رسالة ميزانية 2010: الالتزام بمواصلة برنامج الإنفاق دون استدانة

رسالة ميزانية 2010: الالتزام بمواصلة برنامج الإنفاق دون استدانة
رسالة ميزانية 2010: الالتزام بمواصلة برنامج الإنفاق دون استدانة
رسالة ميزانية 2010: الالتزام بمواصلة برنامج الإنفاق دون استدانة
رسالة ميزانية 2010: الالتزام بمواصلة برنامج الإنفاق دون استدانة
رسالة ميزانية 2010: الالتزام بمواصلة برنامج الإنفاق دون استدانة

أفاد تقرير أصدره البنك السعودي الفرنسي بأن الميزانية السعودية لعام 2010، تبعث برسالة واضحة إلى المستثمرين في القطاع الخاص مفادها أنّ المملكة ملتزمة بمواصلة برنامجها الإنفاقي التحفيزي من دون اللجوء لتمويل أيّ ديون.

وتخطط هذه الميزانية لزيادة حجم الإنفاق العام بنسبة 14 في المائة خلال السنة المقبلة، ليصل بذلك إلى مستوى قياسي مرتفع قدره 540 مليار ريال.

#2#
#3#

أوضح التقرير الذي أعده الدكتور جون إسفيكياناكيس، مدير عام وكبير الاقتصاديين في «السعودي الفرنسي» وتركي الحقيل، المدير الأعلى للقسم الاقتصادي في البنك، أن الحكومة استمرت في سعيها لتعزيز عملية التعافي الاقتصادي على أمل تجاوب القطاع الخاص، فأسعار النفط التي تراوح حالياً حول الـ 70 دولاراً للبرميل تمكّن المملكة، رغم الضغط المالي المحدود، من مواصلة خطتها الاستثمارية الخاصّة بقطاعيّ النفط والغاز القطاعات بارتياح كبير نسبياً في المدى المتوسط، إضافة إلى الارتقاء بمستوى التعليم وتطوير وصيانة البنى التحتية الضرورية لتلبية احتياجات السكان الذين هم في ازدياد مستمر.

وتتضمن ميزانية المملكة لعام 2010 اعتماد 260 مليار ريال للمشاريع الاستثمارية بزيادة 16 في المائة مقارنة بالعام الماضي، الأمر الذي يؤكد استمرار التزام الحكومة بالإنفاق المرتفع على الرغم من توقعات حدوث عجز في الميزانية للسنة الثانية على التوالي.

ومن المتوقّع أنْ تؤدي هذه الخطوات إلى مشاركة أكبر للقطاع الخاصّ وأنْ تسهم، في النهاية، في إيجاد المزيد من فرص العمل.

وقال التقرير «بوجه عام، ستتمتع المملكة بهامش واسع للمناورة على صعيد ميزانيتها خلال العقد المقبل لكنْ ثمّة بعض المخاطر المرتبطة باستمرار معدّلات الإنفاق المرتفعة.

وسنُلقي الضوء على هذه المخاطر في سياق هذا التقرير عبر تحليل السيناريوهات المحتملة للميزانية السعودية في عاميّ 2015 و2020.

وتُبرز هذه السيناريوهات مدى أهمية تنويع الاقتصاد وإيجاد فرص العمل في القطاع الخاصّ بالنسبة لنجاح الاقتصاد السعودي في المستقبل.

## أفضل بقليل من المتوقع في عام 2009

بعدما توقّعت تسجيل أول عجز في ميزانيتها منذ عام 2002، وقدّرته بـ 65 مليار ريال سعودي، خرجت الحكومة السعودية من عام 2009، بعجز أقل قدره 45 مليار ريال سعودي بفضل ارتفاع أسعار النّفط خلال الجزء الأخير من السنة.

وعندما أعلنت المملكة ميزانيتها لعام 2009، في كانون الأول (ديسمبر) الماضي، كانت أسعار النفط تتأرجح عند مستويات متدنية لم تتجاوز الـ 35 دولاراً للبرميل.

في المقابل، ارتفعت أسعار النفط خلال الجزء الثاني من العام الجاري كما نتوقّع أنْ يصل معدّلها الوسطي خلال هذا العام، إلى 62 دولاراً للبرميل.

وبفضل ارتفاع أسعار النفط، تمكّنت المملكة من تحقيق عائدات نفطية قدرها 505 مليارات ريال سعودي أي 23 في المائة زيادة على التوقعات السابقة مع تقديراتها السابقة بتحقيق 410 مليارات ريال سعودي فقط.

أما بالنسبة لعام 2010، فإن توقّعاتنا متحفّظة مقارنة بالتوقعات الأخرى، إذ نتنبّأ بأن متوسّط سعر برميل مزيج غرب تكساس سيبلغ 70 دولاراً فقط.

وتبين أنّ حجم العجز جاء أكبر من المستوى الذي توقعناه وهو تحقيق فائض يبلغ 2.3 مليار ريال سعودي.

ويرجع ذلك إلى توقعاتنا الأعلى للعوائد والتي قدرت بنحو 581 مليار ريال سعودي وذلك بفرق بلغ 15 في المائة، كما توقعنا أن يصل الإنفاق إلى 579 مليار ريال سعودي عام 2009 عندما صرفت الحكومة مليارات الريالات على خطتها لدعم الاقتصاد خلال الأزمة المالية لتجنب الركود الاقتصادي.

ويفيد تقرير «السعودي الفرنسي» أن المملكة سحبت جزءاً من أصولها الخارجية، لدعم مختلف قطاعات اقتصادها.

وعلى الرغم من تراجع هذا التوجه في وقت لاحق من العام. وفي تشرين الأول (أكتوبر) ارتفعت الأصول الأجنبية لمؤسسة النقد العربي السعودي بنسبة 2.26 في المائة ولكنها كانت أقل بنسبة 11.2 بالمائة عن المستوى الذي حققته في كانون الأول (ديسمبر) من العام الماضي وأعطت خطط الإنفاق السعودية الأولوية للتحسينات النوعية في قطاع التعليم والبنية الاجتماعية والتحتية خلال السنوات القليلة الماضية.

في عام 2009 ارتفعت ميزانية التعليم بنحو 17 في المائة لتصل إلى 121.9 مليار ريال سعودي حيث كانت المملكة تبني أكثر من مدرستين كمعدل في اليوم الواحد مع وجود خطط لبناء المزيد في العام المقبل.

ونجحت المملكة خلال العام الجاري في تقليص حجم الدين العام المحلي إلى مستويات يمكن إدارتها بيسر.

إذ يبلغ حجم هذا الدين حالياً 225 مليار ريال سعودي، ما يمثّل انخفاضاً نسبياً قدره 5 في المائة مقارنةً بمستويات عام 2008، ليبلغ نحو 60 في المائة من إجمالي حجمه في عام 2002 ــ الذي شهد بداية طفرة أسعار النفط التي استمرّت حتى منتصف عام 2008.

وتُعدّ نسبة الدين المحلي للمملكة إلى إجمالي الناتج المحلي ــ 16.3 في المائة في العام الجاري ــ من أدنى النسب في مجموعة الدول العشرين ــ ونتوقع أنْ تنخفض هذه النسبة إلى 13.8 في المائة بحلول عام 2010، مع أنها تسجّل أرقاماً مرتفعة حتى في الأسواق المتقدمة بسبب الأزمة المالية العالمية.

وسينجم هذا الانخفاض عن ارتفاع إجمالي الناتج المحلي والتراجع الصغير في صافي الدين العام، وتشير تقديرات صندوق النقد الدولي إلى أنّ نسبة الدين العام المحلي إلى إجمالي الناتج المحلي في الولايات المتّحدة سترتفع إلى 70 في المائة في عام 2010، بعدما بلغت 62 في المائة في العام الجاري. كما أنّ نسبة الدين العام المحلي إلى إجمالي الناتج المحلي في عدد من دول الخليج الأخرى أعلى بكثير منها في المملكة.

ومع أنّ المستويات المرتفعة للدين العام المحلي لا تخدم سلامة الوضع المالي، إلا أنها تُبرز الحاجة إلى إصدار سندات حكومية طويلة الأجل؛ وهي أداة مهمة لتطوير سوقيّ الائتمان والمال.

فالسندات الحكومية التي تستحق في فترات تتراوح ما بين سبع وعشر سنوات تثبّت السعر المرجعي المحلي للفائدة، الذي يعدُّ ضرورياً لتطوير سوق قويّة لسندات الشركات الخاصّة ـ لأنّ مستثمري القطاعيْن العام والخاص ينفذّون حالياً مشروعات طويلة الأمد في البنى التحتية والمرافق.

## سعر الفائدة

ويساعد ثبات سعر الفائدة المرجعي المحلي في ضمان استقرار قيَم السندات وقد يُمكّن الشركات التي تُصدِر سندات من تلافي تقييم سنداتها، على أساس اللوائح الأمريكية.

ولتحفيز أسواق السندات المحلية، أصدر العديد من الدول سندات حكومية طويلة الأجل حتى في حال عدم حاجتها إلى إيرادات تلك السندات.

فعندما يُثبَّت سعر الفائدة المرجعي المحلي، تصبح الشركات والبنوك قادرة على الاقتراض بفاعلية أكبر وتزدهر أسواق المال كما تظهر ثقافة تبادلية محلية قوية، بالإضافة إلى إتاحة المزيد من أدوات إدارة السيولة أمام البنوك.

ولا بدّ من البدء بتطوير هذه الثقافة، مع أنه سيستغرق بعض الوقت.

ورغم الركود الاقتصادي العالمي، بدا الحساب الجاري أيضاً قوياً خلال عام 2009. فقد سجّلت المملكة فائضاً في الحساب الجاري قدره 76.7 مليار ريال ـ وهو أعلى من المستوى الذي توقعناه وقدره 12.8 مليار ريال سعودي.

ومع أنّ هذا الفائض أقل بكثير من المستوى القياسي المرتفع الذي سجّلته المملكة في عام 2008، والبالغ 496 مليار ريال سعودي؛ إلا أنها استطاعت تفادي العجز في حسابها الجاري بفضل عائداتها النفطية المرتفعة خلال الجزء الأخير من السنة، بالإضافة إلى انخفاض تكاليف الواردات بسبب تراجع أسعارها وضعف الطلب عليها.

## الصادرات السعودية

بلغت قيمة الصادرات السعودية نحو 691.6 مليار ريال وذلك بناء على تقارير وزارة المالية، أي بانخفاض قدره 41 في المائة عن مستويات 2008.

كما تراجعت الواردات بنسبة 21 في المائة لتصل إلى 301.3 مليار ريال سعودي وهو أقل بقليل من توقعاتنا والتي كانت 333.308 مليار ريال سعودي أضف إلى إن ذلك يشكل أكبر تراجع في سنة واحدة في 15 سنة.

لا نشعر بالقلق حيال تراجع الواردات لأن النسبة للصادرات لا تزال إيجابية. ونما الاقتصاد السعودي بنسبة 0.15 في المائة عام 2009، طبقاً لتقديرات وزارة المالية الواردة في وثيقة الميزانية؛ وهو أعلى من نسبة الانكماش التي توقعناها وهي 0.9 في المائة.

ويُعزى ذلك، بالدرجة الأولى، إلى تراجع عائدات النفط، كنتيجة محتملة للاستثمارات الضخمة في قطاعي النفط والغاز في إطار التزام الحكومة باستثمار 130 مليار دولار لزيادة الإنتاج في السنوات الخمس القادمة، بالإضافة إلى تباطؤ القطاع غير النفطي.

ومن وجهة نظرنا، سينمو الاقتصاد السعودي بنسبة 4 في المائة في عام 2010، لأنّ معدلات إقراض القطاع الخاصّ بدأت تعود إلى مستوياتها الطبيعية ولأنّ الإنفاق العام السخي سيُحفّز الاقتصاد.

#4#

## إجمالي الناتج المحلي

إجمالي الناتج المحلي جاء متوافقاً مع توقعاتنا، فقد ارتفع القطاع غير النفطي بنسبة 3 في المائة بما في ذلك زيادة 4 في المائة في القطاع الحكومي (مقابل توقعاتنا التي كانت 3.8 في المائة) وزيادة بنسبة 2.5 في المائة في القطاع الخاص (متطابقاً مع توقعاتنا).

أما قطاع المواصلات والاتصالات فقد شهد نموا أسرع بلغ 6 في المائة ونحو 3.9 في المائة نمواً في قطاع الإنشاءات. أما القطاع الصناعي فقد نما بوتيرة أقل عند 2.2 بالمائة.

وشهدت قطاعات المال والتأمين والعقارات نمواً بنسبة 1.8 في المائة. قطاعات الكهرباء والغاز والمياه نمت بنسبة 3.4 في المائة في المقابل نمت قطاعات الجملة والبيع بالتجزئة والمطاعم والفنادق فشهدت نمواً بلغ 2 في المائة، الأمر الذي لا يدعو للدهشة نظراً لكونها سنة صعبة على المستهلكين والبائعين على حد سواء.

وساهم القطاع الخاص بنسبة 47.8 من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2009 مقارنة بنحو 46 في المائة في عام 2008.

ويقدر البنك السعودي الفرنسي أن ينمو الاقتصاد السعودي عام 2010 بنسبة 4 في المائة لأن قروض القطاع الخاص ستشهد تعافياً ملحوظاً وبسبب الخطة الحكومية لتحفيز الاقتصاد.

## الاهتمام بالتضخم

غاب الاهتمام بالتضخم عام 2009، لأنّ معدله البالغ 4 في المائة أقل بكثير من المستوى القياسي المرتفع الذي سجّله في عام 2008، وقدره 9.9 في المائة.

مع ذلك، قد تؤدي الأسعار الناجمة عن نقص المساكن والارتفاع المطّرد في تكاليف الواردات إلى إبقاء معدلات التضّخم، عند مستويات تاريخية مرتفعة في عام 2010.

وجاء معدّل التضخم الحقيقي أقل من توقعاتنا في عام 2009، وهو 5.1 بالمائة. أما بالنسبة للسنة المقبلة، فإننا نتوقّع أنْ ينخفض معدّل التضخم في المملكة إلى 4.6 في المائة.

## السنة المقبلة: ميزانية تحفيزية

تعتزم الحكومة السعودية الاستمرار أيضاً في دعم تعافي اقتصاد البلاد في عام 2010. وتمثل ميزانية عام 2010، زيادة نسبية قدرها 13.7 في المائة في مستوى الإنفاق العام؛ إذ تبلغ 540 مليار ريال.

وتخصص هذه الميزانية لتطوير التعليم وتنمية الموارد البشرية 137.6 مليار ريال سعودي مقارنة بـ 121.9 مليار ريال عام 2009 ومن المتوقّع أنْ تزداد الميزانية الدفاعية، حيث بلغت 154.8 مليار ريال خُصّص معظمها لتغطية الرواتب التي أُنفقت في الاقتصاد المحليّ وكان لها آثار مضاعفة واضحة.

وركّزت الحكومة السعوديّة على وضع برنامج للإنفاق لخلق وظائف جديدة والحؤول دون دخول الاقتصاد في فترة ركود طويلة.

وفي ما يتعلّق بالميزانيات السعودية، هناك حقيقة قائمة وجديرة بالترحيب تتمثّل في أنّ الإنفاق نما بوتيرة أسرع بكثير من وتيرة نمو الإنفاق الجاري خلال السنوات الأخيرة. حيث تضاعف سبع مرّات خلال الفترة بين 2000 و2008، بينما نما الإنفاق الجاري في الفترة نفسها بنسبة 79 في المائة.

ويعكس هذا النمط الإنفاقي حرص الحكومة السعودية على تعزيز كفاءة وإنتاجية الاقتصاد الوطني على المدى البعيد.

ومع أنه من المبكّر إصدار أي حكم نهائي على الإنفاق الرأسمالي الحكومي، إلا أنه ينبغي أنْ يترك آثاراً إيجابية ملموسة على إجمالي الناتج المحلي. وارتفع حجم الإنفاق العام السعودي بأكثر من الضعف بين عاميّ 2000 و2009، كما نتوقّع أنْ يرتفع بأكثر من الضعف مجدّداً بحلول عام 2020.

وسيعتمد هذا، بالطبع، على معدلات توسيع الحكومة السعودية لميزانياتها خلال السنوات المقبلة. لكنْ ثمّة مخاطر حتميّة للإنفاق العام المفرط بوتيرة أسرع مما ينبغي. فالحد الأدنى لمتوسط سعر النفط الذي يمكّن المملكة من وضع ميزانيات متوازنة يرتفع كلما ازداد عدد السكان الذين يحتاجون إلى رعاية الدولة، وكلما برزت الحاجة إلى مزيدٍ من البنى التحتية.

وتخطط وزارة الكهرباء والماء السعودية وحدها لاستثمار 300 مليار ريال في توليد الكهرباء خلال السنوات العشر المقبلة، لتلبية الطلب المحلي المتزايد الذي ينمو بمعدّل 8 في المائة سنوياً. وتشير التقديرات أيضاً إلى أنّ المملكة ستحتاج إلى استثمار قرابة 200 مليار ريال حتى عام 2020، لتعزيز قدرتها على تحلية مياه البحر.

وقد تحتاج المملكة في الفترة نفسها أيضاً إلى استثمار 200 مليار ريال إضافية في نظاميّ النظافة العامّة والصرف الصحي.

ويُتوقع أن يزداد حجم الإنفاق العام السعودي في المدى المتوسط لأنّ المملكة تنفّذ برنامجاً استثمارياً خمسياً لتحفيز الاقتصاد تبلغ قيمته 400 مليار دولار، في الوقت الذي بدأ يتعافى فيه الاقتصاد العالمي من حالة الركود. لكنْ يبدو أنْ المملكة قد تخفف وتيرة نمو ميزانيتها خلال السنوات المقبلة لكيلا تُضطر إلى تقليصها، بعدما ازداد حجمها بأكثر من الضعف خلال السنوات الخمس الأخيرة.

## مستويات هائلة من الإنفاق

لا ريب في أنّ السنوات القليلة المقبلة ستشهد مستويات هائلة من الإنفاق العام الذي قد يساعد في دعم التوسيع المستدام للقطاع الخاصّ. هنا، يتمثل العامل الحاسم بحدوث الأثر الإيجابي المتوقع للإنفاق العام في القطاع الخاصّ. إذ نعتقد أنّ معظم منافع هذا الإنفاق تقتصر حالياً على بضع شركات كبيرة تنشط في قطاعات محدّدة، ما يجعل من الصعب على الشركات الصغيرة والمتوسطة أنْ تستفيد من الأموال العامة التي تُضخّ في الاقتصاد المحلي.

وقد بدأت الشراكات العامّة ـ الخاصّة تؤدي دوراً بارزاً في قطاع الماء؛ وهذا أمرٌ مشجّع. لكنّ الآثار الإيجابية المضاعفة للإنفاق العام السخي على القطاع الخاصّ لا يمكن أن تظهر إلا إذا تعزّزت مشاركة الشركات الصغيرة والمتوسطة، في مجمل الاقتصاد الوطني.

## ين ستذهب الأموال؟

عام 2008، حيث كانت المملكة تكافح ضدّ معدلات التضّخم المرتفعة، تعهّدت الحكومة السعودية برفع رواتب موظفي القطاع العام عبر إقرار علاوة غلاء المعيشة التي أضافت 5 في المائة إلى رواتب موظفي القطاع العام، لمدّة ثلاث سنوات ستنتهي في العام القادم.

وحتى بعد انتهاء هذا البرنامج في عام 2011، نستبعد حدوث أيّ انخفاض كبير في قيمة بسبب الزيادة في وظائف القطاع العام لأنّ عدد موظفي الخدمات المدنية (وليس كامل القطاع الحكومي) ارتفع في عام 2008 وحده بنسبة 8.4 في المائة.

في المقابل، ارتفع عدد هؤلاء الموظفين بين عاميّ 2000 و2007، بنسب راوحت من 2 في المائة إلى 3 في المائة.

ويمكن اعتبار زيادة عام 2008، إجراءاً استثنائياً لأنّ معدّل التوظيف في القطاع العام ظل منخفضاً لسنوات عديدة، نظراً إلى إدراك صنّاع السياسة بأنّ القطاع العام ليس الملاذ الأخير للتوظيف.

وسيشهد العام الجاري بعض الإنفاق الإضافي على الرواتب لأنّ الدولة ستدفع هذه السنة لموظفي القطاع العام رواتب 13 شهراً (بدلاً من 12)؛ وهو ما تقوم به مرّةً واحدة كلّ ثلاث سنوات بحسب التقويم الهجري.

وتُعدُّ فاتورة الرواتب السعودية مرتفعةً للغاية مقارنة بإجمالي الإنفاق العام. فخلال سنوات ما قبل الازدهار، كانت فاتورة الرواتب تمثّل أكثر من نصف إجمالي الإنفاق الجاري. أما الآن، فإنها تبلغ 43 في المائة تقريباً ـ وهذا مبلغ كبير نظراً إلى الاحتياجات المستقبلية الكبيرة من الإنفاق.

يشير التقرير إلى أن السلطات السعودية اتخذت إجراءات مناسبة لترشيد بعض أشكال الإنفاق الموسميّ، ولا سيما الدعم الحكومي الذي شكلّ عبئاً مالياً متراكماً على خزانة الدولة.

فقد بلغ حجم الدعم الحكومي للأرزّ الذي استمر على مدى سنتيْن وألغي قبل أيام، أكثر من 1.1 مليار ريال سنوياً. وفي كانون الثاني (يناير) 2009، قلّصت الحكومة مستوى دعم الشعير من 200 دولار للطنّ المتري إلى 80 دولاراً كما قلّصت دعمها لعلف الذرة ومكونات العلف الأخرى. إنّ الاقتصاد السياسي للدعم الحكومي في المملكة مركّب وقوي ويشتمل، بالتالي، على بعض أشكال الدعم الحكومي الهائل.

لكنّ تكلفة الدعم الحكومي للمرافق العامة ومشتقات النفط أصبحت باهظة وهي مرشّحة بقوّة لمزيد من الارتفاع. إذ تُعدُّ تعريفتا الكهرباء والماء في المملكة الأدنى في العالم وتبلغان على التوالي، 0.10 ريال للمتر المكعّب و0.12 ريال سعودي لكل كيلو واط/ ساعة.

#5#

## عائدات النفط

مثلت عائدات تصدير النفط الخام 89 في المائة من إجمالي إيرادات المملكة في عام 2008. وعلى مستوى دول الخليج العربية، تأتي المملكة في المرتبة الثانية فقط بعد الكويت على صعيد درجة الاعتماد على الصادرات الهيدروكربونية.

ولطالما بذلت المملكة جهوداً جبارة لتعزيز دور القطاع غير النفطي عبر تمويل مشروعات لتطوير البنى التحتية واتخاذ الخطوات اللازمة لتوفير المهارات المناسبة، من أجل إيجاد المزيد من فرص العمل.

وبفضل هذه الجهود، نتوقّع أنْ تنخفض درجة اعتماد المملكة على عائدات النفط الخامّ بعض الشّيء خلال السنوات العشر المقبلة إلى 84 في المائة في عام 2015 وإلى 81 في المائة في عام 2020.

وبما أنّ القطاع غير النفطي سيساهم بأقل من خُمس إجمالي إيرادات المملكة في عام 2020، ستبقى المملكة شديدة التأثّر بتقلّبات أسعار النفط لأنّ عائدات هذا المورد ستواصل تغطية الجزء الأكبر من احتياجاتها الإنفاقية المتزايدة.

ولطالما تعاملت المملكة مع وضعها المالي من خلال مقاربة «موازنة الدورة المالية» ـ حيث تدّخر الدولة الأموال وتستثمرها في أصول قليلة المخاطر أثناء فترات ارتفاع أسعار النفط، ثمّ تستخدم هذه المدّخرات أثناء فترات تدني أسعاره.

ونظراً إلى وصول حجم الإنفاق العام إلى مستوى قياسي مرتفع حالياً، فإنّ تحلّي الحكومة بالحصافة يكتسي أهميّة متزايدة عند تحديد النمو الكافي في الميزانية لتلبية احتياجات سكانها الذين هم في ازدياد مستمر.

## رصد وتحليل نقاط الضعف

يُعدُّ سعي الاقتصاد العالمي لتعزيز وتيرة تعافيه مبرراً كافياً للميزانية السعودية الموسّعة ولهذا المستوى المرتفع من الإنفاق العام.

إلى ذلك، يربو معدّل النمو السكاني في المملكة على 2 في المائة سنوياً ومن المتوقع أن يصل عدد سكانها إلى 29 مليون نسمة بحلول عام 2015، وقد يناهز الـ 32 مليون نسمة بحلول عام 2020، طبقاً لتقديراتنا.

وفي ميزانيتها الأخيرة، رفعت المملكة حجم إنفاقها المستهدَف بنحو 13.7 في المائة إلى 540 مليار ريال في عام 2010، في مقابل 475 مليار ريال سعودي في عام 2009، لتعتمد بذلك أضخم ميزانية عامّة في تاريخ البلاد.

بوجه عام، ستتمتع المملكة بهامش واسع للمناورة على صعيد ميزانيتها خلال السنوات القليلة المقبلة لكنْ ثمّة بعض المخاطر الأكيدة المرتبطة باستمرار معدّلات الإنفاق المرتفعة. وسنُلقي الضوء على هذه المخاطر في هذا التقرير عبر تحليل السيناريوهات المحتملة لميزانية المملكة في عاميّ 2015 و2020.

ويبدو من المرجّح أن الإنفاق العام السنوي سيناهز أو يفوق التريليون ريال بحلول عام 2020. وهذا عبء مالي هائل ينبغي على المملكة أنْ تتعامل معه بحذر إنْ كانت تريد عدم الدخول في دورة أخرى من العجز في الميزانيات.

فخلال الفترة الممتدة بين عامي 1983 و2002، لم تواجه المملكة عجزاً في الميزانية إلا في سنة واحدة.

ولتحديد المخاطر التي ستواجهها المملكة إنْ وسّعت ميزانياتها بوتيرة أسرع مما ينبغي، طوّرنا ثلاثة سيناريوهات محتملة لحجم ميزانيتها في عاميّ 2015 و2020، وذلك استناداً إلى وتيرة نمو الإنفاق العام التي ستسمح بها المملكة.

الأكثر قراءة