الدراسات في هذا الصدد بأن عددا أكبر بكثير من فقراء المسلمين في العالم يمكن أن يستفيد مباشرة من الحصول على التمويل الإسلامي.

الأكثر قراءة