الحديث المنظم في أزمة المحرم!!

الحديث المنظم في أزمة المحرم!!

أصبح المحرم اليوم يشكل أزمة حقيقية للمرأة في المملكة وفي بعض الدول العربية الأخرى وخصوصا في السفر، حيث مازالت التشريعات القانونية تصر وبقوة على إلزامية وضرورة وجود المحرم أو توقيعه بالموافقة على أوراق رسمية يطلق بعدها سراح المرأة، ويسمح لها بالسفر بعد ذلك وكما نعرف جميعا فإن ديننا الحنيف حرص على سلامة المرأة وحمايتها من جميع الأخطار سواء كانت متعلقة بسلامتها الشخصية أو بشرفها ولذلك حث الرسول - صلى الله عليه وسلم - على ضرورة وجود المحرم معها في الأسفار آنذاك لعلمه وهو الذي لا ينطق عن الهوى مدى وعورة الطريق وصعوبة السفر في ذلك الوقت حيث كانت جزيرة العرب قبائل متناحرة يقتل بعضها بعضا ويعتدون على بعضهم البعض ومن أسلمت من تلك القبائل كانت لا تزال حديثة عهد بالإسلام مما كان يجلب على المسافرين مشقة كبرى وخصوصا النساء ، أما الآن فقد أصبح السفر أسهل بكثير وأكثر أمنا نظرا لما وفرته الدولة من أمن واستقرار في جميع أنحاء البلاد ولما توفره جميع الدول الحديثة كذلك في جميع أنحاء العالم و للتطور الحديث الذي شهدته وسائل المواصلات بأنواعها برية وبحرية وجوية ووسائل الإقامة من الفنادق والشقق المفروشة والمنتجعات التي دائما ما كانت تتمتع بالحماية الأمنية الكافية من القائمين عليها ومختلف أنواع المساكن ودور الإيواء للطلاب في المدن الجامعية أو في وسط المدن وحتى المرأة أصبحت أكثر تفتحا وثقافة ووعيا وتعرف كيف تحافظ على نفسها جيداً بل إن العالم كله تغير,أعرف سيدات يعنين بأسر كاملة رغم وجود ذلك المحرم في صفوفها بالاسم ،أما الفعل والعمل في تسيير أمور الأسرة فهو من نصيبهن فقط!
وكلنا ندرك اليوم وفي زمننا هذا أن السفر قد أصبح ضرورة وحاجة ملحة لا بل انه من أساسيات الحياة كالسفر للدراسة أو السفر للعلاج أو لأي ضرورة أخرى غير الترفيه، ورغم إدراك الجميع لهذا الأمر و حينها فقط تقف في وجه المرأة مسألة المحرم كالسد العالي يمتد إلى ما طال إليه البصر ويمثل لها المحرم في هذه الحالة معضلة كبرى ولا أقول مشكلة لأنها بالفعل كذلك، لعدة أسباب منها أنها قد تكون لا تملك محرما من الأساس أو قد يكون لديها أخ أو أب متسلط يقف عائقاً في طريقها للنجاح ومصدر إحباط لها أو قد يكون هذا المحرم لا يملك الوقت للاهتمام بعائلته ومن ثم تأتي أخته مثلا تطلب منه أن يرافقها في بعثتها أو غير ذلك من ضرورات السفر وبالطبع لا يملك حينها إلا أن يرفض طلبها لأنه غير منطقي بالنسبة له أو ربما لزوجته إن كان متزوجا.

وبناء على ذلك وفي أحوال كالتي ذكرتها ألا يصبح الاستغناء عن المحرم ضرورة؟ وفي ذلك هل نحن نخالف الشريعة ؟ أليست (الضرورات تبيح المحظورات)؟ وأيضا كما قال الرسول - صلى الله عليه وسلم -: (لا ضرر ولا ضرار) وما رأي علمائنا الأجلاء في هذا الأمر؟ فالمرأة يصيبها الضرر فعلا عندما يقف المحرم عقبة كأداء في طريق دراستها ومستقبلها أو علاجها، أنا لا أتحدث عن السفر للسياحة أو للسباحة مع الدلافين أنا أتحدث عن واقع ملموس تضررت منه نساء كثيرات ومنهن من كتمن غيظهن وأخريات أصبن بمختلف الأمراض النفسية على مرأى ومسمع الجميع ورأيت منهن كثيرات من مختلف الأعمار والمستويات التعليمية، فلماذا يحدث كل هذا للنسوة في بلادنا؟ وديننا الحنيف رحيم، عادل لا يقبل بالظلم أو بالتفرقة وهو الدين الوحيد الذي يناسب كل زمان ومكان وقد أوصى الرسول - صلى الله عليه وسلم - الرفق بالمرأة لأنها هشة ضعيفة تحتاج إلى الرحمة في قوله: (واستوصوا بالنساء خيرا) كمبدأ من مبادئ حقوق المرأة التي أقرها الإسلام قبل أربعة عشر قرنا.

كل ما أتمناه أن يكون هناك على الأقل بعض الاستثناءات التي أرى أن يتم منحها لمن تستحقها من النساء حتى نتجنب وقوع الضرر بالصورة التي نراها اليوم.

* "هذه المادة منتقاة من "الاقتصادية الإلكترونية" تم نشرها اليوم في النسخة الورقية"

الأكثر قراءة