شركاتنا الاستشارية.. أيهما أهم: الهداف أم حارس المرمى؟

شركاتنا الاستشارية.. أيهما أهم: الهداف أم حارس المرمى؟

لماذا دائماً الوظائف الإدارية في شركات الاستشارات ينظر إليها كإدارة مكملة؟! واستهلاكية لا يأتي من ورائها عائد؟!! وهنا أضيف سؤالاً كي يكتمل السياق: هل بمقدور الإدارة الفنية أن تنجز عملها دون مساندة من الإدارات الأخرى المساعدة؟!!
في يقيني أنه لولا وجود مدخل بيانات متميز قادر على القراءة الصحيحة للأرقام التي تمثل عصب عمل مكاتب الاستشارات لرأينا العجب العجاب، فيكفيه وهو ينقل البيانات أن يعكس رقماً مما يطيح بالدراسة المالية من أساسها!! ولولا وجود إدارة لشؤون الموظفين تيسر وتحل مشكلات الموظفين لما ركزوا في أعمالهم، ولولا إدارة الموارد البشرية التي تقوم بتدريب وتقييم العاملين لما ارتفعت كفاءة وإنتاجية الفنيين، ولولا وجود إدارة تسير العمل اليومي بانسيابية، وتذلل جميع الصعوبات لما كان هناك فنيون ينتجون أعمالهم، ولولا وجود إدارة مالية تراقب وتقيم وتحلل وتضع الموازنات والتكاليف، لما عرفت الإدارة العليا ما إذا كانت رابحة أم خاسرة، ولولا وجود إدارة لتقنية المعلومات تذلل أي معوقات تقنية، لما خرج العمل بيسر وسهولة وسرعة، ولولا وجود إدارة للتسويق لما حصلت الشركة على عمل يقتات منه الفنيون!!
ولنا أن نتصور لو أن فريقاً للكرة لم يلعب بصورة جماعية ومتضامنة .. كيف سيكون أداؤه في الملعب؟ وهل سيكون بمقدور هدافيه أن يحرزوا أهدافاً في ظل التعاون المفقود؟ وماذا يعني هدف يسجله الهداف لو تصورنا غياب حارس مرمى قوي ومتميز قادر على صد هجمات الخصم وتسديداته؟! لا شك أن الأهداف التي يحرزها الهداف لا تساوي شيئاً في مقابل وابل الأهداف التي ستدخل مرماه .
وعندما تضطر الشركة إلى تغيير نشاطها، فإنها لا تغير موظفيها الإداريين، بل تغير الموظفين الفنيين المختصين بالنشاط، وهذا يدل على أن الإداريين هم أساس الشركة وهم رجالها . وأتساءل مرة أخرى .. هل يستقيم برج من مائة طابق بدون أساس قوي ومتين؟
وبعد هذه المقدمة الطويلة والتساؤلات التي طرحتها من الواقع، أدخل إلى صلب الموضوع فأقول إنه بينما نحن نعيش في الألفية الثالثة، والعالم كله يهتم بإدارات الموارد البشرية، وبدور التدريب وأساليب التقييم في رفع كفاءة الموظفين، وتعدد أبحاث العائد على التدريب، وابتكار مداخل جديدة للمحاسبة مثل : المحاسبة الإدارية ومحاسبة الموارد البشرية وعوائدها للشركة، فإننا لم نزل في وطننا العربي نفكر بعقلية السبعينيات والثمانينيات من القرن المنقضي .. نصفق وندفع الملايين لمن أحرز الهدف، وننسى من هيأ له الكرة لإحرازه!! ولم نزل في وطننا العربي نشكر من أعطانا الخبز، وننسى من وضع البذرة ورعاها وانتظر حتى أتت بثمارها، فمن ينصف الإداريين ( الجنود المجهولون ) في كل القطاعات في الوطن العربي، ومتى تتغير عقلية ملاك ومجالس إدارات الشركات؟!! والمحزن أن تجد هذا الفكر لدى الكثير من رجال الأعمال الذين لهم صولات وجولات، ويمتلكون باعاً طويلاً في عالم الإدارة!! هل مطلوب  ألا نطور أعمالنا، ونكبح طموحاتنا في مواصلة التطوير العلمي وإعداد دراسات عليا في الإدارة والموارد البشرية، وهل نغلق الأقسام الإدارية في جامعاتنا، ونحولها لدراسة الاقتصاد والتسويق والطب والهندسة؟هل مطلوب أن يغير الإداريون وظائفهم ويتحولون لباحثين اقتصاديين أو مهندسين أو محللين ماليين، لينالوا الرضا؟ ولماذا يترك إداري وظيفته في شركته ويفضل عليها وظيفة باحث اقتصادي في نفس الشركة؟
وقد لا يعلم كثيرون أن أغلب مشكلات الشركات هي مشاكل إدارية ( بنسبة تصل إلى 90% )؟ وإذا تحول الكل إلى العمل في نشاط الشركة الرابح، فمن سيحل إذن هذه المشكلات؟ 
من غير المنصف ولا المفيد أن تشيع هذه النظرة المجحفة وتتوسع في أغلب شركات الاستشارات في عالمنا العربي تجاه فئة الإداريين والمتخصصين في شؤون الموارد البشرية، وكأنهم فئة هامشية مكملة وغير منتجة أو مبدعة ومبتكرة!! وإذا لم يكونوا كذلك في واقع الحال، فإن من المصلحة الكبرى والفائدة المثمرة لشركاتنا أن نساعدهم لينطلقوا في أداء وظائفهم ورسالتهم، وليكونوا مبدعين مبتكرين، وهم قادرون بالفعل على ذلك.
وإذا أردنا حقاً لشركاتنا النجاح فأعطوا الإداريين حقهم وقدروا مساهماتهم الفعالة والأكيدة في نجاح الشركة، ولننظر إلى كادر الموظفين على أنهم فريق عمل واحد متكامل لا غنى له عن أي فرد فيه، ولا يمكن أن نهتم فقط بالهداف ونتجاهل حائط الدفاع وحارس المرمى .. فالكل يساهم  في إحراز وتحقيق الهدف.

عمرو عزيز عزت
 متخصص في قطاع الموارد البشرية
[email protected]

الأكثر قراءة