البيروقراطية في العقار

يعرف الجميع دون استثناء أن البيروقراطية هي الروتين الممل والإجراءات التي ليس لها أي فائدة سوى تأخير المعاملات وتعقيدها.
والأمر المذكور سابقاً ينطبق على بعض الدوائر الحكومية لدينا المخولة بإصدار تراخيص للمشاريع العقارية، فعلى الرغم من النهوض العمراني والعقاري الذي تشهده أسواق المملكة حالياً بحيث أضحت جهة جاذبة للاستثمارات الخارجية إلا أن الملاحظ هو تعقيدات الإجراءات والكم الكبير من الأوراق والتراخيص والتواقيع والأختام لأمور ما أنزل الله بها من سلطان جعلت المستثمرين وكبار الملاك والتجار يحجمون عن التقدم اتراخيص لأخذ موافقات تستغرق المدة اللازمة لبناء وإطلاق المشروع.
فمقارنة بالأسواق المجاورة ولن نقول العالمية تجد أن أمور التراخيص ميسرة لديهم وتتم بطريقة سلسة وإلكترونية دون أدنى تعقيدات، هذا السبب جعل المستثمرين يفرون برؤوس أموالهم لتلك الدول.
ولكن بما أن ركود الأزمة العالمية أصاب تلك الدول في مقتل، وبما أن سوقنا العقاري متعاف ولله الحمد من تلك الأزمة، فقد بدأنا نلاحظ عودة رؤوس الأموال (المهاجرة) للوطن وبالتالي لا بد من إجراءات وتدابير لاحتضانها، خاصة أن عديد منهم قد شرب من كأس بيروقراطية التراخيص العقارية سابقاً.
فالمطلوب الآن وقفة جادة وفاعلة من صناع القرار لدينا مع المستثمرين لتسهيل الإجراءات، فالعائد بدون شك سيصب في مصلحة الوطن والمواطن، كما أنه لا بد من التعجيل في إنهاء البنى التحتية للأماكن المتوقع إطلاق مشاريع فيها وتطويرها بما يتلاءم مع احتياجات المطورين من جهة وتوجهات الحكومة والجهات المهنية من جهة أخرى.
إن تضافرت الجهود ويسرت الإجراءات ستجدون أن المشاريع لدينا لا تتوقف والاستثمارات المتعددة ستتزايد وسيختفي الحنق والغضب على بعض الجهات الإدارية التي يعتقد أنها تحد من الحركة التطويرية العمرانية وتضع العصي في عجلات التقدم الدائرة، فمن الظلم أن توأد الأفكار والمشاريع النيرة التي ستضيف كما أسلفت للمجتمع وللبلد الشيء الكثير.
فسوقنا العقاري الذي كان و(ما زال) واجهة براقة وجاذبة للخبرات والكفاءات حول العالم لا نريده أن يصبح اقتصاد المتناقضات، ففي الوقت الذي يكون الطلب فيه محموما على الوحدات السكنية مترافقاً بانخفاض معقول في أسعار مواد البناء تجد أن المطورين العقاريين يحجمون عن البدء بمشاريع سكنية متكاملة بحجة التراخيص.
كما أن على المنافذ الإعلامية أن تقوم بتعزيز الجانب الفكري والمنهجي في التصدي للبيروقراطية بكافة أنواعها، وما يهمنا هو الخروج بأفضل وأنسب الوسائل لتحقيق التوازن بين طرفي معادلة العرض والطلب من جهة، والاستمرار في دعم كافة الجهود من جهة أخرى، وبالأخص إطلاق قدرات القطاع الخاص ومنحه مساحة من الحرية بما يتماشى مع مصلحة المجتمع وتوجهات الحكومة.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي