Author

شبكات سككية تخدم الصناعة وتستحدث المصانع

|
عندما برزت الحاجة إلى إنشاء ميناء تجاري على ساحل الخليج لنقل البضائع المستوردة عن طريقه، إلى مستودعات شركة الزيت العربية الأمريكية «أرامكو» آنذاك، انطلقت فكرة إنشاء سكة الحديد في السعودية، حيث اشتملت الفكرة التي تقدمت بها شركة أرامكو لإنشاء خط للسكة الحديد من الدمام إلى الرياض، على إنشاء ميناء تجاري كبير، يمكنه استقبال السفن الضخمة التي تنقل مستلزمات أعمال صناعة النفط ومعداتها، فضلا عن فوائد الميناء الجمة، وصناعة البترول التي هي جزء من الاقتصاد الوطني. وعندما عرض الأمر على الملك عبد العزيز آل سعود «يرحمه الله» أمر بتنفيذ المشروع كاملا ليصل إلى العاصمة الرياض، وتم بالفعل البدء في تنفـيذ المشروع في عام 1366هـ، وفي عام 1371هـ، أقيم احتفال رسمي بافتتاح الخط في الرياض بحضور الملك عبد العزيز، طيب الله ثراه، ومن هنا نستدل على الحكمة وبعد النظر التي تتميز بهم الحكومة الرشيدة في استقراء المستقبل، وما قد يضيفه مثل هذا الخط الحديدي إلى الاقتصاد الوطني. واستمرت الدولة الرشيدة في هذه الرؤية، وحملت على عاتقها تطوير الخطوط الحديدية في السعودية، إذ تعمل في الوقت الراهن على تنفيذ عدد من المشاريع السككية، التي من أهمها الخط الذي يربط الشمال بمنطقة رأس الزور شرقي المملكة، ومشروع الجسر البري الذي يربط شرق السعودية بغربها، ومشروع قطار الحرمين السريع بين مكة المكرمة والمدينة المنورة، وغيرها من المشاريع تحت الدراسة.. وأن المتتبع للاقتصاد السعودي خلال الفترة الراهنة، يجده على الرغم من الأزمة العالمية التي حلت على السواد الأعظم من دول العالم، اقتصاد متماسك وقوي، وينمو بخطى ثابتة ومدروسة، مما يتطلب منا التفكير في استغلال مثل هذه المشاريع التي يراها البعض غير مجدية استثماريا على المدى القصير، ولكنها على المدى البعيد تضيف إضافات كبيرة لهذه البلاد الخيرة. ومن خلال هذا الاستشراف، ومع كثرة المدن الصناعية التي تتوزع في مناطق المملكة المختلفة، نجد أنه من المهم والضروري، استغلال شبكة الخطوط الحديدية العملاقة التي يجري إنشاؤها، وربطها بشبكة أخرى تتزامن معها في التنفيذ، وتعمل على ربط هذه المدن الصناعية بالشبكة الرئيسية للخطوط الحديدية، وبالتالي ربطها في الموانئ الرئيسية من السعودية.. أي على سبيل المثال ربحت الدولة عند إنشائها الخط  الحديدي الذي يربط الشمال بمنطقة رأس الزور شرقي المملكة، حيث سيساعد على خلق صناعة جديدة، تخدم الصناعات التي ستقوم في هذه المنطقة من الصناعات التعدينية، أو مثلا عند ربط المدينتين الصناعيتين الأولى والثانية في كل من الرياض والدمام بالشبكة الرئيسية للخطوط الحديدية، ستتحقق بذلك العديد من الأهداف الجوهرية التي من أهمها دعم الصادرات السعودية، التي تعتبر من أهداف الاستراتيجية الصناعية التي أقرها مجلس الوزراء أخيرا، من خلال ربط الموانئ بالمناطق الصناعية بشبكة سكة حديد، إلى جانب الإقلال من التكلفة غير المباشرة التي تنتج عن حوادث النقل البري أو فقدان العائلات لأبنائها أو من يعولها، كذلك تعمل هذه الشبكة على تخفيض تكلفة صيانة الطرقات الرئيسية الرابطة بين المدن الرئيسية والمدن الصناعية بين بعضها البعض، وبين الموانئ، والتي تستهلكها وسائل النقل الثقيل، كما تساعد عملية الربط على استغلال المدن الصناعية القائمة في مدن ومحافظات المملكة الصغيرة التي تبعد عن الموانئ الرئيسية، وتوفر الوظائف، وتقلل من هجرة الشباب السعودي إلى المدن الرئيسية طلبا للعمل، وتخفيف الضغط على طلبات الأراضي الصناعية غير المتوفرة في كل من الرياض، جدة، والدمام. إن ولاة أمرنا في هذه البلاد، وعلى رأسهم خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز، ووولي العهد الأمين الأمير سلطان بن عبد العزيز، والنائب الثاني الأمير نايف بن عبد العزيز «حفظهم الله ورعاهم» لم يتأخرون لحظة، في تقديم الدعم والرعاية، لكل ما من شأنه رفعة البلاد ورقيها في شتى المجالات، وتوفير كافة سبل الراحة.. ومن هذا المنطلق، ومن هذا المنبر الصادق الذي ساهم في طرح ومناقشة العديد من القضايا والموضوعات التي تصب في مصلحة بلادنا الخيرة، ادعوهم «أيدهم الله» إلى النظر بحكمتهم السديدة، في هذا المشروع، الذي سيلمس آثاره جيلنا القادم، وسيضيف مستقبلا إلى بنانا التحتية، ويدعم اقتصادنا الوطني.
إنشرها