منعطف تاريخي في إقامة العدالة

لجنة تقصي الحقائق التي أمر خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز بتشكيلها على خلفية فاجعة جدة هي بكل المقاييس منعطف تاريخي في محاربة الفساد، وإقامة العدالة.. فمنذ زمن طويل كنا في انتظار مثل هذا القرار الشجاع الحاسم في القضايا المهمة لكشف أبعادها وإنارة الطريق لمحاسبة الفاعلين أيا كان موقفهم أو موقعهم أو كانت وظائفهم.
ولجنة تقصي الحقائق الموقرة برئاسة صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل أدركت منذ تشكيلها القيمة التاريخية لدورها وأهميته في كشف أبعاد مأساة السيول ومساءلة الذين كان لهم دور في أسبابها ونتائجها.
وهكذا خلال أيام قلائل - 3 أسابيع تحديدا - قامت لجنة تقصي الحقائق بإيداع حوالي 40 شخصا في غرف التوقيف.. وذلك بعد أن حصلت اللجنة على معلومات ووثائق تكشف تورطهم، ومنهم مسؤولون سابقون وإداريون ومقاولون ورجال أعمال.. وبناء على النصوص الصادرة بموجب مراسيم ملكية ينتظر أن يتم توجيه أربعة اتهامات للموقوفين هي:
1- استغلال النفوذ الوظيفي.
2- إساءة استخدام السلطة.
3- التربح من الوظيفة العامة.
4- الاستيلاء على المال العام.
ولم يكتف خادم الحرمين الشريفين جلالة الملك عبد الله بن عبد العزيز بتشكيل اللجنة، ولكنه يقوم شخصيا بمتابعة أعمالها ونتائجها مما يحفز القائمين عليها على القيام بدورهم المهم لكشف الحقائق.
إننا نثمن ونقدر وندرك أن مهمة لجنة تقصي الحقائق صعبة، بل في منتهى الصعوبة.. فسوف يكون أمامها أن تسأل وتستجوب وتناقش عشرات، بل مئات الأشخاص، وعليها أن تقرأ وتفحص عشرات، بل مئات الوثائق والعقود ومختلف الأوراق التي تخص التحقيق، ولكننا نثق بعمل اللجنة الموقرة بأعضائها المحترمين وبرئاسة صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل.
إن ما حدث في سيول جدة من خسائر بشرية أو مادية رهيب.. ولكن كارثة سيول جدة يجب ألا تنسينا كوارث أخرى تعانيها مدينة جدة في مختلف المرافق العامة ومنها الصرف الصحي، وتصريف الأمطار داخل المدينة والذي كان السبب الرئيس في تضخيم خسائر السيول.. ومنها مأساة الكورنيش التي تحولت فيها الحدائق والمتنزهات ومواقف السيارات إلى أبراج تناطح السحاب وتحجب رؤية البحر عن الناس، وتزيد من قتامة جدة التي كانت عروسا في الأيام الخوالي.
إننا بالطبع نعتقد أن لجنة تقصي الحقائق الموقرة ستركز جهودها على الإحاطة بكارثة السيول والمتسببين فيها.. ولكننا نتمنى أن يشمل عملها الآن أو في المستقبل القريب باقي مشاكل جدة ومآسيها وما أكثرها وما أشدها حاجة إلى عمل هذه اللجنة الموقرة بصورة مستمرة..
أتمنى استمرار أعمال لجنة تقصي الحقائق إلى أجل غير مسمى.. هناك ملفات كثيرة.. مثل لصوص الأراضي، أعداء البيئة.. ولصوص الحدائق إلخ إلخ.
ويا لجنة تقصي الحقائق: كان الله في العون.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي